وصل وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، أمس الخميس، إلى تركيا؛ للقاء نظيره التركي، بيرات البيرق، في زيارة هي الأولى لوزير إسرائيلي منذ حادثة أسطول مرمرة عام 2010، وقطع العلاقات الإسرائيلية التركية، حيث تأتي الزيارة الإسرائيلية لتركيا في إطار تطبيع العلاقات بين الطرفين، والذي أصبح رسميًّا ومعلنًا منذ يونيو الماضي. الغاز.. همزة وصل اقتصادية بحث وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، براءات البيرق، مع نظيره الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، العلاقات الثنائية بين البلدين، وفرص تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، وفتح حوار بين البلدين بهذا الشأن، كما تطرق الطرفان إلى سبل تأمين الكهرباء للفلسطينيين، عبر إنشاء محطتي توليد للطاقة الكهربائية بمدينتي غزة وجنين، وقال شطاينتس إنه اتفق مع نظيره التركي على البدء فورًا في حوار بين الحكومتين؛ لاختبار جدوى بناء خط أنابيب للغاز من إسرائيل إلى تركيا؛ بهدف نقل الغاز إلى تركيا وأوروبا. التفاوض بشأن هذه الصفقة يعتبر من أكبر المكاسب الاقتصادية بالنسبة للكيان الصهيوني، حيث إنه سيحقق مكاسب اقتصادية هائلة لتل أبيب، كما أنه سيفتح الباب أمام إبرام صفقات مربحة لاستغلال الغاز في البحر المتوسط، في الوقت الذي تبحث فيه إسرائيل، التي ستباشر استغلال احتياطات من الغاز في البحر المتوسط، حيث يبلغ عدد حقول الغاز الإسرائيلية ثمانية، وهي حقل تمار 1 وتمار 2 غرب حيفا، وحقل لفيثان 1 ولفيثان 2 غرب يافا، وحقل سارة وميرا غرب نتانيا، وحقل ماري قرب غزة، وحقل شمن قرب أسدود، وحقل كاريش غرب حيفا، كما تم الإعلان في وقت سابق عن اكتشاف حقل تاسع، واسمه «يشاي»، ويقع في المياه القريبة من قبرص. المكاسب الصهيونية التي ستعود على الكيان من وراء هذا الاتفاق كانت قد أكدها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب توقيع اتفاق المصالحة بين أنقرة وتل أبيب في يونيو الماضي، حيث قال حينها: إن اتفاق تطبيع العلاقات مع أنقرة يفتح الطريق أمام إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، وأضاف: الآن من الممكن توريد الغاز من إسرائيل إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ودون الاتفاق كان من المستحيل فعل ذلك، منوهًا بأن اتفاق تطبيع العلاقات يصب في مصالح إسرائيل الوطنية، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الاتفاق سيكون له أثر هائل على الاقتصاد الإسرائيلي. تأتي زيارة وزير الطاقة الإسرائيلي لتركيا والدفع نحو إبرام الصفقة بعد يومين فقط من إبرام الجانب الروسي صفقة مع الجانب التركي حول تصدير الغاز إلى تركيا ومنه إلى أوروبا أيضًا، وهو ما مثّل إحباطًا لإسرائيل، حيث قالت صحيفة ذا ماركر الاقتصادية الإسرائيلية: توقيع روسياوتركيا على مشروع «السيل التركي» قضى على خطط إسرائيل لتصدير الغاز إلى تركيا وأوروبا من حقل لفيتان في البحر المتوسط ومن الحقول الأخرى التي ستكتشف في المستقبل عبر خط أنابيب يصل إلى جنوبتركيا، وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاتفاق يتطابق مع التقديرات السابقة التي توقعت أن تقدم روسيا على إحباط أي محاولة؛ لإيجاد منافس يتجاوز الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية، ونوهت الصحيفة إلى أن إقامة خط أنابيب يعني فتح الطريق الجنوبي أمام الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية الذي يمر عبر أوكرانيا. تبادل سفراء إلى جانب تطبيع العلاقات الاقتصادية بين الطرفين الإسرائيلي والتركي، يأتي أيضًا تطبيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية وفق ما نص عليه اتفاق المصالحة التركي الإسرائيلي، وتم توقيعه في يونيو الماضي، حيث قررت وزارة الخارجية التركية تعيين الدبلوماسي كمال أوكم سفيرًا لتركيا في إسرائيل، ويعتبر «أوكم» أحد أقرب المستشارين إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما ستعقد في تل أبيب قبيل نهاية الشهر لجنة تعيينات عليا تابعة لوزارة الخارجية؛ لتعيين سفير إسرائيلي جديد لدى أنقرة. وبشأن المواقف السياسية لكل من تركيا والكيان الإسرائيلي، فهي متقاربة إلى حد كبير، خاصة فيما يخص القضايا الإقليمية، ففي الشأن السوري يدعم كلا الطرفين الجماعات المسلحة هناك، ويتوافقان حول إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من منصبه، وفيما يخص الشأن اليمني والعدوان السعودي هناك، فإن تركيا وإسرائيل من أبرز داعمي المملكة في حربها ضد اليمن، كما أن الطرفين متفقان على دعم إقامة دولة كردية في العراق من خلال دعم البشمركة، وفي الشأن الإيراني تدخل تركيا في العديد من التحالفات مع بعض الدول العربية، وأبرزها السعودية ضد إيران، مثل التحالف الإسلامي والمجلس الاستراتيجي السعودي التركي، وهو ما يتفق مع الاتجاه الصهيوني تجاه إيران التي تعتبر العدوة اللدوده لتل أبيب. من جانبه أعرب القنصل الإسرائيلي في إسطنبول، شاعي كوهين، عن تمنياته بتحسن العلاقات السياسيّة بين إسرائيل وتركيا، وقال كوهين: نحن نعمل من أجل هذا، فالأرقام تشير إلى تحسن في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والتجارية، ونحن نأمل أن تتحسن هذه العلاقات على الصعيد السياسيّ أيضًا، فعلاقاتنا التجارية في ازدياد حتى إنّها تضاعفت خلال 4 سنوات، وتجاوزت 5.5 مليار دولار. وأكد كوهين أن رئيس الوزراء الإسرائيليي، بنيامين نتنياهو، يبحث سبل التعاون مع تركيا متطلعًا بذلك إلى احتياطي الغاز الطبيعي في حوض البحر المتوسط، وأشار إلى أن 40% من الغاز الطبيعي الذي سيُستخرج من هذه المنطقة سيُخصص للتصدير، وأن تركيا إحدى أهم الدول التي يُمكن أن تصدر لها الغاز الطبيعي. التبادل التجاري وفقًا لإحصائيات أصدرتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية وآسيا وتركيا هي الوجهات الثلاث التي شهدت نموًّا مهمًّا في العلاقات التجارية مع الإسرائيليين، حيث بلغت التجارة بين إسرائيل وتركيا عام 2014 نحو 5.44 مليار دولار، وهو رقم قياسي بين البلدين، يتضمن ارتفاعًا بنسبة 11.5% عن عام 2013، وينقسم التبادل التجاري بين صادرات إسرائيلية لتركيا تبلغ 2.75 مليار دولار، بنمو 10%، وواردات 2.68 مليار دولار بنمو 13%، مقارنة بالعام 2013، وتتفق هذه الأرقام تقريبًا مع الأرقام التركية المعلنة مؤخرًا أيضًا، حيث تتحدث تركيا عن تضاعف وارداتها من إسرائيل من 1.1 مليار دولار عام 2009، إلى 2.7 مليار دولار العام الماضي. تطبيع عسكري العلاقات بين تل أبيب وأنقرة لا تقتصر على المجال الاقتصادي أو السياسي، بل انتقلت من فترة إلى التطبيع في المجال العسكري أيضًا، وأبرز الخطوات التي اتخذتها تركيا عسكريًّا لصالح الكيان الصهيوني رفع الفيتو الذي كانت تفرضه أنقرة على مشاركة تل أبيب في تمارين عسكرية لحلف شمال الأطلسي «الناتو» في مايو الماضي، وهو ما رحب به رئيس الوزراء الإسرائيلي، واعتبر هذه الخطوة التركية داعمة لأمن إسرائيل، وبالفعل افتتحت تل أبيب رسميًّا، في سبتمبر الماضي، بعثة لها في مقر حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بروكسل بغية تعزيز العلاقات مع الحلف الذي تقوده حليفتها الولاياتالمتحدة. كما أن الطرفين تربطهما علاقات عسكرية قديمة منذ عام 1996، حيث اتفقا على إجراء المناورات والتدريبات المشتركة وإقامة حوار استراتيجي بين الدولتين، ونصت المعاهدة الاستراتيجية حينها على تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين، وإقامة مناورات مشتركة برية – بحرية – جوية، وتبادل الاستخبارات والمعلومات الأمنية والعسكرية بخصوص المشكلات الحساسة، مثل الموقف الإيرانيوالعراقي والسوري، ناهيك عن عقود التسلح والمناورات العسكرية المشتركة السرية والعلنية، التي كانت ولا تزال في صلب العلاقات التركية الإسرائيلية.