مرت العلاقات الهندية الأفريقية بفترات متأرجحة, فرغم أن العلاقات الهندية الأفريقية ترجع جذورها إلي زمن بعيد حيث كانت التبادلات التجارية بين ساحل الهند وأفريقيا مزدهرة لدرجة أن أصول بعض الأفريقيين هندية. إلا أن الاستعمار قضي علي هذه الروابط, عاد بعدها بعض الروابط في مرحلة غاندي الذي كان رمزا لعودة العلاقات بين القارتين من خلال رفضه التمييز ضد الملونين ثم ازدهرت في عهد نهرو وسرعان ما انقطعت بعد هزيمة الهند أمام الصين1962 وإصرار الهند علي تبني القارة الأفريقية حركات تحرر سلمية ضد الاستعمار بينما كانت تتلقي معونات عسكرية من الصين. في مرحلة الحرب الباردة, تغير السياسة الهندية نحو أفريقيا لتبني دبلوماسية اقتصادية براجماتية مركزة علي ثروات القارة من منظور اقتصادي بحت توافق مع ثورة التصنيع الهندية وحاجتها لموارد أفريقيا مستغلة بذلك الموقع الجغرافي المقابل لسواحل أفريقيا الشرقية ومستعيدة لعهد التبادلات التجارية القديم ومستفيدة من الدول الأفريقية كأسواق جديدة لشركات قطاعها الخاص. ومع تشابه العلاقات الصينية الأفريقية والهندية الأفريقية, تتدافع القوتان الأسيويتان في التنافس علي ثروات القارة, لكن الصين ما زالت متفوقة بفوائضها المالية وبدعمها العسكري القديم لتحرر الأفارقة من ربقة الاستعمار, ويشكل الفارق الجوهري بينهما, أن الشركات الصينية إما مملوكة للدولة أو توجهها الدولة, بينما الشركات الهندية تعمل إما بمفهوم القطاع الخاص أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص, وهو ما أتاح للصين تحقيق أهداف أكبر وأسرع من الهند. وحسب جريدة التليجراف البريطانية, فإن الاستثمارات الهندية ذات صبغة استعمارية أقل( الاستعمار الاقتصادي) من الاستثمارات الصينية, وحسب الدراسة التي أعدتها جامعة نانيانج التكنولوجية الهندية, فإن ذلك يبدو جليا واضحا في إثيوبيا, فقد أجر مليس زيناوي مساحات هائلة من الأراضي لشركات القطاع الخاص الهندية بأسعار منخفضة جدا بلغت311 ألف هكتار بسعر1.2 دولار لكل هكتار في السنة لشركة كاريوتوري جلوبال علي سبيل المثال حسب دراسة مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك, ورغم أن ذلك يشجع التنمية الزراعية, إلا أن ذلك أدي إلي طرد الكثير من المواطنين الأثيوبيين, ورغم وعود زيناوي بأن ذلك سيوفر فرص عمل كثيرة للسكان المحليين,- وطبقا لدراسة جامعة نانيانج الهندية- أدي ذلك إلي استفادة القليل منهم, وبقي الكثير دون عمل, وقد أعطيت الكثير من العقود للشركات الهندية للاستثمار في المجال الزراعي, دون أية قواعد واضحة فيما يتعلق بظروف العمالة ودون اعتبار للتأثيرات البيئة لهذه المشروعات, ومع ذلك تعتبر صناعة النسيج الإثيوبية من نقاط قوة الاستثمارات الهندية التي تتنوع بين تصدير المنتجات البترولية ووسائل النقل والأشكال المختلفة من الآلات في الاتصالات والزراعة والصحة والأدوية والبنية الأساسية وتكنولوجيا المعلومات حسب تقرير صندوق النقد الدولي في.2012 زيناوي الذي وصف الهند بأنها شريك مفضل, كان يستدعي التاريخ حيث تعود العلاقات الهندية الأثيوبية إلي2000 عام, جددها هيلاسي الذي جلب المدرسين الهنود والذين وصلوا إلي أبعد المناطق في أثيوبيا, وطبقا لبرنامج التعاون الاقتصادي الهندي الأثيوبي, فإن أثيوبيا تتلقي700 مليون دولار من الهند وهو أعلي مبلغ تقدمه الهند لدولة خارجية, خاصة أن الهند لا تتدخل في العملية السياسية الأثيوبية. الهند التي تسعي لتأمين الطاقة اللازمة لنموها الصناعي تتصارع مع الصين لنفس الغرض, فالصين ذات الملاءة المالية الأقوي والأقدر علي إعطاء القروض بسرعة أكثر من الهند استطاعت أن تتفوق وتجلي هذا الصراع في حالة أنجولا في2004, حيث منعت الهند من شراء50% من شركة شيل مقابل620 مليون دولار لأن الصين قدمت تمويلا للبنية الأساسية في أنجولا بقيمة2 مليار دولار مقابل توقيع اتفاقيات بترولية, لكن لم يمنع ذلك الهند من أن تستطيع أن تحصل علي22% من وراداتها من البترول من الدول الأفريقية, لكنها دول ذات أنظمة سياسية غير مستقرة مثل أنجولا ونيجيريا والسودان والكونغو وهو ما تحاول الهند تغييره. وتحاول الصين اللعب في مناطق القوة الهندية التي لها فيها وجود بحري معقول وتربطها اتفاقيات تعاون دفاعية معها وهي مدغشقر وموريشيوس وموزمبيق وسيشل وجنوب أفريقيا ففاجأت الصين الهند بمنح سيشل260 مليون دولار لإقامة مطار ومنطقة اقتصادية وتجارية حرة لتوفير40 ألف فرصة عمل نصفهم من الصينيين في فبراير2009 عندما زار هوجينتاو هذه الجزيرة إلخ وردت الهند بمنح موريشيوس التي68% من سكانها جذورهم هندية حوالي900 مليون دولار مقابل545 مليون دولار للصين, وتعج الساحة الإفريقية بالكثير من تفاصيل الصراع الصيني الهندي علي ثروات القارة. الشاهد أنه حسب إحصائيات وزارة التجارة الهندية, فإن حجم التبادلات التجارية بين الهند وأفريقيا وصل إلي42 مليار دولار في2011 بينما حجم التبادلات التجارية الصينية الأفريقية بلغ60 مليار دولار في2010 واقترب من حاجز120 مليار دولار في2013. ورغم أن الاستثمارات الهندية لها وجود قوي في دول الساحل الأفريقي الشرقي خاصة أثيوبيا, إلا أن السياسة الهندية في أفريقيا تعاني من نقاط ضعف أهمها أن الدولة والقطاع الخاص لا يعملان بتناغم في تحقيق مصالح كل منهما, كما أنها لا تدعمها دبلوماسية قوية, والأهم أن الهند في سياستها الأفريقية تبدو وأنها تحاكي نظيرتها الصينية التي تقوم علي مبدأ المساعدات والتنمية مقابل الموارد ثم ارتباط استثماراتها بدول أفريقية غير مستقرة سياسيا.