دخلت المفاوضات بين القوى السياسية اليمنية فى طريق مسدود بعد أن فشل الطرفان الأقوى على الساحة السياسية "الحوثيون وحزب المؤتمر" فى حل خلافاتهما بشأن شكل المجلس التشريعى، الذى سيقود المرحلة الانتقالية خلال الفترة القادمة. وكانت المفاوضات، التى استمرت أسبوعين وتخللتها فترة توقف بسبب إصدار الحوثيين الإعلان الدستورى من جانب واحد للضغط على القوى السياسية، قد تم استئنافها برعاية جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، وانتهت لحصر الخلافات فى شكل الهيئة التشريعية الأنسب لإدارة المرحلة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وحاول مبعوث الأمين العام حل الخلاف واجتمع الطرفان فقط يومى السبت والأحد برعايته، ولكن فشلت المفاوضات بينهما مما حدا بحزب المؤتمر لإصدار بيان يبرىء فيه نفسه أمام اليمنيين والدول الخارجية ويشرح تطورات المفاوضات والتنازلات التى قدمها للتوصل لحل. وأكد الحزب، فى تصريح لنائبه الأول نشره موقعه الرسمى، تمسكه وحلفاؤه بالدستور والشرعية البرلمانية فى حل الأزمة الناتجة عن استقالة الرئيس ورئيس الوزراء، وأنه على استعداد للمشاركة فى أى مفاوضات مقبلة فى ظل الشرعية الدستورية، وألقى بالكرة فى ملعب الحوثيين وهو الموقف الذى كان يتمسك به منذ بدء الأزمة. وقد راعى الحزب تخوفات القوى السياسية اليمنية من هيمنته على مجلس النواب فقدم اقتراحات تضمنت توسيع مجلس الشورى لضم كافة القوى غير الممثلة فى مجلس النواب، وعلى رأسهم الحوثيون، وهو ما يتضمنه اتفاق السلم والشراكة ليصل عدد أعضائه إلى 250 عضوا، بالإضافة إلى 301 عضو أعضاء مجلس النواب ليصل عدد المجلسين إلى 551 عضوا، وهو العدد الذى تضمنه الإعلان الدستورى الحوثى. كما تضمن الإعلان الدستوري أن يكون أعضاء الشورى من غير الممثلين بالنواب، وهم (الحوثيون والحراك الجنوبى والمرأة والشباب وزاد المؤتمر)، واقترح تسمية اجتماع المجلسين بالمؤتمر الوطنى الانتقالى على أن يتولى السياسات العامة فى البلاد والقضايا الوطنية الكبرى ويتخذ القرارات المصيرية، ويصدر القوانين فى المرحلة الانتقالية، إلا أن الحوثيين رفضوا اقتراحه. ويبدو أن الحوثيين يسيرون فى اتجاهين هما المشاركة فى المفاوضات والمضى قدما فى تنفيذ بنود الإعلان الدستورى الذى أعلنوه منذ 10 أيام من جانب واحد ويعطى للجنة الثورية برئاسة محمد على الحوثى المقرب من زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثى سلطة حاكم البلاد، حيث اجتمع بالأمس أعضاء اللجنة برئاسته، وناقشوا موضوعات تهم الوضع الداخلى. ويأتي هذا بالإضافة إلى اجتماع اللجنة الثورية اليوم مع أعضاء مجلس النواب المنحل الراغبين فى الانضمام للمجلس الوطنى وسط توقعات بإعلان أسماء أعضاء المجلس خلال أيام قليلة، وبعدها يسمى المجلس أعضاء المجلس الرئاسي واسم رئيس الوزراء الذى سيكلف بتشكيل حكومة الحوثيين، مما يضع القوى السياسية فى مأزق وتعلن انتهاء المفاوضات واللجوء للشارع للاحتجاج على الممارسات الحوثية، مما يدخل البلاد فى أجواء ثورة 2011 وتطورات تنهك الاقتصاد اليمنى، الذى يعانى أصلا من صعوبات كثيرة بعد امتناع الدول المانحة، وخاصة دول الخليج، من تقديم أية مساعدات لليمن لاستيلاء الحوثيين على السلطة. ومن المتوقع أن يرفض الحوثيون ما جاء فى قرار مجلس الأمن أمس، وسيمضون فى تنفيذ إعلانهم الدستورى لأن موافقتهم على هذه الشروط ستظهرهم فى موقف الضعيف، وهو ما يرفضونه مما سيجعل هناك إمكانية أن يلجأ المجلس بعد ذلك إلى عقوبات ضمن الفصل السابع من الميثاق. وجاءت التطورات التى يشهدها جنوب البلاد، بعد ما حدث فجر اليوم بمدينة عدن لتلقى بمشاكل كبيرة أمام الحوثيين.. ويبدوا أن اللجان الشعبية فى الجنوب والتى تشكلت فى أعقاب ثورة 2011 لحماية المنشأت الحكومية وممتلكات المواطنين لعدم وجود جيش أو أمن قد قررت إتباع أسلوب الحوثيين فى السيطرة على صنعاء وقامت بمحاصرة القواعد العسكرية والأمنية والتلفزيون واستولت على التلفزيون ومعسكر الأمن المركزى وعدد من القواعد العسكرية فى محافظاتالجنوب، ولم تجد مقاومة كبيرة من جانب قوات الأمن ولم تعبأ اللجان الشعبية بطلب اللجنة الثورية فى اجتماعها أمس من اللجنة الأمنية العليا بعقد اجتماعات لبحث سيطرة تنظيم "القاعدة" على عدد من المواقع والألوية العسكرية واتخاذ ما يلزم. وهذه المشكلة تضاف إلى الوضع المتأزم الذى يواجهه الحوثيون فى محافظات الوسط، خاصة مأرب والبيضاء والهجمات التى يتعرض لها عناصرها فى البيضاء من قبل القبائل المدعومة من القاعدة، مما يجعلهم فى موقف ضعيف سيؤثر بلا شك على مخططاتهم. ويظهر موقف الجيش إزاء هذه التطورات، والذى يحرص الحوثيون على استمالته إلى جانبهم، بشكل غير واضح خاصة فى ظل ما تسربه مواقع إخبارية مقربة من الحوثيين أو معارضة لهم من أنهم طلبوا منه قصف مواقع القاعدة والقبائل فى مأرب، وهو الأمر الذى رفضه الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادى، كما رفض القبول بالضغوط لتمرير هذا الأمر.. ويبدوا أن الجيش لن يقوم بتنفيذ هذا الطلب إذا وجهه له الحوثيون سواء كان الطلب فى مأرب أو محافظاتالجنوب، وستبقى كل المشاكل موجودة أمام الحوثيين الذين سعوا لإدارة البلاد بدون تفويض شعبى، كما تصدوا لمحاربة تنظيم القاعدة ولم يدركوا حجم الصعوبات التى تواجههم فى ذلك، وسينظر الشعب لهم على أنهم السبب فيما وصلت إليه البلاد من أزمات اقتصادية ومعيشية وأمنية. ولم يتحدد بعد ما إذا كانت المفاوضات بين القوى السياسية ستستمر بعد هذه التطورات وقرار مجلس الامن.. أم سيكون الحل من خلال فرض الأمر الواقع بالقوة مثلما فعل الحوثيون قبل ذلك، ومن أى جانب سيكون فرض الأمر الواقع.