انطلقت الاحتفالات في بنما بالتوسعات الجديدة في قناتها المائية التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ. تم كشف النقاب عن هذه التوسعات وسط سعادة غامرة وضجة إعلامية كبيرة، ولكن بالنسبة لمصر- على وجه الخصوص- الأمر يعتبر مقلقا وقد يعني أوقات صعبة لقناة السويس، في الوقت الذي تأخرت فيه إيرادات القناة الجديدة على الرغم من وعود الرئيس عبد الفتاح السيسي. شرعت مصر عام 2014 في توسع استمر عاما كاملا لقناة السويس التاريخية، وهو المشروع الذي روج له المسؤولون باعتباره "الحلم المصري العظيم"، افتتح الرئيس السيسي رسميا التوسع الذي أطلق عليه "قناة السويس الجديدة" في أغسطس، لكنه لم ينجح في الوفاء بوعوده بجذب المزيد من السفن وزيادة الإيرادات وخلق فرص العمل الموعود بها. الآن، قناة بنما المجددة تعطي مصر سببا أكبر للقلق، على الرغم من أن لكل مسار، كل له أسواقه الرئيسية (قناة السويس تقود لأسواق آسيا وأوروبا، وقناة بنما تقود لأمريكا الجنوبية)، لكن البضائع المشحونة من شمال شرق آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة غالبا تتدفق من خلال واحدة من هاتين البوابتين. التوسع في قناة بنما من شأنه أن يقنع لاعبين جدد للنظر في مسار قناة بنما و استعادة السوق من قناة السويس، وفقا لنائب الرئيس التنفيذي لتخطيط وتطوير الأعمال في هيئة قناة بنما، أوسكار بازان. قضت بنما أكثر من ثماني سنوات وأنفقت 5 مليار دولار لمضاعفة القدرة الاستيعابية للقناة التي عمرها 102 عاما وتربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ. خلقت القناة ممرا جديدا يسمح لسفن بسعة ثلاثة أضعاف السفن التي كانت تستوعبها القناة سابقا. من خلال تسهيل مرور سفن أكبر تحمل المزيد من البضائع، توسع بنما من المتوقع أن يخفض تكاليف الشحن العالمية بحوالي 8 مليار دولار سنويا، وقدرت السلطات أيضا أن السفن التي تسافر بين آسيا وأمريكا وسواحل الخليج سوف تختصر من مدة رحلاتها من ثمانية إلى 16 يوم، وذلك بفضل ممر مائي أكبر. في السنوات التي سبقت التوسع، كانت بنما تفقد حصتها لصالح قناة السويس، التي شهدت حركة الشحن بها من آسيا إلى الساحل الشرقي ارتفاع من تقريبا 30% عام 2009 إلى 42 % أواخر 2013. مع تحول صناعة النقل البحري نحو استخدام سفن عملاقة أكثر كفاءة، قدرة قناة السويس الأكبر والأعمق لاستيعاب هذه السفن الضخمة أعطاها ميزة على بنما. وبذلك استحوذت على حوالي 65% من التجارة بين آسيا وأمريكا الشمالية، وفقا للمجلة التجارية الأمريكية "امريكان شيبر". وقد أشار البعض أن قرار مصر بالتوسع السريع في قناة السويس مدفوع بضرورة حماية حصتها من الأسواق بصورة استباقية في مجال النقل البحري العالمي من براثن بنما، حيث الهدف النهائي هو جذب المزيد من السفن لاستخدام قناة السويس وتحسين قدرتها التنافسية كطريق بحري دولي هام. ووعدت السلطات المصرية أن "قناة السويس الجديدة" من المتوقع تزيد إيرادات القناة من 5.3 مليار دولار عام 2014 إلى أكثر من 13.2 مليار دولار بحلول عام 2023، وخلق فرص عمل للشباب المصري، على الرغم أن المراقبين المستقلين قد استقبلوا هذه الحسابات بتشكك. وعلى الرغم من التوسع، إيرادات قناة السويس انخفضت في 2015 إلى 5.1 مليار دولار من 5.4 مليار دولار في العام السابق. كان أحد العوامل هو الانخفاض العالمي الشامل في مجال النقل البحري. العامل الآخر هو قوة الدولار الأمريكي، الذي يمكنه خفض الإيرادات بالنظر إلى أن رسوم عبور السفن في القناة تُحسب بمزيج من العملات بما فيها اليورو والدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني. في الوقت نفسه، الركود العالمي في أسعار الوقود يعني أنه بالنسبة لبعض السفن، الإبحار حول جنوب أفريقيا هو أقل تكلفة بدلا من دفع رسوم عبور قناة السويس. وضعت مصر عددا من التكتيكات لإعادة توجيه حركة المرور إلى قناة السويس، بما في ذلك تخفيض الرسوم بنسبة 30% لبعض السفن التي تبحر من ميناء نيويورك ونيوجيرسي إلى وجهات في جنوب شرق آسيا ابتداء من 7 مارس حتى 5 يونيو. ولكن تجديدات وتوسعات قناة بنما تهدد تلك الجهود. جدير بالذكر أنه تم افتتاح قناة السويس 17 نوفمبر 1869، على الرغم أن الجهود المبذولة لربط البحر المتوسط مع البحر الأحمر يرجع تاريخها إلى عصر الفرعون سنوسرت الثالث، الذي حكم من حوالي 1878-1840 قبل الميلاد. القناة في شكلها الحديث تمثل أول طريق مائي بين هذين البحرين، ولكن كما أشار العديد من الاقتصاديين والخبراء إلى أن التحديث في القرن ال21 لقناة السويس لا يمثل تغييرا بالغ الأهمية – خاصة مع وجود قناة بنما بثوبها الجديد كمنافستها.