نظلم النعام كثيرا حينما نشبه من يحاول أن ينكر واقع ملموس بأنه ” يدفن رأسه في الرمال كالنعام” ... النعام لا يدفن رأسه في الرمال هربا من حقائق ساطعة تراها العيون وتسمعها الأذن و تلمسها الأطراف وتشم رائحتها الأنوف.. النعامة حباها الله بالفطرة، فتعلمت أن ترهف سمعها للتنصت على وقع خطوات الحيوانات المفترسة، وتعلمت بفطرتها أن انتقال الصوت في المواد الصلبة أسرع كثيراً من انتقاله في الهواء لذلك فهي تدفن رأسها في الرمال بين الحين والآخر من أجل الاستماع للذبذبات التي ينتشر صداها في الأرض من مسافات بعيدة لوقع خطوات الحيوانات الخطرة وتميز أيضاً الاتجاه الذي تأتي من ناحيته تلك الأصوات، فتكون حافز لها على الهرب في الاتجاه الذي يضمن سلامتها. وقد ارتبطت صورة النعام خطأ بالجُبن والغفلة، حيث يقال بأنه يخفي رأسه في الرمال عندما يشعر بالخطر، و هذا ليس صحيحاً وفي دراسة شملت 200.000 نعامة في عام 1980 ، لم تسجل حالة دفنت فيها نعامة رأسها في الرمل ،أو حتى حاولت ذلك ليس هذا فقط بل تبين خلافا لذلك أن النعامة إذا استشعرت الخطر تركل بساقيها الكبيرتين إذا ما اضطرت للدفاع عن عشها ويتحول أحد أصابعها إلى سلاح فتاك ضد كل من يحاول أن يهاجمها .. حينما أدركت هذه الحقيقة عن النعام تمنيت من الله أن يسلك القائمين على مصر مسلك النعام .. لكن هيهات . تعجبت أمس من تعامل وزارة البترول مع أزمة البنزين وضحكت بمرارة على تصريحاتهم المثيرة للشفقة والاستفزاز في آن واحد الشفقة لأنك لا تمتلك أمام شخص كذوب إلا أن تشفق عليه لأن الحقيقة واضحة أمام عينيه لكنه بكل ثقة ينكر وجود أزمة و يدعي أنها أزمة مفتعله و “أن البنزين في التنك والفلوس في البنك وكله تمام يا فندم “الشيء الوحيد الذي كان ينقص هذا المسئول أن يقول أن كل السيارات المتكدسة أمام محطات البنزين ما هي إلا فوتوشوب أو كان باقي أن يقول للمذيع الذي يسأله عن سب اختفاء البنزين أن يقول له : ” و الله و لا لك عليا حلفان أنا واخد غطس في بسين البيت اللي مليان بنزين وأنا و المدام والأولاد فاطرين الصبح و حابسين بكوباية بنزين 95 خالي من الشوائب ! ما زالت الدولة تنتهج نفس النهج القديم... مافيش ماحصلش معندناش مالناش ،، لا يوجد ،، لم يحدث ،، لم يسبق. و كأن مسوغات تعيين كل القائمين على أمور البلاد و العباد هي : أكتب موضوع تعبير قوامه ثلاثة أسطر مستخدما كل أدوات النفي والإنكار التي تعرفها والتي لا تعرفها ! أنتم فاشلون يا سادة .. فاشلون بتفوق و اقتدار وامتياز مع مرتبة الخيبة الأولى والوكسة المهولة وإن أردتم أن تفخروا بشيء فلن تجدوا أفضل من فشلكم لتفاخروا به السابقين و- اللاحقين ...فاشلون في إدارة الأزمات و فاشلون في إدارة غيرها . ينفي أحد المسئولين في وزارة البترول .. أزمة البنزين في الصباح ويأتي الوزير في المساء بنفي سرمدي قاطع مفاده أن أزمة البنزين ستنتهي خلال يومين ماذا تسمون هذا ؟ تضاد يبرز المعنى ويوضحه ؟ أنتم فاشلون فاشلون في إدارة البلاد منذ بدأتم في كل الأماكن وعلى كل الأصعدة ... حين يتسول مصابي الشهداء حقوق أبنائهم وحين يقف أهالي المصابين أمام أروقة المصالح الحكومة في ذل ما بعده ذل فأنتم فاشلون . حين تأتون برجل دين لحل مشكلة طائفية وتقفون أنتم على مرمى بصر بينما القانون يقف على مرمى البصر الأخر فأنتم فاشلون . فاشلون في إدارة اقتصاد البلاد حين تقومون بالاستدانة من البنك الدولي وصندوق النقد بينما هناك ما يعرف ” بالصناديق الخاصة ” -يبدو أنها خاصة جدا لدرجة أنكم لا تجرؤون على الاقتراب منها- وكل ما يأتينا منكم في ملف الاقتصاد صراخ وبكاء ونحيب وعويل على البلد اللي خربت و- العجلة التي وقفت في مكانها توهمون البسطاء بأن العجلة التي وقفت فجأة كانت بسبب الثوار والثورة التي لم يتعد عمرها السنة وكأن العجلة لم تتوقف يوما طوال ثلاثين عام مرت غير مأسوف عليها . فاشلون في فض الاعتصامات – رغم شرعية مطالب المعتصمين – فتكون النتيجة عشرات الشهداء و- مئات المصابين و متاريس و أسلاك شائكة و حوائط وجدران جعلتنا أضحوكة المشرق والمغرب . ليتكم كنتم كالنعام تميزون الاتجاهات وتعرفون مواطن الخطر ومكامنه فتستعدون للتصدي لها بدلا من النحيب وعشوائية وعبثت الحلول وعصبية اتخاذ القرارات الخاسرة والفاشلة ارحلوا بفشلكم يرحمكم الله .