عندما عزمت القارة الآسيوية على اقتحام إفريقيا من جديد، وضعت عدة استراتيجيات لنجاح التجربة، أولها طبع القارة بالطابع الآسيوي، وهذا ما نجحت فيه إلى حد بعيد، وبينما يتوقع الوافد عند نزوله من مطار أديس أبابا، على سبيل المثال، أنه سوف يحصل على وجبة إثيوبية، تكون المفاجأة أن طلبه بات صعب المنال، وأن الطعام الإثيوبي اختفى بشكل ملحوظ وحل محله الطعام الصيني ومطاعم الزلابية الآسيوية، في حين امتلأت الشوارع بإعلانات الطعام الآسيوي. قالت صحيفة إيكونوميست: "دولة فقيرة كإثيوبيا مثلا، كما يدعون، يبحث شبابها عن فرص عمل بصعوبة، لماذا نجد بها أعدادا لا تعد ولا تحصى من الصينيين الشباب الذين يعملون هناك ويحققون أحلامهم، بل أصبحوا جزءًا من جيش ضخم من العمال ورجال الأعمال والمهندسين الذين يطورون بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ في معظم أنحاء شرق إفريقيا إلا إذا كانوا على ثقة بأن تلك الأرض بها الكثير الذي تقدمه لهم". التحليلات السياسية للتواجد الآسيوي بشكل عام والصيني بشكل خاص في إثيوبيا وباقي الدول الإفريقية غالبًا ما تبالغ في المخاوف بشأن تورط الصين في إفريقيا وتلقي عليها الاتهامات بأنها تشتري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمصانع والمناجم، كنوع من السيطرة من ناحية، ومن ناحية أخرى بهدف تقويض ومحاصرة نفوذ الهندواليابان في القارة، وكلتاهما من أكبر الدول تواجدا في إفريقيا أيضا. الصين وإفريقيا وكما كان الحال أثناء المنافسة على إفريقيا وقت الحرب الباردة، يحدث الآن وكأن التاريخ يعيد نفسه، وبعض من النشاط يهدف للسيطرة على القواعد والموانئ، وبات هناك وجود عسكريّ بآلاف الجنود الصينيين وقد ارتدوا خوذات الأممالمتحدة الزرقاء في مالي وجنوب السودان، كما تقوم السفن الحربية الصينية بزيارات منتظمة للموانئ الإفريقية. وتحافظ الصين على وجود سرب من قواتها البحرية لمرافقة السفن التي ترفع علمها عبر خليج عدن، ويخشى بعض الدبلوماسيين أن تستخدم الصين هذه الدوريات التي تقوم بعمليات ضد القرصنة كذريعة لإقامة أول قاعدة لها في الخارج في جيبوتي، لتجاور القاعدة الأمريكية الحالية، ومع ذلك، فإن المخاوف الكبيرة بشأن الصين تتمثل في أنها تخطط لبناء قواعد بحرية تحت مسمى "سلسلة من اللؤلؤ" تمتد من الصين إلى البحر الأحمر وخليج ناميبيا على المحيط الأطلسي. الهند تعود من جديد تسعى الهند لمنافسة الصين في إفريقيا، وقامت بتطوير شبكة واسعة ل32 محطة رادار في سيشيل ومدغشقر وموريشيوس وغيرها من البلدان، حتى يمكنها مراقبة السفن عبر المحيطات، وهذا ما يمنحها مزيدا من السيطرة على مياه تعتبرها هامة لها، إضافة إلى تسليح دول مثل موريشيوس، من بين أمور أخرى تقوم بها، وكذلك بناء قاعدة جوية وبحرية في جزيرة العذراء، شمالي مدغشقر؛ لتسهيل الوصول إلى العديد من حقول الغاز البحرية المكتشفة حديثًا في شرق إفريقيا. اليابان تلحق بالركب اليابان أيضًا استعرضت قوتها البحرية ولكن بطريقة أكثر محدودية، كما تعهدت هذا الشهر بمنح 120 مليون دولار كمساعدات لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وشاركت في القوة البحرية متعددة الجنسيات التي تراقب البحار قبالة سواحل الصومال. كما كان للقوة الناعمة اليابانية دورها في ترسيخ أقدامها في إفريقيا، وبخلاف تقديم المساعدات المالية لدول القارة، توسعت اليابان في تقديم المنح الدراسية، بل وقدمت دروسا مجانية في الكاراتيه من خلال سفارتها في نيروبي، في محاولة للحصول على نصيب من الكعكة الإفريقية. يبقى أن التنافس الآسيوى على موارد القارة الإفريقية ومحاولات السيطرة عليها لم يقف حائلا دون اتفاق القوى الكبرى الثلاث في آسيا على مساندة إفريقيا في الأممالمتحدة وتزكية مطلبها وتأييد مساعيها للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن.