معلمو الحصة فوق 45 عامًا يُطالبون بتقنين أوضاعهم وتقدير جهودهم    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    بعد تراجعه 95 جنيها.. سعر الذهب يرتفع بحلول التعاملات المسائية اليوم    النيابة تعاين منازل المتضررين بسبب تسريب الصرف الصحى بسوهاج    محافظ الأقصر يشهد لقاء جماهيريا في إسنا لحل شكاوى المواطنين (صور)    مصادر: خامنئي يفوض صلاحياته للحرس الثوري ويختبئ في ملجأ تحت الأرض    وزير الخارجية يجري اتصالين هاتفيين بنظيره الإيراني ومبعوث الرئيس الأمريكي    كأس العالم للأندية.. بروسيا دورتموند 0-0 فلومينينسي    ترامب: لدينا الآن سيطرة كاملة وشاملة على الأجواء فوق إيران    بعد المطالبة بترحيلها.. طارق الشناوي يدعم هند صبري: محاولة ساذجة لاغتيالها معنويًا    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    من سرقة بنك إلى المونديال.. الحكاية الكاملة لصن داونز وملهمه يوهان كرويف    خاص ل "الفجر الرياضي" | ريال مدريد سيوقع مع هذا اللاعب عقب المونديال (مفاجأة)    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت 400 صاروخ حتى الآن    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    "فوربس" تختار مجموعة طلعت مصطفى كأقوى مطور عقاري في مصر    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    بحضور أسر الصحفيين.. عروض مسرح الطفل بقصر الأنفوشي تحقق إقبالًا كبيرًا    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "المدرسة البرتغالية".. نجم الزمالك السابق يطلق تصريحات قوية بشأن الصفقات الجديدة    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    درة تحتفل بتكريمها من كلية إعلام الشروق    الخميس.. جمعية محبي الشيخ إمام للفنون والآداب تحتفل بالذكرى ال30 لرحيله    معهد ستوكهولم: سباق تسليح مخيف بين الدول التسع النووية    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير يواصل تألقه بعرض خاص في القاهرة    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    تأجيل محاكمة متهمين بإجبار مواطن على توقيع إيصالات أمانة بعابدين    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    هشام ماجد يسترجع ذكريات المقالب.. وعلاقته ب أحمد فهمي ومعتز التوني    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    محافظ المنيا: استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 509آلاف طن منذ بدء موسم 2025    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    CNN: ترامب يواجه ضغوطا متعارضة من إسرائيل وحركته الشعبوية    «الرعاية الصحية» تُعلن توحيد 491 بروتوكولًا علاجيًا وتنفيذ 2200 زيارة ميدانية و70 برنامج تدريب    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الحكومة مضطرة للاستدانة بشروط (( إذعان )) ؟!
نشر في أكتوبر يوم 22 - 01 - 2012

14 شرطاً وضعها صندوق النقد الدولى لمنح مصر مبلغ 3.2 مليار دولار على سبيل القرض بفائدة 2.5%.
ليست وسائل الإعلام فقط هى التى توقفت أمام شروط الصندوق لكن - بدون مبالغة - فإن كثيرًا من المصريين من غير النخب (رجل الشارع) توقفوا كثيراً أمام شروط الصندوق واعنبروها نوعًا جديدًا من الاستعمار.. وهذه المخاوف ليست إلا امتدادا لما أثير حول الصندوق والبنك الدوليين خاصة بعد ثورة 25 يناير وتدخلهما السافر أو السافل فى توجيه الاقتصاد المصرى لمأزقه المالى والدفع به إلى نقطة الأزمة التى تفجرت عندها الثورة..
فهل الحكومة مضطرة للاستدانة من الصندوق بسبب انخفاض فائدته؟!
وهل هذه الشروط مبالغ فيها أو شروط إذعان كما يقولون؟! هل هى شروط عادية وطبيعية لمؤسسة دولية لا تقدم قروضها لوجه الله وسواد عيون الدول المستدينة؟!
أسئلة يجيب عنها هذا التحقيق.
فهذه الشروط أو التوصيات التى رصدتها بعثة صندوق النقد الدولى للقاهرة عقب مفاوضات مع الجانب المصرى خلال الفترة من 26 أكتوبر حتى 7 نوفمبر 2011، التى تعطى للصندوق الحق فى مراقبة الأداء الاقتصادى للحكومة بشكل ربع سنوى، وتطالب مصر بوضع قانون جديد للجمارك لتحسين النظام وزيادة العائدات، والعمل بقانون لضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات، ليتم تطبيقهما فى مايو 2012، والسعى لفرض ضريبة تتراوح بين 50? و60? على التبغ فى يونيو 2012.
وكشفت وثيقة بعثة الصندوق إلى القاهرة أن الحكومة المصرية مطالبة بتوسيع القاعدة الضريبية بفرض ضريبة على تعاملات البورصة، ومحاصرة أسباب ارتفاع معدلات التضخم، فضلا عن ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة، وإعداد خطة متوسطة الأجل لتحسين وضع الدعم وتوجيهه للفئات الأكثر فقراً، لافتة إلى أن الحكومة لابد أن تلتزم باصدار الموازنة الجديدة متسقة مع بنود البرنامج الاقتصادى المقترح وبرامج التنمية المستدامة العالمية، فضلا عن التزام البنك المركزى بنشر تقارير ربع سنوية عن أداء البنوك المحلية، والسعى لوضع ضوابط لزيادة كفاءة رأس المال، وتقليل نسب التعرض للمخاطر المصرفية بتحقيق أقصى درجة من التوافق مع مقررات «بازل 2».
وشددت على حق الصندوق فى مراقبة نسبة العجز فى الموازنة والاحتياطى النقدى والأصول المحلية التابعة للبنك المركزى وحجم القروض التى حصلت عليها الحكومة، وأن يراقب الأداء الاقتصادى 5 مرات فى مارس ويونيو، وسبتمبر، وديسمبر 2012 ثم مارس 2013، إضافة إلى أهمية أن تتضمن منظومة الأداء الاقتصادى مرونة كافية فيما يتعلق بالاحتياطى الأجنبى بحيث تترك للبنك المركزى نحو مليار دولار للتدخل فى أسواق صرف العملات، لكن مع السماح لأسعار الصرف بالتحرك فى الاتجاهين.
إجراءات مالية
وبدوره أكد مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد أن بعثة الصندوق أجرت محادثات أولية مثمرة مع الجانب المصري، لوضع برنامج محتمل لبرنامج صندوق النقد للمساعدة فى تحقيق استقرار اقتصاد مصر، واستعادة الثقة، ووضع الأسس لعملية خلق النمو، وضمان حماية الأسر الفقيرة خلال الفترة الانتقالية، مشيرا إلى أنه سيتبع هذه الزيارة الأولية عمل فنى خلال الأسابيع المقبلة، وذلك للانتهاء من العمل مع المسئولين بشأن تفاصيل البرنامج الاقتصادى لمصر التى يمكن أن يدعمها صندوق النقد الدولى.
وقال مسعود رئيس بعثة الصندوق فى بيان صحفى صادر عن صندوق النقد إن الاقتصاد فى مصر، رغم أسسه الصلبة والسليمة، فإنه يواجه عددا من التحديات الصعبة المتعلقة بتسرب الدعم والتشوهات الضريبية، التى تتعين معالجتها من خلال برنامج اقتصادى يضمن استقرار الاقتصاد الكلى، ويهيئ الظروف لحدوث انتعاش قوى، وهذا ما يتم الآن، حيث يتم حاليا مناقشة البرنامج الذى وضعه المسئولون المصريون وسياساته الرئيسية مع الأحزاب السياسية الناشئة لضمان تأييد سياسى واسع النطاق، مما يساعد على التقليل من عدم اليقين وتعزيز الثقة فى التنفيذ الناجح للبرنامج.
وأضاف أنه تم خلال اجتماعاتهم مع معظم القوى الفاعلة فى المجتمع التعرف على طائفة من وجهات النظر حول الوضع الراهن فى مصر، والسبل الممكنة لمواجهة التحديات الاقتصادية، التى تتمثل فى ضرورة استعادة الثقة فى الاقتصاد، وإرساء إطار لخلق وظائف جديدة، وحماية الطبقات الفقيرة فى المجتمع، موضحا أن الأمر المهم الذى يجب أن يدركه الجميع هو أن صندوق النقد حريص على تحقيق مصلحة مصر.
رد الحكومة
وحكوميا، أكد ممتاز السعيد وزير المالية أن الحكومة تتفاوض مع الصندوق للبدء فى تسلم دفعات القرض اعتبارا من مارس 2012 بنفس شروط الفائدة السابقة، التى تم التوصل إليها فى يونيو الماضى، وهى نحو 1,5% فائدة يضاف إليها 1% مصروفات إدارية، لافتا إلى أن البعثة بحثت خلال لقاءاتها مع مسئولى الحكومة الإجراءات الاقتصادية، التى اتخذتها الحكومة لترشيد الإنفاق العام، وزيادة الإيرادات وتحسين الأداء المتعلق بمنظومة الدعم.
وقال وزير المالية إن الأمر لن ينطوى على أى شروط سياسية، بل التحاور والتفاوض يتم للاتفاق على ما يلزم تطبيقه لدفع عجلة النمو الاقتصادى ويجعله قادرا على الوفاء بما عليه من التزامات للأطراف المتعددة، ومنها صندوق النقد، وبالفعل بدأ الأداء الاقتصادى يشهد بعض التعافي، حيث شهد عجز الموازنة خلال الفترة يوليو- نوفمبر 2011-2012 انخفاضًا قدره 0.3 نقطة مئوية، وكذا انخفضت نسبة الدين الخارجى للانتاج المحلى فى سبتمبر 2011 لتصل إلى 12.9% مقابل 14% فى سبتمبر 2010.
فيما نفت فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى أن تكون هناك أى شروط من جانب الصندوق على مصر، مؤكدة أن الأمر كله أن المفاوضات تجرى لوضع برنامج إصلاح اقتصادى يساهم فى دفع عجلة الاقتصاد للخروج من المأزق الحالي، وأنه فى سبيل ذلك كان حرص بعثة الصندوق على إجراء مباحثات مع كافة الفاعلين فى مصر، سواء الحكومة أو المجلس الاستشاري، بالإضافة إلى الأحزاب الرئيسية التى فازت فى الانتخابات البرلمانية، وذلك للتعرف على مدى تأييدها للسياسات التى تتبعها الحكومة وبرنامجها الإصلاحى.
ورفضت كل ما يثار من شائعات فى مختلف وسائل الإعلام حول مشروطية قرض الصندوق لمصر، وأنه لو كانت هناك شروط «موضوعة» لأفصح عنها أعضاء البعثة دون خوف، مؤكدة أن الاقتراض هو عملية تسعى لها كل دول العالم بما فيها الدول الغنية والنامية، وأن سياسة الاقتراض الخارجى التى تتبعها مصر من أنجح السياسات.
شروط تعسفية
«الإقدام على الاقتراض من صندوق النقد الدولى لا ينطوى على رفاهية الاختيار» كما ترى د. منال متولى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، موضحة أنه عندما تلجأ الدولة للاقتراض غالبا ما تكون مضطرة خاصة فى ظل هذه الظروف التى يعانى فيها الاقتصاد من تراجع حاد فى التصنيف الائتماني، وبالتإلى زيادة تكلفة الحصول على هذه القروض.
وقالت د. متولى إن حاجة مصر الماسة إلى هذا القرض لا يعنى أبدا أن يتم القبول به بشروط تعسفية، بل يعنى التفاوض الجاد للحصول على أفضل الشروط، لذلك فإنه لا توجد أسباب منطقية لرفض مثل هذه القروض الميسرة، التى يحتاج إليها الاقتصاد، إلا أنه لكى يتم تعظيم الاستفادة من هذه القروض بعيدا عن إرضاء الجانب المقرض كصندوق النقد الدولى من عدمه، فإن الحكومة مطالبة بأن تضع تصورًا شاملاً تحدد فيه الأوعية الاستثمارية، التى سيتم وضع القرض فيها، لأنه لكى يؤتى الاقتراض الثمار المرجوة منه لابد من وجود تصور لأى قروض من الخارج.
«الاقتراض من المؤسسات الدولية له مميزات وعيوب» كما يرى د. أحمد جلال رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، حيث يتميز فى كونه يساعد البلد المقترض على عمل إطار لإدارة الاقتصاد الكلى، فيما يكمن العيب فى الشروط المقترنة بالقرض، وأن الدول الأكثر ذكاء هى التى تضع قائمة بالشروط، التى يمكنها تنفيذها وترتبط بخطتها للإصلاح الاقتصادى، فيما تطلب الدول الأخرى القروض وتجلس منتظرة الشروط التى تفرض عليها.
وأوضح د. جلال أن هناك فرقا بين الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدولى، فالصندوق يهدف إلى دعم الدول ماليا للخروج من الأزمات وإعادتها إلى التوازن فى الأجل القصير، أما البنك الدولى فدوره يتمثل فى تمويل المشروعات طويلة الأجل المتمثلة فى مشروعات البنية الأساسية والتعليم والصحة.
أيسر الشروط
«الحصول على قروض من هذه المؤسسة الدولية هو حق لأعضائها» هكذا بدأ كلامه د. محمود عبدالحى مدير معهد التخطيط القومى الأسبق مشيرا إلى أن عضوية مصر فى الصندوق تتيح لها فرصة جادة وهى الحصول على قروض بتكلفة منخفضة فى ظل هذه الظروف، لذلك فإنه من غير المنطقى أن تجد الحكومة حلًا لتوفير تمويل بفائدة لن تزيد على 2.5%، وترفضه لوجود شروط من قبل الصندوق، لابد للحكومة أن تأخذ بها.
ولفت د. عبدالحى إلى أن الواقع يقول بحق الصندوق فى الاتفاق مسبقا من الجهة طالبة القرض على الإجراءات التى تكفل الحد الأدنى من القدرة على السداد، لأنه بدون ذلك ستضيع أموال هذه الهيئات عبثا، وبالتالى فإن التفاوض الجارى بين الحكومة وبعثة الصندوق لو كانت تستهدف وضع الإجراءات التى تكفل ضمان قدرة الاقتصاد على الوفاء بالالتزامات، فهذا فى صالح مصر، لأن أعضاء هذا الوفد الدولى هم من كبار خبراء المالية فى العالم، والتباحث معهم حول إجراءات النهوض بالاقتصاد ميزة كبيرة.
ورفض كل ما يثار فى وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة حول شروط الصندوق التعسفية التى يلزم الحكومة بتنفيذها للحصول على القرض البالغ 3.2 مليار دولار، لما يغلب على هذا الخطاب الإعلامى من «تسطيح» بالغ للأمور لكونه صادرًا عن جماعات مصالح تستهدف «تسخين» الرأى العام ضد الحكومة الحالية، التى تؤدى مهمتها إلى الآن بنجاح منقطع النظير، مشددا على أن الذين يرفضون هذا القرض مطالبون بضرورة توفير بدائل أقل تكلفة من قرض الصندوق وإلا فعليهم أن يصمتوا.
د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أيدت بشدة أن تجتهد الحكومة للحصول على هذا القرض من صندوق النقد، الذى أنشئ خصيصا لمساعدة الدول الأعضاء، التى تمر بظروف مماثلة لظروف مصر الحالية، لذلك فمن الطبيعى أن تلجأ مصر كعضو مؤسس للاقتراض منه، مشيرة إلى أن هذا الاقتراض أقل البدائل المتاحة تكلفة لسد العجز فى ميزان المدفوعات وعجز الموازنة، ويمكن أن يكون بمثابة اعتراف مبدئى بأن الاقتصاد المصرى بدأ يستعيد عافيته وبالتالى جدارته الائتمانية، وأن هذا القرض يمكن أن يكون بداية لجهود دولية أخرى يبذلها مانحون دوليون لإعادة الاستقرار لمصر.
وأوضحت أن المفاوضات التى تجريها الحكومة مع الصندوق ما هى إلا محاولة جادة للتوصل إلى أيسر الشروط للحصول على القرض، وقد تدرك حكومة د. الجنزورى بحرصها على وضع الحلول المواتية لأزمات الاقتصاد فى الأجل القصير، إلا أن التحدى الأول الذى ينتظرها هو قدرتها على توظيف هذا القرض وما سيتلوه من قروض أخرى فى قنوات استثمار جادة تحقق الفائدة المرجوة منه، مطالبة بضرورة توجيه أكبر قدر من هذه القروض لتنمية المشروعات الصغيرة بما يترتب عليه زيادة حقيقية فى الإنتاج، وتوفير المزيد من فرص العمل وزيادة معدلات التشغيل فى الاقتصاد.
اتفاق ضرورى
فيما قال أيمن حجازى مدير إدارة الاستثمار ببنك الشركة المصرفية إن موافقة صندوق النقد على منح هذا القرض للجانب المصرى يمثل دفعة قوية للاقتصاد من جانبين، أولهما، تعزيز موقف مصر الائتمانى فى التصنيفات الدولية، وثانيهما، تمويل عجز الموازنة وضخ استثمارات فى القطاعات المتعثرة لإعادة عجلة الانتاج، نتيجة للتراجع الذى تشهده الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل حاد خلال العام الماضى، متأثرة بالأحداث السياسية الأخيرة، التى أعقبت ثورة 25 يناير، لتسجل مستوى 2.2 مليار دولار، فى نهاية السنة المالية الماضية 2010- 2011، مقارنة ب13.2 مليار دولار فى العام السابق.
وأضاف أن وجود شروط للإقراض لا ينبغى التعامل معه بحساسية، فمن الطبيعى ان يطلب المقرض من المقترض بعض الشروط التى تضمن قدرته على السداد، وأن الشروط توضع للتفاوض بشأنها، والمهم هو الوصول لشروط مناسبة لظروفنا الاقتصادية والالتزام بها بعد الاتفاق، مؤكدا على ضرورة العودة إلى معدلات الإنتاج السابقة، بما يساهم فى دعم الاقتصاد المصرى، وأن عودة الاستثمار الأجنبى مرهونة بتحسن الظروف السياسية واستقرار الأوضاع الأمنية.
السفير جمال البيومى - أمين عام اتحاد المستثمرين العرب - أوضح أن الحكومة فى سعيها للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى «مضطرة» لكونها فى حاجة ماسة إلى مثل هذه القروض لسد الاحتياجات المتزايدة وتعويض العجز فى الإيرادات، وبالتإلى فإنه من الضرورى أن نتفق على وجود الاضطرار للحاجة، لتأتى المرحلة الثانية، وهى الاختيار بين البدائل المتاحة أمام الحكومة، لنجد الصندوق الذى يوفر قروضًا بتكلفة لا تزيد على 2.5% مقابل مؤسسات أخرى تقرض بفائدة تدور حول 15%.
وأكد أن ما يشجع على الاقتراض من صندوق النقد الدولى هو إنه إذا ما وافق الصندوق على منح قرض لمصر فإن ذلك يعنى اعترافا بأن الاقتصاد المصرى فى الحدود الآمنة مما يحسّن من تصنيفه الائتماني، وذلك لأن الصندوق لن يوافق على القرض، إلا اذا رأى أن مصر لديها رؤية اقتصادية جيدة، وأن القرض سيساهم فى سد العجز، موضحا أن الاقتراض الخارجى كذلك أفضل من الاقتراض الداخلي، خاصة أن الدين الخارجى لمصر مازال فى الحدود الآمنة، كونه يمثل أقل من 13% من الناتج القومى.
وقال البيومى إن المنطق يقول إن الاقتراض من الصندوق هو الحل الأمثل فى ظل هذه الظروف، وان رفض الاقتراض من هذه المؤسسة لكونها تشترط على الحكومة تنفيذ برنامج اقتصادى معين أمر يفتقد إلى الموضوعية، خاصة لو كان البرنامج الاقتصادى المطروح ينطوى على فرص جادة لدفع الأداء الاقتصادى للأمام، لافتا إلى أن ما أسماه الإعلام «شروطا»، ما هى إلا خطة اقتصادية تم الاتفاق عليها بالتوافق بين بعثة صندوق النقد الدولى والحكومة المصرية.
صندوق النقد الدولى فى سطور
صندوق النقد الدولى (IMF) هو وكالة متخصصة من وكالات الأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية فى عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمى، ويشترك فى عضويته 184 دولة، لذلك فإنه يعد المؤسسة المركزية فى النظام النقدى الدولى أو نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات، الذى يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة.
ويستهدف الصندوق منع وقوع الأزمات فى النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة، كما أنه - كما يتضح من اسمه - صندوق يمكن أن يستفيد من موارده الأعضاء الذين يحتاجون إلى التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشكلات فى ميزان المدفوعات.
ويعمل الصندوق على تحسين الأحوال السائدة عالمياً وذلك من خلال التوسع المتوازن فى التجارة العالمية، وتحقيق استقرار أسعار الصرف، وتجنب التخفيض التنافسى لقيم العملات، وأخيرا، إجراء تصحيح منظم لاختلالات موازين المدفوعات فى دول العالم.
ولتحقيق هذه الأهداف، يقوم الصندوق بمراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية فى البلدان الأعضاء وعلى المستوى العالمى، وتقديم المشورة بشأن السياسات لأعضائه استناداً إلى الخبرة التى اكتسبها طوال أكثر من خمسين عاما،وإقراض البلدان الأعضاء التى تمر بمشكلات فى موازين مدفوعاتها، ليس فقط لإمدادها بالتمويل المؤقت وإنما أيضاً لدعم سياسات التصحيح والإصلاح الرامية إلى حل مشكلاتها الأساسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.