أودعت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد فهيم درويش أسباب حكمها في قضية الاستيلاء على أرض جزيرة البياضية بالأقصر، والتي قضت فيها بسجن عاطف عبيد ويوسف والي 10 سنوات وحسين سالم ونجله خالد وأحمد عبد الفتاح 15 سنة؛ لثبوت اتهامهم بتربيح الغير وتسهيل الاستيلاء على المال العام بمنح حسين سالم ونجله أرض جزيرة البياضية بالأقصر التي تعدّ محمية طبيعية. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن وقائع هذه القضية تكشف أن مصر كان يحكمها عصابة مجرمة يتزعمها رئيس الدولة ورئيس ديوانه، اللذان كانا يتابعان عمليات نهب مصر؛ حيث تحولت مصر تحت نظام الحكم التسلطي إلى عزبة لا مالك لها سوى هؤلاء الأشرار الذين مارسوا بوحشية اغتصاب كل شيء على مدى سنوات سوداء طالت لأكثر من 30 عامًا، فاستباح الوطن بأسوأ مما يفعل الغزاة.. اغتصبوا الموارد والثروات، تصرفوا في البلاد كصاحب العزبة العابث. وقاد هذا النظام الفاسد فرعون العصر الحديث، وكان يأمر وزراءه واتباعه فيطيعونه فاستخفّ عقولهم وأغرق مصر في وحل الديون، فبيعت أصول مصر بثمن بخس لعدد من قليل من المفسدين في صفقات مشبوهة، بذريعة تشجيع السياحة والاستثمار. أشارت المحكمة إلى أن المتهم الأول عاطف عبيد أساء استغلال وظيفته، ووافق على بيع إحدى ثروات مصر القومية، وآثر مصلحة المتهمين على مصلحة البلد، أما المتهم الثاني يوسف والي فتمادى في سلوكه الإجرامي، وتجاهل تقرير لجنة شئون البيئة، والذى انتهى إلى أن الأرض محمية طبيعية، ولا يجوز التصرف فيها، بينما خالف المتهم الثالث أحمد عبد الفتاح القواعد والتشريعات رغم علمه بها، وانساق لإرضاء رؤسائه على حساب المصلحة العامة. وقام المتهم الخامس سعيد عبد الفتاح بتنفيذ مخططهم الإجرامي، فباشر إجراءات التسجيل للعقود رغم علمه بعدم جواز التسجيل؛ لأن الأرض محمية طبيعية، أما المتهم السادس حسين سالم فقد استغل العلاقة مع رئيس الدولة السابق مبارك، وأخد يعيث في الأرض فسادا دون وازع وضمير ودون رقيب وحسيب. وقالت المحكمة إنها اطمأنت لعدم توافر القصد الجنائي في حق اللواء محمود عبد البر، وأن قيامه بالتوقيع على العقد النهائي نيابة عن وزير الزراعة لا يتعدى كونه مخالفة إدارية، ولا تبلغ مبلغ الجريمة لذا قضت ببراءته. وقد كشفت أوراق القضية عن جرائم أخرى عديدة اتبعت فيها طرق وأساليب شيطانية غير قانونية؛ من أجل اهدار المال العام بالتحايل والتزوير والمراوغة وبإضفاء شرعية قانونية زائفة، بل بإصدار قرارات دون التفات لمصلحة الدولة، والأجيال القادمة في ظل فساد الدولة انهارت منظومة القوانين وانعدمت المحاسبة والرقابة، واختراق أجهزة يُفترض أنها مستقلة وسيادية، في ظل جهاز إداري متخلف ومترهل يؤمر ويطاع، حيث ازداد معدل الفقر والبطالة، وساءت الخدمات وانشغل النظام بمسألة توريث الحكم، وباتت ثروة مصر في أيدي فئة قليلة من العابثين بأمن مصر واقتصادها وساد الظلم الاجتماعي، ولم يعد من المقبول الاستمرار حتى غرق السفينة وكانت ثورة 25 يناير سببًا في تفجير تحقيقات قضائية واسعة كانت طي الكتمان والأدراج حول قضايا هائلة عن أراضي الدولة التي تم نهبها، وقد أضافت المحكمة أن المتهمين أضاعوا الأمانة التي حملوها بدلا من صيانتها ومصالح الدولة العليا المعهودة إليهم بموجب الثقة التي منحت لهم بالموافقة على منح رجال الأعمال تسهيلات، والاستيلاء على الأرض رغم عدم جواز التصرف فيها بالبيع، مما تسبب في ضرر عمدي بالمال العام، تمثل في الفارق بين سعر البيع والسعر وفقًا للقيمة السوقية، مما عاد على رجل الأعمال حسن سالم ونجله خالد المتهمين في القضية بالربح والمنفعة. واختتمت المحكمة الحيثيات بعدة توصيات أولاها أن القضاء ملاذ للمظلومين وسياج للحريات وحصن للحُرمات.. وويل لأمة لا يوقّر قضاتها ولا يُصان استقلالهم في أداء واجبهم، وإعادة النظر في تشريعات المنظمة للتصرف في المال العام وأصول الدولة، وكافة القرارات الوزارية التي صدرت في ظل النظام السابق واستقلال الجهات الرقابية.