الوفد الحكومي اليمني تائهًا في زحمة المفاوضات يبدو أن الوفد الحكومي اليمني قرر أن يحقق أي نصر دبلوماسي حتى لو لم يكن موجودًا، فقبل أيام معدودات كان وفد الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه هادي منصور، قرر الانسحاب من مشاورات السلام في الكويت، بعد تشكيل حركة أنصار الله مجلس رئاسي مع حزب المؤتمر الشعبي التابع لعبدالله صالح، الرئيس السابق، ليعود نفس الوفد أمس، معلنا – دون مقدمات- أنه وافق على اتفاق مزعوم للسلام في اليمن، قالوا إن الأممالمتحدة كانت اقترحته، لوضع حد للنزاع المستمر منذ أكثر من عام مع حركة أنصار الله. وصدر الإعلان عن الحكومة اليمنية، إثر اجتماع عقده الرئيس اليمني منصور هادي مع عدد من أركان حكومته في الرياض، حيث وافق الاجتماع على "مشروع" الاتفاق الذي تقدمت به الأممالمتحدة القاضي بإنهاء النزاع المسلح، الذي يقضي بالانسحاب من العاصمة ونطاقها الأمني، وكذا الانسحاب من تعز والحديدة. وقال وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، الذي يترأس وفد الحكومة إلى المفاوضات، إنه وجه رسالة إلى المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يبلغه أن الحكومة تؤيد الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه في الكويت. ولم تتوقف تحركات وفد هادي عند هذا الحد، حيث قال المخلافي إن موافقتهم مشروطة بتوقيع وفد حركة أنصار الله وحلفائهم على الاتفاق الأممي "قبل 7 أغسطس"، مؤكدا أن الرئيس هادي فوّض الوفد الحكومي التوقيع، وأشار إلى أن مشروع الاتفاق الأممي الذي يدعو لنزع سلاح حركة أنصار الله ويعبد الطريق لانسحابها من صنعاء، الأمر الذي سيجعل من مشروع الاتفاق بمثابة تمهيد لحوار سياسي يبدأ بعد 45 يوما من التوقيع على هذا الاتفاق المزعوم. موقف حركة أنصار الله وفضت حركة أنصار ومن يحالفها خطوات وفد هادي الرامية لتكريس أي مشروع أممي للحل كما لو أنه اتفاق تم بالتراضي والإجماع بين الطرفين، حيث جاء في بيان لوفد حركة أنصار الله عن محادثات الكويت أمس أن "ما تقدم به المبعوث الأممي السبت الماضي، لا يعدو عن كونه مجرد أفكار مجزأة للحل في الجانب الأمني ومطروحة للمناقشة، شأنها شأن بقية المقترحات والأفكار الأخرى المطروحة على الطاولة"، وأضاف البيان أن أية تسوية يجب أن تشتمل أولا على الاتفاق على سلطة تنفيذية توافقية. ووصف إعلان الحكومة اليمنية صيغة التسوية ب"فقاعات إعلامية" تستهدف المشاورات الجارية، وتسعى إلى إفشالها من خلال التسريبات ومحاولة فرض أجندات محددة تخدم قوى العدوان وتوفر الغطاء اللازم لمشاريعها ومخططاتها. وشددت أنصار الله على مطلبهم بأن يتناول أي اتفاق سلام شروطهم المتمثلة في التوصل إلى اتفاق على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة "تشمل هيئتي مؤسسة الرئاسة والحكومة، التزاما بالتفاهمات التي تم التوصل إليها خلال ال90 يوما، وتجنب التراجع عن الأسس التي تم الاتفاق عليها"، ورغم نفي الحركة للتوصل إلى اتفاق أممي بين الطرفين، إلا أن وفد أنصار الله والمؤتمر الشعبي، رحب باقتراح ولد الشيخ تمديد المحادثات أسبوعا آخر. الوضع في الميدان اليمني في الآونة الأخيرة، لا يبدو أن الميدان اليمني يبشر بأن المفاوضات اليمنية تلقي بظلالها الدبلوماسية على آلات الحرب فيه، فبالأمس صرح المتحدث باسم قوات العدوان العربي الذي تقوده السعودية على اليمن، العميد أحمد عسيري، أن حملات التحالف في اليمن ستستمر حتى ينتهي الانقلاب على الشرعية في البلاد، في إشارة إلى حركة أنصار الله وحلفائهم على مستوى الأحزاب اليمنية واللجان الشعبية، على حد قوله. كما أن السعودية التي اقتحمت الحدود اليمنية، قالت بأن حدود المملكة لن تكون طرفًا في أي تفاوض داخلي في اليمن، لأن السعودية ليست طرفا في المعادلة الداخلية اليمنية، ويبدو أن السعودية تحاول أن تنهي المفاوضات اليمنية بصورة لا تريق فيه ماء وجهها، خاصة بعد خسائرها العسكرية، فالرياض مارست ولا تزال ضغوطًا عديدة على وفد هادي الذي تدعمه، للعودة للمفاوضات اليمنية بعد أن أعلن انسحابه منها لمراتٍ عدة، فالمملكة باتت مطالبة بإغلاق الملف اليمني سريعًا بعد انتشار موجات الإرهاب في العالم، واليمن جزء من نقاط الإرهاب العالمي، فالقاعدة وداعش يستغلون الضعف السعودي في السيطرة على الأماكن اليمنية الفارغة جراء الحرب اليمنية. في المقابل، باتت الرياض تعاني من ويلات الحرب اليمنية داخل أراضيها، فحدودها الجنوبية معرضة وبشكل كبير للعمليات العسكرية، كما أن أنصار الله كانوا هددوا في وقت سابق بالدخول إلى ما بعد جيزان السعودية، فبالأمس قتل ما لا يقل عن 14 عسكريا سعوديا، بينهم ضابطان، خلال معارك يخوضها الجيش اليمني واللجان الشعبية في المناطق السعودية الحدودية، دمرت خلالها القوات المشتركة دبابات وآليات عسكرية سعودية؛ باستخدام القوة الصاروخية "صرخة 3" وآخر باليستي من طراز "زلزال 3" كرد مباشر على العدوان وغاراته الجوية المستمرة على اليمن. ويرى مراقبون أن السعودية تسعى لاستعجال الطبخة الأممية قبل نضوجها حتى، خاصة أن الوفد الحكومي اليمني التابع للمملكة كان تحفظ في منتصف يوليو الماضي على ما يعرف بخارطة الطريق المقترحة من المبعوث الأممي أيضًا، وهي الخطة التي قوبلت بالرفض من الحكومة اليمنية، واعتبروا أن خارطة الطريق التي كشف عنها ولد الشيخ منافية لمرجعيات المشاورات المتفق عليها، ولم يتم الموافقة عليها، فالخارطة كانت تشير لضرورة تشكيل حكومة توافقية في اليمن. إسراع السعودية أمس، بقبول "مشروع" اتفاق أممي يدل على أن الرياض تريد فرض شروطها في نزع سلاح حركة أنصار الله وانسحابهم من نقاط تمركزهم دون الحديث عن سلطة توافقية بأي شكل من الأشكال وبأي طريقة.