في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، اجتمع الرئيس بالمجموعة الاقتصادية ليؤكد أهمية مواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها الإصلاحي بكل حسم وإصرار؛ لمواجهة المشكلات الهيكلية التي عانى منها الاقتصاد خلال السنوات السابقة، التي أثرت سلبًا على معدلات التنمية والاستثمار والتشغيل المنشودة. ووجه الرئيس المجموعة الاقتصادية إلى ضرورة إتمام قرض صندوق النقد الدولي والتعاون الذي لابد أن يكون بهدف تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد المصري، وجذب الاستثمارات الخارجية ومن ثم تحقيق الاستقرار النقدي والمالي ومعالجة التشوهات الهيكلية، لكن يبدو أن فكرة الاتجاه إلى الاقتراض من الخارج هي الحل الذي يسيطر على أفكار الرئيس وتتبناه الحكومة، متناسين أن الدين الخارجي لمصر وصل إلى 53 مليار دولار 2016، بعد أن كان 45.288 مليار دولار بنهاية مارس 2014. وبتوجه الدولة لإنهاء أزمة الاقتصاد دون النظر إلى فكرة أن يعيد التاريخ نفسه ونتبع خطوات الخديوي إسماعيل بإنشاء صندوق الدين الذي كانت مهمته أن يكون خزانة فرعية للخزانة العامة تتولى استلام المبالغ المخصصة للديون من المصالح الحكومية مباشرة. عند تولي الخديوي إسماعيل حكم مصر، كانت ديون مصر تقريبًا 11 مليون جنيه، لكن إسماعيل استمر في سياسة الاقتراض التي يحذر منها الخبراء الاقتصاديون، حتى بلغت ديون مصر عند عزله أكثر من 126 مليون جنيه. يقول الدكتور زهدي الشامي، الخبير الاقتصادي: السلطة الحاكمة تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي، للحصول على مزيد من الديون، فالشروط المطلوبة هي قانون الخدمة المدنية الذي أقره مجلس النواب، وقانون ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة لبيع أصول الدولة، وتخفيض سعر الجنيه المصري، وهذا بالفعل يذكرنا بديون مصر وصندوق الدين في عهد الخديوي إسماعيل. وأضاف الشامي ل«البديل» أن السلطة تكثف اتصالاتها مع صندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاق معه خلال الأيام المقبلة ضمن حزمة قروض من هيئات دولية تصل إلى 21 مليار دولار؛ لمواجهة عجز الموازنة وعجز موارد العملة الأجنبية، فالحكومة تعلن بوضوح عجزها، وأنه لا حل لديها سوى المزيد من الاقتراض والديون، ليس من أجل التنمية بل من أجل مواجهة العجز المالي الذي أدخلتنا فيه سياساتها الفاشلة. وأكد الشامي أن الكارثة الأخرى هي الشروط التي تتعهد بها الحكومة لصندوق النقد، التي تتضمن إجراءات تطحن غالبية المواطنين، وتضر بالاقتصاد القومي عمومًا، ومنها تجميد وتخفيض الأجور وتقليل العمالة في القطاع الحكومي، ما يستهدفه قانون الخدمة المدنية الجديد، وإلغاء الدعم نهائيًّا ورفع الأسعار، خاصة أسعار الطاقة والكهرباء، وإدخال ضريبة القيمة المضافة التي سيتحمل تكلفتها المواطنون العاديون والمستهلكون، والعودة لتفعيل سياسة الخصخصة، وبيع ما تبقى من قطاعات استراتيجية من بينها البنوك وشركات البترول. ويرى الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة ليس أمامها طريق لسد عجز الموازنة سوى الاقتراض؛ لضعف إمكانيتها في زيادة الصادرات والناتج المحلي وعوائد السياحة، مشيرًا إلى أن القروض الجديدة ما هي إلَّا غلاف تجميلي علي الوضع السيئ لتحسين الصورة العامة، موضحًا أن فكرة صندوق الدين في عهد الخديوي إسماعيل ستكون قائمة في حالة إعلان الدولة إفلاسها، وهنا سيعيد التاريخ نفسه بوضع أصول الدولة وإخضاعها للجهات الدائنة، لكن قوة الجهاز المصرفي والموارد المتاحة في مصر من العوامل التي تأخر هذه الخطوة. وأكد أن قرض صندوق النقد والقروض الأخرى الجديدة مسكنات تستخدم ولا تعالج الوضع الاقتصادي القائم، والأجيال القادمة هي من تتحمل الفوائد والديون، حيث بلغت تكلفة الديون وسداد القروض ما يقرب من ثلث الموازنة العامة.