أعلنت الحكومة اعتزامها اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتمويل البرنامج الاقتصادي ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهو ما حذر من خطورته الخبراء، مشيرين إلى أن الأجيال القادمة هي من سيدفع ثمن ما تقوم به الحكومة من خطوات اقتصادية غير صحيحة. وكان رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، أعلن نتائج المباحثات التي بدأت منذ ثلاثة أشهر مع صندوق النقد الدولي، والتي اقتربت من مراحلها النهائية، مشيرًا إلى استمرار محافظ البنك المركزي، المهندس طارق عامر، ووزير المالية، عمرو الجارحي، في استكمال هذه المباحثات، وإنهاء المفاوضات مع بعثة الصندوق التي ستصل إلى القاهرة خلال أيام وأكد رئيس مجلس الوزراء، أن القرض سيساهم في سد الفجوة التمويلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري ومساندة الدولة في استكمال تنفيذ برنامجها الإصلاحي، والذي بدأ من خلال اعتماد البرلمان لبرنامج الحكومة والموازنة لعام 2016/2017. من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور صلاح فهمي، أن مصر ستقترض 12مليار دولار من صندوق النقد، ولكن ليس دفعة واحدة ولكن على أربع دفعات قيمة كل دفعه 3 مليارات دولار، وهي حصة مصر من صندوق النقد في المرة الواحدة. وأضاف فهمي، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن من إيجابيات القرض أنه من أكبر مؤسسة على مستوى العالم، بالإضافة إلى أن اقتراض مصر من صندوق النقد دليل براءة الذمة المالية لمصر على مستوى العالم؛ لإثبات امتلاكها تصنيفًا ائتمانيًا سليمًا؛ مما يعطي سمعة اقتصادية جيدة لمصر على مستوى العالم. وعن سلبيات ذلك القرض، قال فهمي، إن إنفاق ذلك القرض على قطاعات إنتاجية يعد أمرًا جيدًا، ولكن على قطاعات استهلاكية يعد كارثة، خاصة أن الأجيال القادمة ستدفع ثمن ذلك القرض، وستتحمل تسديد جزء منه بفوائده، مؤكدًا أنها ليست كبيرة. وعن اشتراط صندوق النقد تطبيق مصر لقانون القيمة المضافة للحصول على القرض، أشار فهمي إلى أن هذه ليست مشكلة خاصة أن القانون في مجلس النواب ينتظر الموافقة عليه. وكان محافظ البنك المركزي نفى اعتزام مصر التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض، مؤكدًا أن مصر لم تتقدم بطلب للحصول على قرض من الصندوق. وبدوره قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن اقتراض مصر مبلغًا كبيرًا من البنك الدولي لتمويل عجز الموازنة، واصفًا ذلك القرض بأنه قرض المضطر؛ لأن المبلغ يتم اقتراضه للاتفاق على الاستهلاك؛ مما يعني أن المصريين أصبحوا يأكلون اليوم على حساب الغد، وهذا خطأ كبير وقعت به الحكومة؛ لأن الاقتراض يجب أن يوظف في الاستثمار أو بناء البنية التحتية للدولة؛ خاصة أن الاستثمار هو الذي يدفعنا إلى السداد. وأضاف الدمرداش، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن حاجة مصر إلى الاقتراض جاءت نتيجة عجز الموازنة؛ نتيجة زيادة المصروفات مقابل الإيرادات، مما يدل على أن الدولة أصبحت في وضع اقتصادي حرج، بالإضافة إلى ضعف أداء الحكومة والوزراء. وتابع: أن الجيل الحاضر هو من سيستفيد من ذلك القرض، مطالبًا الدولة بالإفصاح عن شروط البنك لإعطاء ذلك القرض لمصر؛ وما هو سعر الفائدة؟ خاصة أن القرض له فوائد وأقساط تدفع من الإيرادات فنصبح ندفع من المستقبل استهلاك الماضي. وعن أضرار ذلك القرض على الاقتصاد المصري أشار الدمرداش إلى أن القرض له أعباء سياسية يلزم بها البنك الدولي الدولة التي تقترض منه، مطالبًا الدولة بتوضيح شروط ذلك القرض، موضحًا أنه ليس هناك شفافية، مشيرًا إلى أن التقشف من شروط البنك الدولي؛ مما يؤدي إلي زيادة البطالة نتيجة عدم الأنفاق علي المشروعات الجديدة. وكان وزير المالية عمرو الجارحي، قد أكد أن مصر تستهدف تمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار على ثلاث سنوات من بينها 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بواقع أربعة مليارات دولار سنويًا بفائدة تتراوح بين 1 إلى 1.5%. وأضاف الجارحي، أن مصر تلجأ للقرض الجديد بعدما ارتفعت معدلات العجز في الموازنة للعام المالي الجديد إلى 320-330 مليار جنيه، مؤكدًا أن مصر لا تستطيع الاستمرار في إصلاحها الاقتصادي بينما تقترب نسبة الدين العام من 100% من إجمالي الناتج المحلي ويصل عبء الفائدة على الدين العام إلى 300 مليار جنيه سنويًا. ومن جانبه قال الدكتور شريف دولار، الخبير الاقتصادي، إن تلك المرة لم تكن الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن اعتزامها الاقتراض، مشيرًا إلى حاجة مصر للاقتراض لعلاج أزمة الموازنة؛ لسداد الالتزامات خاصة مع تدهور سعر الصرف فأصبحنا في حاجة إلى دفع فاتورة الغذاء، مستلزمات الإنتاج الأموال التي يجب إعطاؤها للشركات الأجنبية العاملة في مصر، بالإضافة إلى أن دول الخليج أصبح وضعه المادي سيئًا للغاية، ولم يستطع إعطاء أي أموال لمصر. وأوضح دولار، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن هذا القرض يفرض على مصر عمل برنامج اقتصادي محدد لتحسن الوضع الاقتصادي، والالتزام به بشكل دقيق، بالإضافة إلي وضع بعض القواعد الخاصة التعريفة الجمركية، مشيرًا إلي أن مصر ستتفاوض على شروط الإصلاح الاقتصادي في الفترة القادمة مع البنك الدولي، موضحًا أن مصر في انتظار أصعب 3 أشهر علي الاقتصاد المصري رغم عدم أخذ فوائد على تلك القروض. وأكد انخفاض أسعار وتكلفة الاقتراض من البنك وصندوق النقد الدوليين، مقارنة بطرح سندات دولارية توجه لتمويل مشروعات استثمارية يتفق عليها مع هذه الجهات، مشددًا على ضرورة العودة إلى العمل والإنتاج لتعزيز إيرادات التصدير والسياحة، وتعويض عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات.