تعاني إذاعة القرآن الكريم من الإهمال وعدم التطوير كباقي الإذاعات الموجودة داخل مبنى ماسبيرو؛ فلم يدخلها مذيع جديد منذ عقدين كاملين، ولم يتم تحديث أسماء البرامج داخلها منذ زمن ليس بقريب. الإذاعة العريقة التي بدأت بث إرسالها في 29 مارس عام 1964، وأنجبت عبد الباسط عبد الصمد ومصطفى إسماعيل ومحمد رفعت، تعد الأكثر سماعا من قبل المواطنين، إلا أن دورها تراجع؛ في ظل عدم وجود خطة تطوير لها ولبرامجها، مثل «براعم الإيمان»، وموسوعة الفقه الإسلامي الذي يأتى في منتصف الليل. وتستمد الإذاعة قوتها من كونها الوحيدة التي تذيع آيات القرآن الكريم، وبرامج تتحدث عن الفقه والسنة، ولم تظهر إذاعة منافسة لها حتى اليوم، إلا أن توجيهها من قبل القائمين عليها نحو التدخل في السياسة والدفاع عن النظام الحالي وسياساته، أبعد الكثيرين عنها. قال الدكتور يحيي إسماعيل، رئيس جبهة علماء المسلمين، إن إذاعة القرآن الكريم طالها الفساد وتدهور المحتوى ككل منبر يوصف بأنه ديني في مصر، فهناك حالة من الإصرار على تدمير كل الرموز الدينية، بدءا من الأزهر انتهاء بإذاعة القرآن الكريم، وهو أمر صعب، متابعا: "الإذاعة تخاطب جمهور المسلمين داخل وخارج مصر، وتستمد أهميتها من كونها صوتا ناطقا بالدين الإسلامي، تذيع آيات القرآن الكريم وتفسرها، كما تذيع برامج خاصة بالفقه وشرح الأحاديث وخلافه". وأضاف إسماعيل ل"البديل" أن أزمة إذاعة القرآن الكريم، موالاة النظام الحالي والتدخل في الشؤون السياسية، وهذا ما أفسدها لأنها بعدت عن مهمتها الأساسية بتنوير العقول وإرساء مفاهيم الإسلام السمحة وأنه دين رحمة للبشرية, وأيضا تركيز الإذاعة على مقولات صماء ومحفوظة كعدم جواز الخروج على الحكام وهي فتوى بها الكثير من اللغط, كذلك فتاوى وأحاديث معينة يرددها المذيعون داخلها، ما يقلل من أهميتها وينفر الناس عنها"، مؤكدا أن الحل في ضخ دماء جديدة داخل الإذاعة والاستعانة بعلماء من كليات الأزهر لديهم من العلم ما يؤهلهم لتعريف الناس بأصول دينهم. وأكدت الدكتورة أميرة صابر، أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة بنها، أن إذاعة القرآن الكريم بحاجة ماسة للتطوير والاستفادة من خريجي كليات وأقسام الإعلام في مصر، فليس من الممكن أن ترتكن الإذاعة على عاملين معينين منذ 20 عاما، فهذا أمر يخل بالمضمون ويعيق توصيل الرسالة من المرسل إلى المتلقي، فهذه أزمة لابد من القائمين على الإذاعة حلها على الفور، وإلا سيستمر الخلل في تقديم مضمون جيد للمتلقين، مطالبا بضرورة أن تبتعد الإذاعة عن السير في فلك السلطة؛ لأنها معنية بتقديم مضمون ديني لابد له أن يبتعد عن السياسة حتى يصدقها المتلقي ولا ينفر منها. على الجانب الآخر، قال سيد صالح، رئيس إذاعة القرآن الكريم، إن الإذاعة تبذل قصارى جهدها لتقديم خدمة جيدة لكل المتلقين في داخل وخارج مصر، خاصة أن جمهورها يشمل العالم الإسلامي في كل دول العالم، مضيفا أنه يسعون لتوجيه الإذاعة بلغات أجنبية، لكن الأزمة في ضعف الميزانية داخل قطاع الإذاعة والتليفزيون كله. ونفى صالح أن يكن هناك توجيهات للإذاعة فيما يخص الشأن السياسي، مؤكدا أنها تختص بالجانب الديني فقط، ولا تهتم بأي جانب آخر, لكن قد تكون أسئلة المتلقين التي يرسلونها في برامج كبريد الإسلام وغيره هي السبب لتطرق الإذاعة لما يخص الشأن السياسي وليس شيئا آخر.