التقى الرئيس السيسي خلال القمة الإفريقية العادية في دورتها ال27 بالعاصمة الرواندية كيجالي، عددًا من رؤساء الدول الإفريقية؛ لمناقشة العديد من قضايا التعاون المشترك. الدول الإفريقية التي التقاها السيسي جاءت لقاءات السيسي خلال مشاركته في القمة الإفريقية كالتالي: رواندا التقى الرئيس السيسي الأحد مع الرئيس الرواندي، بول كاجامي، بمقر إقامته بالعاصمة الرواندية، اللقاء الذي اعتبره مراقبون بمثابة تحصيل حاصل، كون روندا الدولة المضيفة للقمة الإفريقية، اقتصر على تبادل المجاملات الدبلوماسية، وعبَّر السيسي خلال اللقاء عن تقديره لحفاوة الاستقبال الرواندية، رغم وجود حالة من الاستياء المصري من ضعف الاستقبال الرسمي للسيسي في رواندا، حيث كان في استقباله السفير الرواندي في القاهرة، الشيخ صالح هابيمانا، وعدد من الدبلوماسيين. وتأتي أهمية الزيارة كون روندا دولة من دول حوض النيل، الأمر الذي يرتبط بتعزيز الأمن القومي المصري، لكن مستوى اللقاء لم يكن بقوة التحركات الأخيرة لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في روندا، حيث وقَّع الجانبان مجموعة من الاتفاقيات بشأن إعفاء جوازات السفر الدبلوماسية من تأشيرات الدخول، ومذكرات تفاهم حول التعاون في الابتكار والبحث والتطوير ومذكرة تفاهم حول تشجيع السياحة، بالإضافة التعاون في الزراعة والمياه والمواصلات وتبادل طلاب. السودان يعد اللقاء الذي عقده السيسي، الأحد، مع نظيره السوداني عمر البشير، على هامش القمة الإفريقية من اللقاءات المهمة، خاصة أنه في إطار المحاولة لنزع فتيل الأزمة في ظل التوتر بين البلدين حول ملفي حلايب وشلاتين الحدودية المتنازع عليها بين القاهرة وخرطوم، وملف أزمة مياه نهر النيل الذي فاقمه بناء سد النهضة الإثيوبي، والتقارب مع السودان مهم في المراحل المقبل، خاصة أن الوضع في السودان سواء في الخرطوم أو جوبا هش، ففي الخرطوم تجددت النزاعات حول إقليم دارفور، وفي جوبا تتجدد الخلافات بشكل مستمر بين رئيس جنوب السودان سالفاكير، ونائبه رياك مشار، كما أن هناك توغلًا إسرائيليًّا في جنوب السودان، الأمر الذي يستدعي ضرورة تحسين علاقات مصر مع السودان وتقييمًا مستمرًا للوضع فيها، فالحدود الجنوبية لمصر على صدام مباشر مع وضع السودان المضطرب. الصومال يأتي اللقاء الذي عقده السيسي الأحد مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على درجة مهمة، في ظل الأنباء التي تناقلتها مواقع عبرية، بأن الرئيس الصومالي زار الكيان الصهيوني في تل أبيب مطلع الشهر الجاري، الأمر الذي يكسب الصومال أهمية للأمن القومي المصري، كونها تشكل منفذًا حيويًّا للبحر الأحمر؛ لقربها من بابا المندب، الذي يسعى الكيان الصهيوني لأن يكون له فيه موطئ قدم. كما أن تقارب مصر من الصومال مهم، في ظل تقارب الصومال مع إثيوبيا، حيث طالبت الصومال مؤخرًا من أديس أبابا مواصلة دعمها لحكومتها في محاربة حركة الشباب؛ لتمكين الاستقرار والمسار الديمقراطي في البلاد، لإنجاح الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال. ولا يأتي اللقاء على مستوى التطلعات المبنية عليه، حيث اكتفت مصر بالخطاب الدبلوماسي والحديث بالعموميات، حيث عبرت مصر عن التزامها بدعم استقرار ووحدة الصومال الشقيق ودعم تنفيذ خطة «رؤية الصومال 2016»، ومواصلتها تقديم الدعم التنموي وبناء القدرات للكوادر الصومالية في عدد كبير من المجالات. في المقابل تستعد تركيا الغريم التقليدي للسيسي، لإنشاء قاعدة عسكرية لها في الصومال؛ لتدريب نحو 10 آلاف و500 جندي صومالي. الكونغو وتوغو وغانا من المهم التقارب مع الدول الإفريقية بشكل عام، لكن إذا كان هناك ترتيب للأولويات على الأجندة المصرية، فإن لقاء السيسي بزعماء هذه الدول يندرج تحت عنوان الدول الإفريقية الأقل تأثيرًا على العمق المصري، فهناك دول إفريقية أكثر أهمية لمصر من الكونغو كإثيوبيا، في ظل الحديث عن عدم جدوائية مشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو، وأكثر أهمية من التوغو كجنوب إفريقيا التي تشكل قوة اقتصادية في القارة السمراء، فالموقع المتطرف لكل من الكونغو وتوغو وغانا في غرب القارة الإفريقية يجعل منها دولًا غير مؤثرة بشكل مباشر على الأمن القومي المصري. دول إفريقية لم يلتقها السيسي بعض الدول الأفريقية التي لم يلتقها السيسي تشكل أهمية كبيرة جدًّا على الأمن القومي المصري، سواء بقربها من البوابات البحرية لمصر كجيبوتي، أو تأثيرها على الأمن المائي المصري كإثيوبيا، أو التوغل الصهيوني فيها كإريتريا وأوغندا، بالإضافة إلى إثيوبيا أيضًا، وكانت القمة الإفريقية تمثل فرصة لعقد لقاءات مع هذه الدول كان على مصر أن تنتهزها. إثيوبيا من أكثر الدول الإفريقية ذات الأهمية البالغة، التي سقطت من أجندة الدبلوماسية المصرية إثيوبيا؛ لأنها أصبحت عبر سد النهضة تتحكم بمياه نهر النيل القادمة إلى مصر، خاصة في ظل الحديث عن أنها تعتزم بناء ثلاث سدود أخرى، بالإضافة إلى أن إثيوبيا أصبحت ضمن المخطط الإسرائيلي ويسير التنسيق المشترك بينهما على قدم وساق، فتوقيت زيارة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بينيامن نتنياهو في الأيام القليلة الماضية، تزامن مع افتتاح المرحلة الأولى من سد النهضة، كما أن التواجد الإسرائيلي في بناء سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا، حيث تستعين إثيوبيا بشركة كهرباء إسرائيل لتولى ملف وإدارة الكهرباء في إثيوبيا، وتوجد شركات أمنية إسرائيلية تتولى عملية تأمين سد النهضة، وهناك اتفاقيات وبروتوكولات تعاون أمنية بين إثيوبيا وإسرائيل في المجالات العسكرية. أوغندا أوغندا من الدول العشر التي تشكل حوض النيل، الأمر الذي يعكس أهمية التقارب مع هذه الدولة، لكن لا يبدو أن أوغندا على جدول أعمال الجانب المصري، كما هو الحال مع إسرائيل، حيث قال نتنياهو من أوغندا: «إن إفريقيا عادت لإسرائيل»، ويبدو الاهتمام الإسرائيلي بأوغندا واضحًا، حيث رافق نتنياهو في جولته الإفريقية 80 رجل أعمال من 50 شركة إسرائيلية، في المقابل الدور المصري ضعيف في أوغندا، كما أن رجال أعمال محدودين يشاركون في مشروعات بدول إفريقية بالمقارنة مع إسرائيل، ويكاد يقتصر الدور المصري على أمور البناء ولوازمها؛ كالمقاولين العرب والقلعة وشركة السويدي. جيبوتي تشكل جيبوتي ركيزة أساسية للأمن القومي المصري؛ لما لها من موقع مميز على مضيق باب المندب بوابة البحر الأحمر، وتزايد أهمية جيبوتي بعد تراجع النفوذ المصري في البحر الأحمر، بعد تنازل الأخير عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، وغياب مصر عن جيبوتي سمح لكثير من الدول بالتوغل فيها، حتى باتت جيبوتي تشكل حاضنة للقواعد العسكرية للعديد من الدول باستثناء مصر، ومن الدول التي لها قواعد عسكرية في جيبوتي، الولاياتالمتحدة، فرنسا، اليابان، الصين، وعربيًّا السعودية. إريتريا تتمتع إرتيريا بصفة مراقب في دول حوض النيل، وتكمن أهمية إرتيريا كونها دولة مطلة على البحر المتوسط وتقيم فيها إسرائيل قواعد عسكرية، كما تدعمها بالسلاح، ويبدو تراجع الدور المصري واضحًا في إريتريا، خاصة أن دول عربية أخرى لها قواعد عسكرية فيها، فالإمارات العربية تبني قاعدة بحرية لها في إريتيريا. الجزائر تنسيق مصر مع الجزائر مهم في هذا التوقيت، خاصة أن الجزائر تقود حملة دبلوماسية ومشاورات من أجل إقناع الدول الإفريقية برفض اعتماد إسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي، حيث يسعى نتنياهو للحصول على وضعية العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي يخول تل أبيب بأن يكون لها الحق بالمشاركة في الاجتماعات المختلفة للمنظمة، دون أن يكون لها حق التصويت على القرارات، كما يحق لها أن تقدم المقترحات والتعديلات، وأن تشارك في المناقشات، كما يحق للدولة المراقب غير العضو أن تطلب الانضمام لبروتوكول المحكمة الجنائية الدولية والكثير من الاتفاقيات العالمية.