أودعت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد فهيم درويش، حيثيات حكمها فى قضيه الاستيلاء على أرض جزيرة البياضية بالأقصر. وقالت المحكمة إن وقائع هذه القضية تكشف ان مصر كانت تحكمها عصابة مجرمة يتزعمها رئيس الدولة ورئيس ديوانه اللذان كانا يتابعان عمليات نهب مصر، حيث تحولت مصر تحت نظام الحكم التسلطى الى عزبة لا مالك لها سوى هؤلاء الاشرار الذين مارسوا بوحشية اغتصاب كل شىء على مدى سنوات سوداء طالت لأكثر من 30 عاما، فاستباحوا الوطن بأسوأ مما يفعل الغزاة واغتصبوا الموارد والثروات وتصرفوا فى البلاد كصاحب العزبة العابث. وقاد هذا النظام الفاسد فرعون العصر الحديث، وكان يأمر وزراءه وأتباعه فيطيعوه فاستخف بعقولهم وأغرق مصر فى وحل الديون، فبيعت أصول مصر بثمن بخس لعدد قليل من المفسدين فى صفقات مشبوهة بذريعة تشجيع السياحة والاستثمار. وأشارت المحكمة إلى أن المتهم الأول عاطف عبيد أساء استغلال وظيفته ووافق على بيع احدى ثروات مصر القومية، وآثر مصلحة المتهمين على مصلحة البلد، أما المتهم الثانى يوسف والي، فتمادى فى سلوكه الإجرامى وتجاهل تقرير لجنة شئون البيئة والذى انتهى إلى أن الارض محمية طبيعية ولا يجوز التصرف فيها، بينما خالف المتهم الثالث احمد عبد الفتاح القواعد والتشريعات رغم علمه بها وانساق لارضاء رؤسائه على حساب المصلحة العامة. ونفذ المتهم الخامس سعيد عبد الفتاح مخططهم الاجرامى فباشر اجراءات التسجيل للعقود رغم علمه بعدم جواز التسجيل لأن الارض محمية طبيعية. اما المتهم السادس حسين سالم، فقد استغل علاقته مع رئيس الدولة السابق مبارك وأخذ يعيث فى الارض فسادا دون وازع من ضمير ودون رقيب أوحسيب. واطمأنت المحكمة لعدم توافر القصد الجنائى فى حق اللواء محمود عبد البر، وأن توقيعه على العقد النهائى نيابة عن وزير الزراعة لا يعد مخالفة ادارية ولا يبلغ مبلغ الجريمة، لذا قضت ببراءته. وقد كشفت أوراق القضية عن جرائم أخرى عديدة اتبعت فيها طرق وأساليب شيطانية غير قانونية من أجل اهدار المال العام بالتحايل والتزوير والمراوغة وباضفاء شرعية قانونية زائفة، بل بإصدار قرارات دون التفات لمصلحة الدولة والأجيال القادمة فى ظل فساد الدولة، فقد انهارت منظومة القوانين وانعدمت المحاسبة والرقابة واخترقت اجهزة يفترض انها مستقلة وسيادية فى ظل جهاز ادارى متخلف ومترهل يؤمر فيطاع، حيث ازداد معدل الفقر والبطالة وساءت الخدمات وانشغل النظام بمسألة توريث الحكم وباتت ثروة مصر فى أيدى فئة قليلة من العابثين بأمن مصر واقتصادها وساد الظلم الاجتماعى، ولم يعد من المقبول الاستمرار حتى غرق السفينة، وكانت ثورة 25 يناير سببا فى تفجير تحقيقات قضائية واسعة كانت طى الكتمان والادراج، قضايا هائلة عن اراضى الدولة التى تم نهبها. وقد اضافت المحكمة ان المتهمين أضاعوا الأمانة التى حملوها بدلا من صيانتها ومصالح الدولة العليا المعهودة اليهم بموجب الثقة التى منحت لهم، بالموافقة على منح رجال الاعمال تسهيلات والاستيلاء على الارض رغم عدم جواز التصرف فيها بالبيع، مما تسبب فى ضرر عمدى بالمال العام تمثل فى الفارق بين سعر البيع والسعر وفقا للقيمة السوقية، مما عاد على رجل الأعمال حسن سالم ونجله خالد، المتهمين فى القضية، بالربح والمنفعة. واختتمت المحكمة الحيثيات بعدة توصيات، أولها أن القضاء فى كل أمة من مقدساتها وملاذا للمظلومين وسياجا للحريات وحصنا للحرمات، وويل لأمة لا يوقر قضاؤها ولا يصان استقلالها فى اداء واجبه واعادة النظر فى تشريعات المنظمة للتصرف فى المال العام وأصول الدولة وجميع القرارات الوزراية التى صدرت فى ظل النظام السابق واستقلال الجهات الرقابية.