كتب عمرو حسين بعد نكسة 1967 عاش المصريون فى أنحاء العالم فى ذل و خزى، و بعد حرب أكتوبر 1973 رفعوا رؤوسهم فى فخر حين إحترمهم العالم و نظر إليهم فى فخر. إسألوا المصريين فى أنحاء العالم كيف ينظر لنا العالم بإحترام شديد الآن... منذ أن قامت الثورة فى 25 يناير الماضى إنقسم المصريون لأغلبية أيدت الثورة السلمية و أهدافها و أقلية رأت فى الثورة تطاول على مبارك "الأب". حتى الآن لا نزال نرى فلول هذه القلة و هم يسيئون لمصر و لأنفسهم رافضين محاكمة مبارك. أعلم أن توجيه حديث لهؤلاء من الصعوبة بمكان، فمن لم يقتنع بكل مظاهر الفساد و الظلم التى عمت البلاد طوال ثلاثين عاماً لن تقنعه كلمات قليلة. و لكن لكل هؤلاء عندى كلمة واحدة فقط، إنكم بتصرفاتكم و شعوركم السلبى هذا لا تسيئون للثوار الشرفاء ولا للثورة العظيمة، بل إنكم تحرمون أنفسكم من شعور عظيم بالفخر و تغرقون أنفسكم فى مشاعر حقد و غل. ها أنا ذا أدعوكم لقراءة السطور التالية و أدعوكم للفخر الشديد بالثورة و ببلادكم العظيمة مصر... فيا أبناء مبارك أتعجب أن يقدر العالم كله ما فعلناه و ينظر إليه بفخر و إعجاب بينما تشعرون أنتم بالخزى! ألم يأن لكم أن تفخروا بما فعلناه جميعاً؟ ها هو العالم يقف إجلالاً لمصر مرة أخرى فلا تضيعوا على أنفسكم هذا الشعور العظيم، إتركوا مبارك و حاشيته من الفاسدين للقضاء العادل يقول فيهم كلمته و إرفعوا رؤوسكم فأنتم أولى بالفخر ببلادكم... أولاً محاكمة مبارك فى حد ذاتها حدث فريد ينبغى أن نعطيه قدره من التأمل. أذكر أنه حينما صدر قرار بمحاكمة جاك شيراك الرئيس الفرنسى الأسبق لبعض الشبهات المالية شعرت بمرارة شديدة. فمما ورد عن الإمام إبن تيمية قوله "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة". لا ينبغى لإنسان أياً كان أن يعترض على محاكمة عادلة لمتهم بالقتل و التربح من منصبه. و الحمد لله أن ثورة مصر السلمية لم تقبض على مبارك و تعدمه كما كان يحدث فى الثورات الدموية. فإذا كان غاية ما ننشده هو العدل المطلق و القصاص العادل ممن يثبت بالدليل و الحجة قيامه بإعطاء الأوامر بالقتل فلمَ ترفضون تحقيق العدالة و تعترضون على مجرد المحاكمة؟ أما زلتم ترون أن مبارك فوق القانون؟ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، أفلو ثبت مثلاً أن حسنى مبارك أمر بقتل المتظاهرين أنعظمه و نكرمه؟ قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): "إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" (رواه البخاري). و قد أهلكنا مبارك بذلك طوال ثلاثين سنة، فالمسئول عن غرق أكثر من ألف مصرى فى العبارة يخرج من صالة كبار الزوار و يقبض تعويض عن عبارته. بينما يسجن مرشح لرئاسة الجمهورية بحجة أنه زور توكيلات لحزبه منذ سنوات! مبارك قد يكون أول حاكم فى تاريخ العرب و المسلمين يحاكم و يقف خلف القضبان. و مع أنه حاكم الإخوان من قبل أمام محاكم عسكرية إلا أننا نحاكمه اليوم أمام محكمة مدنية. و مع أنه أذل المعارضين و سجنهم بل و صادر أموالهم، إلا أننا نطالب فقط بالعدل. و مع أنه منع علاج أيمن نور لفترات فى محبسه، إلا أن القاضى العادل رأى أن يعالج المتهم مبارك فى أفضل مستشفيات البلد. فيا من تدعون أنكم أبناء مبارك، هل رأيتم ثواراً أعظم ولا أعدل ولا أرقى من ثوار مصر الذين كانوا يعتصمون فقط من أجل محاكمة مبارك و ليس للإنتقام منه؟ بعد نكسة 1967 عاش المصريون فى أنحاء العالم فى ذل و خزى، و بعد حرب أكتوبر 1973 رفعوا رؤوسهم فى فخر حين إحترمهم العالم و نظر إليهم فى فخر. إسألوا المصريين فى أنحاء العالم كيف ينظر لنا العالم بإحترام شديد الآن. ألم تقرأوا ما قال أوباما و برلسكونى و باولو كويهلو و العشرات غيرهم؟ فجر الجمعة الماضى كنت أشاهد مباراة فى كأس العالم بين شباب مصر و شباب النمسا، و البطولة مقامة فى كولومبيا، و أقسم أن الجمهور الكولومبى كان يشجع الفريق المصرى بحرارة شديدة كما لو كان يلعب باستاد القاهرة، ألم يلفت ذلك نظر أحدكم؟ ليلة السبت الماضى إندلعت مظاهرات حاشدة فى عدة أنحاء فى إسرائيل إحتجاجاً على الغلاء، و ورفع المتظاهرون شعارات "علي خطى المصريين"، "مصر أصبحت هنا"، و"الشعب يريد عدالة اجتماعية". فثورتنا السلمية الفريدة ألهمت العالم كله من شرقه إلى غربه حتى صار أعداؤنا يقتدون بما فعلنا ! ألم تسمعوا بكل ذلك؟ فيا أبناء مبارك أتعجب أن يقدر العالم كله ما فعلناه و ينظر إليه بفخر و إعجاب بينما تشعرون أنتم بالخزى! ألم يأن لكم أن تفخروا بما فعلناه جميعاً؟ ها هو العالم يقف إجلالاً لمصر مرة أخرى فلا تضيعوا على أنفسكم هذا الشعور العظيم، إتركوا مبارك و حاشيته من الفاسدين للقضاء العادل يقول فيهم كلمته و إرفعوا رؤوسكم فأنتم أولى بالفخر ببلادكم...