اتجهت الحكومة إلي تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي القاسية، قبل تسلم القرض الذي تتفاوض عليه بقيمة 12 مليار دولار، على عكس تصريحات عمرو الجارحي، وزير المالية، الذي نفى وجود شروط على مصر من أجل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، لتفرض حالة من التعمية المتعمدة على المصريين. وشروط صندوق النقد تمثلت في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة؛ من خلال تمرير قانوني الخدمة المدنية والقيمة المضافة، بالإضافة إلى التوسع في عملية الخصخصة، الأمر الذي أعلن صراحة على لسان داليا خورشيد، وزير الاستثمار؛ بطرح عدد من شركات القطاع العام في البورصة، فضلا هيكلة منظومة الدعم، وتجلي ذلك في ارتفاع أسعار الكهرباء، تليها المواد البترولية. يقول الدكتور زهدي الشامي، الخبير الاقتصادي، إن ادعاءات الحكومة بعدم وجود شروط لقرض صندوق النقد الدولي المزمع توقيعه قريبا، تثير السخرية أكثر مما تدعو للاطمئنان والتصديق، متسائلا: إذا كان القرض لا يتضمن شروطا، فلماذا المباحثات المكوكية المستمرة منذ فترة طويلة؟ ولفت الشامي إلى وجود لهجة من التهديدات تستخدم لتمرير قوانين بعينها في البرلمان، مثل قانوني الخدمة المدنية، وضريبة القيمة المضافة، مؤكدا أن شروط الصندوق معروفة جيدا وواضحة، وتستخدم في معظم الدول التي يقرضها الصندوق، وتتضمن إلغاء الدعم، وزيادة أسعار الطاقة والكهرباء، وتجميد الأجور، ووقف التعيين في الحكومة، وخفض العجز في الموازنة العامة، وخفض سعر الجنيه، والعودة للخصخصة وطرح أصول الدولة والمشروعات الحكومية الرابحة كالبنوك وشركات التأمين والبترول للخصخصة في البورصة. وأضاف الشامي ل«البديل» أن الحكومة بالفعل، بدأت تنفيذ شروط صندوق النقد، لكن من الواضح أنهم مازالوا يسعون لتسوية الخلاف حول عجز الموازنة العامة، والنسبة التي سيخفضون بها السعر الرسمي للجنيه المصري. وأكد الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، أن صندوق النقد الدولي يمثل أحد أشكال اختراق السيادة الوطنية للدول، من باب الاقتصاد، كوسيلة للسيطرة على القرار السياسي، ومن هنا تكمن خطورة الانصياع لسياساته؛ لأنها تفقد الدول استقلالها الاقتصادي والسياسي. وتابع عامر: «من حقنا أن نتفاوض حول الشروط غير المقبولة التي يفرضها صندوق النقد الدولي أو رفضها، ومن واجبنا عندما نتعاقد مع الصندوق، أن نحرص علي فتح القنوات الأخرى التي يمكن أن تساعدنا في التغلب على عجز السيولة النقدية، وفي مقدمتها الدول الصديقة، خاصة العربية الشقيقة، التي يتوافر لديها فائض يسمح بذلك».