السيسي يقترض ثلاثة مليارات دولار.. خبراء: القروض امتداد لسياسات مبارك.. وأحزاب: الاقتصاد في خطر جاءت تصريحات وزير المالية، هاني قدري دميان، بأن مصر ستحصل على قرض حجمه ثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات من أجل دعم الموازنة العامة لتثير العديد من التساؤلات حول سعى الحكومة للقرض من البنك الدولي، وتطلعها أيضًا للحصول على قرض آخر من صندوق النقد الدولي، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض الشديد في فترة حكم الرئيس محمد مرسى بحكومة الدكتور هشام قنديل. ووضع سعى الحكومة المصرية، الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحصول على قروض من المؤسسات الدولية القوى السياسية، في موقف محرج فما كان حرامًا في فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى أصبح حلالاً في عهد السيسى، وهو ما يكشف حقيقة الازدواجية التي تتعامل بها النخبة المصرية مع تلك المواقف. وقال تقرير لوزارة المالية صدر بداية يوليو الماضى إن عجز الموازنة العامة للدولة خلال الفترة من يوليو 2014 إلى مايو 2015 ارتفع إلى 261.8 مليار جنيه، أي ما يعادل 10.8% من الناتج المحلى الإجمالي من 189.4 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها من العام السابق. وردًا على سؤال بخصوص إمكانية لجوء مصر للاقتراض من صندوق النقد الدولي، قال هاني قدري، خلال كلمته في المؤتمر الصحفي الذي عقده الأربعاء الماضى، إن "الحكومة منفتحة على كل الخيارات لتمويل الموازنة وسد الفجوة التمويلية بأي طريقة، ولكن في الوقت وبالقدر المناسب مؤكدا أن "الحكومة ليس لديها أى حساسية تجاه التعامل مع الصندوق وهو ما يؤكد سعى مصر للحصول على قرض آخر من النقد الدولي بعد قرض البنك الدولي والمقدر بثلاثة مليارات جنيه. ومنذ تولى عبدالفتاح السيسي، حكم البلاد وبدأت حكومته في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي للإصلاح الهيكلي المالي، فسعت الحكومة لتقليص الدعم، مرورًا بتحرير أسعار مشتقات البترول، ليس هذا وحسب بل عمدت إلى تطبيق الضرائب ولكنها سرعان ما تراجعت عن هذا القرار للخسائر الفادحة التي تعرضت لها البورصة جراء هذا القرار، بالإضافة إلى تقليص عجز الموازنة وتقليل المرتبات. وأقرت حكومة المهندس إبراهيم محلب قانون "الخدمة المدنية" لتنفيذ شروط البنك الدولي والذي سيعمل على تقليل عدد موظفي الجهاز الإداري، وبالتالي تقليل المرتبات، حيث جاء هذا القرار بالتزامن مع زيارة جيم كيم، رئيس البنك الدولي لمصر، خلال المؤتمر الاقتصادي الذى أقامه السيسي، بهدف جذب الاستثمارات إلى مصر والذي أرسل رسائل واضحة خلال تصريحاته بقرب منح مصر قرض صندوق القرض الدولي. الغريب في الأمر أنه لم تحدث أي اعتراضات من قبل الإعلام أو النخبة المصرية على سعى نظام السيسى للحصول على قرض وهو ما يتناقض تمامًا مع ما تم فى حكم الرئيس، فقد شنت هذه القوى هجومًا شرسًا على نظام مرسى، رافضين اقتراض مصر من صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من المصارحة التي اتبعتها حكومة قنديل مع الرأي العام بشأن هذا القرض، وإعلانهم عن حاجة مصر ل( 4,8) مليار دولار من الصندوق، كانت ردود الفعل رافضة تمامًا لهذا الأمر في الوقت الذي لم يُسمع لهم صوت الآن. وقال ياسر حسان، رئيس لجنة الإعلام بحزب الوفد، إن القروض الممنوحة لمصر سواء من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي بمثابة شهادة عالمية معتمدة على البرنامج الإصلاحي النقدي التي تنفذه مصر بأنه جيد. وأكد رئيس لجنة الإعلام بحزب الوفد، ل"المصريون" أن الحزب يرحب بالقرض والمفاوضات بين الحكومة والهيئات العالمية، التي تعطى الثقة في الاقتصاد المصري، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن تلك المفاوضات والقروض ستتم مراجعتها على البرلمان المقبل، وفقًا للدستور، وشروط النقد الدولي. وأضاف ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن السياسات الاقتصادية التي تتبعها حكومة المهندس شريف إسماعيل ومن قبلها حكومة محلب لا فرق بينها وبين حكومات مبارك وسياسات يوسف بطرس غالى وزير المالية في عهده، موضحًا أن سياسات القروض من الخارج مضرة بالاقتصاد المصري ويدفع ضريبتها الأجيال القادمة. وأوضح الشهابي ل"المصريون" أن هذه السياسات تعتمد على بيع أذون الخزانة للبنوك العاملة في مصر بفائدة عالية وهو ما يضر بالاقتصاد ويزيد العجز، موضحًا أن الحكومة لا تنظر إلى الفقراء وتسعى دائمًا لحماية الأغنياء. وتابع الشهابي أنه لا بد من اتباع سياسات اقتصادية جادة لمعالجة الخلل فى العجز المالي في الموازنة، وذلك من خلال فرض الضريبة التصاعدية والاعتماد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى إلغاء قانون السيسى بتأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة. وكشف السفير معصوم مرزوق، القيادي في حزب التحالف الشعبي، عن أن صندوق النقد الدولي عندما أرسل بعثة للتفاوض خلال حكم الإخوان جلس مع عدد من الأحزاب السياسية، وخلال الجلسة أبدى الحزب موافقة على القرض من الصندوق باعتبار أن مصر من الدول المؤسسة فيه، ومن حق المصريين أن يستخدموا القرض وفقًا لتحقيق التنمية التي يطمحون إليها، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنهم رفضوا اشتراطات النقد الدولي بعد ذلك لتدخل تلك الهيئات في شئون مصر، فضلاً عن أن تلك الاشتراطات قد تؤدى بالبلاد إلى كارثة اقتصادية محتمة بفعل القيود على الاقتصاد المصري وفرض سياساته على مصر. واستطرد القيادي في حزب التحالف الشعبي، أن المفاوضات بين الحكومات المصرية وصندوق النقد، استمرت أربع سنوات، ولرفض الحكومات السابقة اشتراطات الصندوق وفرض سياساته على الاقتصاد المصري، والتى كان منها مطالبته الحكومة بفرض برنامج ترشيد الإنفاق الحكومي، وتخفيض العملة، ورفع الدعم، مشيرًا إلى أن النظام الحالى فيما يبدو أنه وافق على تلك الشروط، والتي سبق للحكومات السابقة أن رفضتها وذلك في صورة قانون الخدمة المدنية الصادر حديثًا. ورأى مرزوق، أنه من الممكن أيضًا أن تكون هناك شروط أخرى من البنك، ومصر وافقت عليها، مشيرًا إلى أن غياب الشفافية في تعاملات الحكومة مع المواطنين أسهم في زيادة الشكوك من أن تكون هناك شروط غائبة على المصريين. وتوقع أن تسهم سياسة الحكومة الاقتصادية وموافقتها على تلك الشروط، من أن تعود بالسلب على أغلب المصريين وبالأخص الفقراء خلال الفترة القادمة، وذلك بعد تعويم الجنيه المصري، والذي تدهور خلال شهور قليلة إلى40%. وعن دور البرلمان من تلك القروض والمفاوضات، قال مرزوق إن البرلمان المقبل لن يكون له أي دور، واصفًا مجلس النواب المقبل ب"الختامة" لقرارات رئاسة الجمهورية، مشددًا على أنه سيكون بلا لون أو طعم في سياساته. الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، قال إن اقتراض مصر مبلغًا كبيرًا من البنك الدولي، لتمويل عجز الموازنة، واصفًا ذلك القرض بأنه قرض المضطر لأن المبلغ يتم اقتراضه للاتفاق على الاستهلاك مما يعنى أن المصريين أصبحوا يأكلون اليوم على حساب الغد وهذا خطأ كبير وقعت به الحكومة، لأن الاقتراض يجب أن يوظف في الاستثمار أو بناء البنية التحتية للدولة، خاصة أن الاستثمار هو الذي يدفعنا إلى السداد. وأضاف الدمرداش في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن حاجة مصر إلى الاقتراض جاءت نتيجة عجز الموازنة وزيادة المصروفات مقابل الإيرادات، مما يدل على أن الدولة أصبحت في وضع اقتصادي حرج، بالإضافة إلى ضعف أداء الحكومة والوزراء. وتابع أن الجيل الحاضر هو مَن سيستفيد من ذلك القرض، مطالبًا الدولة بأن تفصح عن شروط البنك الدولي لإعطاء القرض لمصر، خاصة أن القرض له فوائد وأقساط تدفع من الإيرادات فنصبح ندفع من المستقبل استهلاك الماضي. وعن أضرار ذلك القرض على الاقتصاد المصري، أشار الدمرداش إلى أن القرض له أعباء سياسية يلزم بها البنك الدولي الدولة التي تقترض منه، مطالبًا الدولة بتوضيح شروط ذلك القرض، موضحًا أنه ليس هناك شفافية مطلوبة، مشيرًا إلى أن التقشف من شروط البنك الدولي، مما يؤدى إلى زيادة البطالة نتيجة عدم الإنفاق على المشروعات الجديدة.