* كثيرون تحدثوا وكأن السؤال الأهم في مصر هو من سيكون ذكياً بما يكفي كي يحل محل مبارك ويسيطر على البرلمان * 99%من البرلمانيين رجال.. رغم خروج آلاف النساء ككتلة واحدة للمرة الأولى منذ 1919 * على أعضاء البرلمان معرفة أن دم الشهداء هو الذي أوصلهم هناك.. وأن كل شهيد ردد هتاف: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية * إذا استطاع الإسلاميون تحقيق شعار الثورة فسيكون المستقبل لهم وبجدارة .. وإلا فالمجتمع المدني سيكتب المستقبل ترجمة- إسراء الطويل: في مقال نشرتة صحيفة “جارديان” البريطانية، اعتبر خالد عبد الله أن “الثورة المصرية لم تُقرأ على النحو الصحيح منذ بدايتها، فقد قال الناس في البداية إنها لا يمكن أن تحدث أبداً، وفي غضون أيام حدثت شرارة اللهب في تونس جالبة معها النشاط للانتفاضات المتلاحقة في المنطقة، وحركة دولية خصصت لنفسها كلمة “احتلال” . وأوضح أن هناك ثلاثة أقطاب رئيسية للسلطة في مصر الآن : الجيش والإسلاميين والثورة . ولا يوجد أي شيء حتى الآن من القوة بمكان كي يطمس تأثير أي طرف منهم. وحده الزمن يستطيع ذلك. والسؤال الحقيقي الآن هو: أي طرف ستكون أيدولوجيته أكثر مرونة؟ وأضاف خالد في مقاله أنه بعد أسبوعين فقط من الإطاحة بحسني مبارك، قام الجيش المصري، الذي احتفى بالمساعدة في الإطاحة به، بفض الميدان باستخدام العنف. وتلى ذلك عمليات من التعذيب والمحاكمات العسكرية للآلاف، كما تم تجريم الاعتصامات قانونياً، وأخيراً قامت قوات الجيش بقتل المتظاهرين تحت المدرعات وزعموا زن المتظاهرين سرقوها منهم. واختنقت كلمة “ثورة” في حناجر الخبراء حيث أصبحت معركة صراخ وليست وصفاً . وعادت وسائل الإعلام العالمية من جديد لتسلط الضوء على الانتخابات في مصر بعد 10 أشهر من قيام الثورة، وما كادوا يستقروا في غرفهم بالفنادق حتى وجدوا أنفسهم يغطون معارك الشوارع مرة أخرى، حيث عاد آلاف المتظاهرين للظهور من جديد يقاتلون حتى الموت ضد الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع الذي يلقى عليهم بكميات مميتة. وأوضح أنه، في حين تحول ميدان التحرير إلى أكبر مستشفى ميداني على الأرض، بدا أن الثورة وجدت صوتها مرة أخرى ولكن ليس من أجل الانتخابات، بل لإسقاط الحكم العسكري . وجاءت الانتخابات بعد أيام من التكهنات والتوقعات بتأجيلها، وفرغ التحرير بنفس السرعة التي امتلأ بها. وتحدث جميع المراقبين عن كيف فاجأ السلفيون الكل. ففي يوم 23 يناير، ستنعقد أولى جلسات البرلمان بحضور 1% من النساء مقابل 99% من الرجال، فلذلك يجب الحذر إذا أراد أي أحد أن يقرأ مستقبل مصر من خلال هذا البرلمان. واعتبر أن الهيئة الممثلة للبلاد “بها انحراف أيديولوجي وغير متماسكة في أفضل الأحوال ويغلب عليها الرجال بشكل ساحق “. وأضاف خالد أن الجيش قام قبل شهر فقط بقذف المتظاهرين المعتصمين عند مجلس الوزراء بكل شيء ابتداء من الصخور والأواني الفخارية القديمة إلى أطباق الستالايت والمكاتب من على سطح البرلمان. وبالنسبة للعام الماضي، قرأ كثير من الناس الأحداث في أعقاب الاضطرابات الاجتماعية الضخمة كما لو أنها تحولت إلى حملة سياسية على الطريقة الأمريكية . وتحدثوا كما لو أن السؤال الأكثر أهمية الذي يواجه مصر الآن هو من الذي سيكون ذكياً بما يكفي لاتخاذ التحركات الصحيحة كي يحل محل مبارك ويسيطر على البرلمان . واعتبر خالد أنه في حالة ما إذا كانت تلك هي الطريقة التي يُرى بها التغيير الاجتماعي الجاري، إذن ستكون الثورة قد فشلا وعمدا. فما بدأ في 25 يناير الماضي لم يكن حملة سياسية، بل كانت صحوة للبلاد . فخلال العام الماضي كانت الشوارع لها القدرة على إلهام الأجيال لإسقاط المجالس ورؤساء الوزراء والرئيس وتغيير الخرائط السياسية والضغط من أجل التحول الثقافي في هذه الدولة البوليسية. ومرة تلو الأخرى خاض المواطنون المعارك في سبيل مبادئهم مستعدين للموت أو الذهاب للسجن، وللمرة الأولى منذ 1919 خرجت الآلاف من النساء إلى شوارع مصر في مسيرة ككتلة واحدة . وعندما يأتي أعضاء البرلمان إلى مقاعدهم يوم 23 يناير يجب أن يعرفوا من أعماقهم جيداً أن دم الشهداء هو الذي أوصلهم هناك، وأن كل شهيد ردد هتاف: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية . وأولئك الذين فقدوا أعينهم أو تم تعذيبهم أو أصيبوا، سيواصلون حتى يتسنى للبلاد أن تشعر بأن هذه الكلمات أصبحت حقيقة وإلا فستظل مصر مضطربة . وفي نهاية مقاله، ذكر خالد أنه إذا استطاع الإسلاميون عبر هذا البرلمان المتصدع أن يحققوا ذلك الهدف، فسيكون المستقبل لهم وبجدارة . لكن بفرض عدم استطاعتهم، فالمجتمع المدني هو من سيكتب المستقبل، حيث يستطيع الشارع تنظيم نفسه وبناء رؤيته الخاصة.