قضى سنوات مستمعا لإذاعته المفضلة، القرآن الكريم، اعتادها كطقس يومى تؤنسه ساعات العمل على الميكروباص، كان لا يحتاج أن يضبط مؤشر الراديو على إذاعته، فهو لا يتغير، لكنه فى الآونة الأخيرة أصبح يديره عنها بعد أن أصبحت قناة «الرئيس وأخباره»، وحسب تعبيره «السياسة دخلت على الدين.. يبقى لازم تبوظه». ذات يوم فوجئ جمال إسماعيل بأن البرنامج الصباحى «غذاء الروح» يستضيف أحد شيوخ الأزهر للحديث عن الحوار الوطنى ورفض قوى المعارضة الانضمام له، علا صوته مستنكرا «هما ليه بيدخلوا أبوقرش على أبوقرشين»، ففوجئ بركاب الميكروباص يواصلون ما بدأه من الاعتراض «إيه يا حاج إنت أول مرة تسمع اللى بيجرى فى الإذاعة.. ما خلاص حتى القرآن أخونوه». يتعجب الرجل البسيط من هذا الغزو السياسى للإذاعة الدينية فى عهد الرئيس الملتحى كما وصفه: «أيام مبارك كانت المحطة بتذيع قرآن وتفاسير وأدعية جميلة.. دلوقتى بقت أغلبها برامج وسياسة»، وهو ما لم يجد تفسيرا لدى د.محمد عويضة، رئيس إذاعة القرآن الكريم، الذى راهن «الوطن» على تقديم دليل واحد على «أخونة الإذاعة أو تسييسها»، معتبرا ما يحدث بأنه «تفعيل للقرآن على أرض الواقع.. هو إحنا لما نعمل كده يبقى اسمه سياسة». فى 29 مارس عام 1964 بدأت إذاعة القرآن الكريم إرسالها، وأرست مبادئ لتسير عليها، ومع مرور السنوات، لم يحدث سوى تطور طفيف لم يُسيّس الإذاعة، فوفقا للموقع الرئيسى للإذاعة على الإنترنت، فهى تُقدم القرآن الكريم مُرتلا ومُجودا بصوت مشاهير القراء، وبرامج التفسير، والاهتمام بالسنة النبوية، علاوة على الفقه الإسلامى.. وهو ما أورده «عويضة» نافيا الانحياز إلى تيار بعينه أو تلقى أوامر من وزير الإعلام، وحسب قوله: «شغلنا فى الدين وبس وملناش دعوة لا بجبهة إنقاذ ولا بإخوان مسلمين، لما أقدم برنامج بيزرع ثقافة الأمل وبيوضح أدب الحوار فى الإسلام.. يبقى ده اسمه سياسة؟»، مؤكدا أن دور الإذاعة هو تهدئة الأوضاع وليس توجيه المواطنين.