ما شهدته انتخابات مجلس النواب الحالية هو سابقة برلمانية لم تحدث من قبل، حيث يخوض بعض المرشحين السباق 3 مرات للحصول على كرسى تحت القبة نتيجة للإعادات المتكررة فى الدوائر بعد قرار الهيئة الوطنية للانتخابات إعادة الماراثون فى 19 دائرة بجانب أحكام القضاء الإدارى بإلغاء نتائج 30 أخرى بالمرحلة الأولى أجريت انتخاباتها الأسبوع الماضى يومى الأربعاء والخميس. التطورات الكثيرة فى الانتخابات الحالية أدت إلى وجود الكثير من الجدل حول مستقبل البرلمان المقبل فى ظل هذا العدد الكبير من الطعون، حيث بلغ إجمالى الطعون المقدمة من مختلف محافظات المرحلة الأولى ما يقرب من 251 طعنًا تم الحكم فيها بإعادة الانتخابات فى 30 دائرة، بينما بلغ عدد الطعون فى المرحلة الثانية نحو300 طعن تم إحالة 37 طعنًا منها لمحكمة النقض فيما تم تصعيد مرشح بدلا من آخر بجولة الإعادة فى دائرة طلخا نبروه بمحافظة الدقهلية، وتم رفض باقى الطعون.
وتنوعت الطعون المقدمة بين من يطالب إلغاء العملية الانتخابية بالكامل، وأخرى تطالب بإلغاء الإعادة فى بعض الدوائر، بالإضافة إلى طعون تطالب ببطلان النتائج المعلنة، وتعددت أسباب الطعون بين التشكيك فى سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء فى المحاضر، إلى جانب وقوع تجاوزات خلال عملية الاقتراع، ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل ظهرت قوى سياسية تدعو لإعادة الانتخابات بالكامل بعد التجاوزات التى حدثت فى بعض الدوائر.
وكانت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، أعلنت الأربعاء الماضى ملخص قراراتها بشأن الطعون الانتخابية المتعلقة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، وشهدت الطعون حسما مهما فى دائرة طلخا بمحافظة الدقهلية، حيث قررت المحكمة تصعيد المرشح وليد شوقى بدلا من المرشح إبراهيم الفضالى، بعد أن تم الكشف عن وجود أخطاء جوهرية فى الحصر العددى للأصوات ليكون ذلك هو القرار الأبرز بين ملفات الطعون المعروضة، ولتعلن الهيئة الوطنية للانتخابات إجراء عملية الإعادة فى دائرة طلخا بمحافظة الدقهلية فى موعدها المقرر 17 و 18 ديسمبر، وبانتهاء هذه القرارات تكون المحكمة الإدارية العليا قد أغلقت ملف طعون المرحلة الثانية بشكل كامل. منع الخروقات وما بين طعون أمام محكمة النقض ودعاوى أخرى حول بطلان بعض مواد التشريعات والقوانين التى أجريت على أساسها الانتخابات ينتظر البرلمان المقبل قرارات قد تغير مصيره بين لحظة وأخرى، فى المقابل يعتبر البعض أن صدور كل هذه الأحكام هو أفضل تحصين لمجلس النواب المقبل من أى إجراء لحله؛ بل يمنحه شرعية وقوة وعلى النواب أن يستغلوا ذلك ليستخدموا أدواتهم الرقابية من استجوابات وطلبات إحاطة وأسئلة لكى يستعيدوا ثقة المواطنين ويمنحوا للبرلمان دورًا قويًا يختلف عما سبق. الدكتور طارق خضر أستاذ القانون الدستورى، قال فى تصريحات خاصة ل«صباح الخير»، إن الوضع فى الانتخابات الحالية أصبح كالتالى: 19 دائرة ألغيت بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات وأجريت جولاتها وتم إعلان نتائجها الخميس الماضى، ثم هناك 30 دائرة تم إلغاؤها بحكم القضاء الإدارى وأجريت الانتخابات بها وتعلن نتيجتها يوم 18 ديسمبر الجارى وأخيرًا 300 طعن بشأن المرحلة الثانية كانت أمام الإدارية العليا وتم الحكم بتصعيد مرشح بدلًا من آخر فى دائرة واحدة هى طلخا- نبروه وإحالة طعون أخرى لمحكمة النقض بينما تم رفض الباقى.
وأشار إلى أنه مع كل هذه التطورات قامت الهيئة الوطنية للانتخابات بدورها على أكمل وجه من أجل رصد ومنع أى خروقات فى العملية الانتخابية، وحرصت الهيئة على أن يكون لكل ناخب حقه فى التصويت وأن تكون الانتخابات سليمة، والهيئة التزمت بالضمانات القانونية فيما يتعلق بالطعون، موضحًا أن توجيه الرئيس للهيئة أيضا كان مهمًا فى هذه الانتخابات. وعن مستقبل البرلمان المقبل وهل سيكون محصنًا بالأحكام القضائية التى صدرت أم مهددًا بسبب كثرة الطعون، قال إنه أولا لا يمكن إلغاء الانتخابات الحالية بالكامل، ولكن بعض الأمور قد تهدد مجلس النواب القادم وهو تقدم أحد الأشخاص بدعوى قضائية، حول أن قانون مباشرة الحقوق السياسية غير متوافق مع الدستور وإذا رأت المحكمة أن هذا بالفعل صحيح قد تحكم فى الدعوى. وتابع: بالنسبة للطعون الحالية أمام النقض تقوم المحكمة بنظرها وفقًا لاختصاصها على أساس الفصل فى صحة العضوية طبقا للدستور ويتم الفصل فيها خلال 60 يوما، وطعون محكمة النقض سوف تستغرق وقتًا، لكن هل هذا سيجعل المجلس مهددًا بالطعن بعدم الدستورية أو الإلغاء؟ أجاب الدكتور خضر، إنه يمكن أن يكون المجلس محلا للطعن بعدم الدستورية من خلال 3 وسائل (الإحالة - الدفع - التصدي)، مشيرا إلى أن الإحالة تكون من محكمة تنظر دعوى ووجدت شبهة عدم دستورية فى النص القانونى الخاص بالانتخابات، بينما الدفع هو بمثابة وجود قضية يتم الدفع فيها بعدم دستورية النص القانونى، أما التصدى فيكون من خلال المحكمة الدستورية العليا إذا رأت وجود نص غير دستورى سواء قانون الانتخابات أو مباشرة الحقوق السياسية. وأكد خضر أن الانتخابات ستتم رغم كل هذه الطعون حتى لو لم يتم الانتهاء من الفصل فى كل الطعون، وبالتالى انعقاد أول جلسة لمجلس النواب المقبل سيكون بعد يوم 12 يناير المقبل، لأنه يمكن أن يجتمع مجلس النواب وما زالت هناك دعاوى فصل فى صحة العضوية، ويمكن أن يتم عقد الجلسة فى المجلس بحضور ثلثى الأعضاء. واختتم أستاذ القانون الدستورى تصريحاته بالقول: مجلس النواب قد يكون معرضًا لصدور حكم ضده إذا قضت المحكمة الدستورية ببطلان القانون الذى تم بشأنه إجراء انتخابات النواب.
فرز الأصوات
ضبط المخالفين يأتى ذلك فى الوقت الذى تعلن فيه الهيئة الوطنية للانتخابات بعد غدٍ الخميس 18 ديسمبر النتائج فى ال30 دائرة الانتخابية الملغاة بعد أن أعيدت الانتخابات بها فى الداخل يومى الأربعاء والخميس 10 و11 ديسمبر، ومن المقرر أن تكون انتخابات الإعادة فى تلك الدوائر بالخارج 31 ديسمبر و1 يناير 2026، وانتخابات الإعادة فى الداخل السبت والأحد 3 و4 يناير 2026، وإعلان نتيجة الإعادة 10 يناير 2026. وخلال إجراء الانتخابات فى 30 دائرة قامت وزارة الداخلية بضبط عدد من المخالفين فى 8 محافظات من أصل 10 محافظات فى المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، من بينهم شخص فى المنيا وبحوزته عدد من البطاقات الإرشادية تمهيدًا لتوزيعها على الناخبين لدفعهم للتصويت لصالح أحد المرشحين وضبط 3 أشخاص آخرين بمحيط المحافظة وبحوزتهم عدد من كروت الدعاية الانتخابية الخاصة بأحد المرشحين، ومبالغ مالية تمهيدا لتوزيعها على الناخبين، وفى الأقصر أعلنت قوات الأمن عن ضبط شخصين وبحوزتهما عدد من البطاقات الشخصية خاصة ببعض المواطنين ومبلغ مالى تمهيدا لتوزيعها على الناخبين حال ترددهم على دوائرهم الانتخابية لدفعهم للتصويت لصالح أحد المرشحين. وفى محافظة أسوان، ضبطت قوات الأمن أحد الأشخاص بمحيط الدائرة، وبحوزته مبالغ مالية تمهيدا لتوزيعها على الناخبين لدفعهم للتصويت لصالح أحد المرشحين. وطالت المخالفات محافظة البحيرة حيث تمكنت الخدمات الأمنية المعنية بتأمين الانتخابات فى محافظة البحيرة من ضبط سائق يصطحب الناخبين لدوائرهم الانتخابية وحثهم على التصويت لصالح أحد المرشحين، وتم التحفظ على السيارة، وتكررت المخالفات فى سوهاج والإسكندرية. وخلال هذه الجولة فى 30 دائرة رصد الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية أن التحالفات العائلية والتصويت المنظم كانت فى صدارة الجولة المعادة ووجود تكتلات رئيسية من العائلات والأسر المناصرة لمرشحين ينتمون لتلك العشائريات أو بالمناطق الداعمة لبعض المرشحين ووجود رموزها وكبارها أمام اللجان لتعزيز التصويت لصالحهم مستفيدين فى ذلك من وقوع مقرات التصويت فى نطاق منازل تلك الأسر، وظهر ذلك بصورة واضحة فى اللجان الانتخابية بدوائر منشأة القناطر والقوصية وأبوتيج والدلنجات وحوش عيسى وإدفو وإسنا. كما رصد الائتلاف أن عودة المرشحين المنسحبين أشعلت المنافسة ورفعت وتيرة الحشد فى الجولة الانتخابية المعادة وأبرزهم كمال الدالى فى الجيزة وعمرو القطامى فى أكتوبر وهشام الجاهل فى المحمودية. وبالنسبة لانتخابات الإعادة فى المرحلة الثانية، فبدأت أمس وتستمر حتى اليوم، وفى الداخل غدًا وبعد غد، على أن تعلن نتيجتيهما يوم 25 ديسمبر.