عادت مشكلة الصحراء الغربية إلى الواجهة من جديد، حيث تجددت الاتهامات بين المغرب من جهة والاتحاد الإفريقي والجزائر من جهة أخرى، خاصة بعد تداول أنباء عن زيارة مرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى القارة الإفريقية مارس المقبل. زيارة تجدد النزاع أعلنت الأممالمتحدة عن عزم أمينها العام بان كي مون، القيام بجولة مكوكية في القارة الإفريقية، يستهلها بزيارة بوركينا فاسو وموريتانيا يومي الثالث والرابع من مارس المقبل، لينهي الزيارة بالجزائر التي يتوجه لها في 5 مارس، كما سيزور مخيمات تندوف ومنطقة بئر لحلو، ويخصص هذه الجولة للنزاع الصحراوي. أكدت الأممالمتحدة أن كي مون لن يزور المغرب في جولته هذه، وأن المسؤولين المغاربة اقترحوا أن تتم الزيارة في يوليو المقبل، وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة، ستيفان دوجاريك: إن الأمين العام لن يتوجه إلى الرباط؛ لأن العاهل المغربي الملك محمد السادس خارج المغرب وبالتأكيد سيكون مسرورًا بالذهاب إلى الرباط في أي وقت. وأوضح دوجاريك أن بان كي مون سيصل إلى الجزائر العاصمة، السبت المقبل، حيث يجري محادثات مع المسؤولين الجزائريين، ثم يتوجه لزيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، حيث التجمع الرئيس لجبهة البوليساريو، وسيزور أيضًا مكاتب بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية، دون أن يزور مقرها العام في مدينة العيون. ترحيب جزائري جولة الأمين العام للأمم المتحدة لاقت ترحيبًا جزائريًّا كبيرًا، حيث استبق الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الزيارة وكرر دعمه لجهود الأممالمتحدة لإحياء المفاوضات بين الرباط وجبهة بوليساريو، بهدف التوصل إلى حل يقوم على حق تقرير المصير للصحراء الغربية. امتعاض مغربي واعتذار الأمر في المغرب كان مختلفًا عن الجزائر، حيث أثارت تلك الزيارة قلق الرباط، خاصة بعد أن أعلنت الأممالمتحدة أن زيارة أمينها العام ستشمل مناطق صحراية تخضع لسيطرة جبهة البوليساريو وتعتبرها أراضي محررة، مثل منطقة بئر لحلو الواقعة بالجهة الشرقية للصحراء الغربية، وهو ما اعتبرته المغرب اعترافًا من المنظمة الدولية بسيادة الجبهة على المنطقة، ورأت الرباط أن زيارة هذه المنطقة تحد حقيقي لها من قِبَل الأممالمتحدة، فبعد أن منعته المغرب من زيارة منطقة العيون، عاصمة الصحراء الغربية، اختار الأمين العام منطقة أخرى تابعة لمنطقة النزاع، لكنها تحت سيطرة جبهة البوليساريو، ليبرر بان كي مون زيارته إليها بأنها جزء من الصحراء المتنازع عليها وأنه يمتلك تفويضًا إلزاميًّا من مجلس الأمن. يذكر أن منطقة بئر لحلو وتيفاريتي ومناطق أخرى، تقع خلف الجدار الأمني ويحمل المغرب الأممالمتحدة مسؤولية مراقبتها، ولم يدخلها الجيش المغربي على أساس أنها تقع ضمن الحزام الأمني، الذي طوقت به المناطق الصحراوية قبل عام 1991 لتحاشي الاحتكاك مع الجيش الجزائري أثناء المواجهات المسلحة بين الجيش المغربي وقوات جبهة البوليساريو، لكن الجبهة دخلتها مستغلة بقاءها خارج الحزام الأمني، ونشرت العديد من القوات التابعة لها هناك، واعتبرتها من الأراضي المحررة، وتنظم فيها نشاطات عسكرية بمناسبات مختلفة، وهو ما تعترض عليه المغرب لدى الأممالمتحدة التي تنشر قواتها بالمنطقة وتتخذ من بئر لحلو مقرًّا لها. حاولت الأممالمتحدة تبديد الأوهام المغربية، وأكدت أن زيارة أمينها العام للمنطقة المتنازع عليها، تأتي على أساس زيارة مقر بعثة قوات الأممالمتحدة «المينورسو»، وليس مسؤولون من جبهة البوليساريو، إلَّا أن تقارير إعلامية عن الجبهة والجزائر، ذكرت أن أمين عام الأممالمتحدة، يعتزم لقاء مسؤولين عن الجبهة بمنطقة بئر لحلو، وهو ما لم تعلق عليه المغرب. جاء توقيت الزيارة ليشكل ضغطًا جديدًا يولد قلقًا لدى القيادة المغربية، حيث تأتي الزيارة تزامنًا مع استحقاق مهم في مجلس الأمن الدولي، الذي يعقد دورة اجتماعات سنوية في أبريل المقبل، ليصادق على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي من المفترض أن يدرج فيه حصيلة جولته المغاربية، بعد زيارة منطقة النزاع والأطراف المعنية، ويصدر المجلس بناء على التقرير قرار تمديد بعثة الأممالمتحدة في المنطقة «المينورسو» لسنة أخرى. كما تأتي الزيارة بعد أيام قليلة من نظيرتها التي قام بها المبعوث الشخصي لبان كي مون إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، التي زار خلالها العاصمة الجزائرية، وبحث مع وزير الخارجيتها رمطان لعمامرة، قضية الصحراء الغربية وآفاق تسويتها والتحضيرات لزيارة الأمين العام إلى الجزائر، واختتم الزيارة بمحطته في الرباط، التي حاول خلالها إقناع مسؤوليها بالسماح للأمين العام الأممي بان كي مون بزيارة الأراضي الصحراوية، ضمن جولته المغاربية المرتقبة، لكن الرباط لا تشعر بارتياح للمبعوث الأممي ولمواقفه من النزاع، وتتهمه بالتحيز وعدم الموضوعية، وطالبت في وقت سابق بإعفائه من مهمته. انتقادات إفريقية رفض المغرب استقبال الأمين العام للأمم المتحدة، والإصرار على منع الأمين العام الأممي من دخول الأراضي المحتلة وحتى زيارة مقر البعثة الأممية «مينورسو» بمدينة العيون المحتلة، ومحاولة تأجيل الزيارة إلى شهر يوليو المقبل، ليكون بان كي مون قد رفع تقريره السنوي حول الصحراء الغربية إلى مجلس الأمن الدولي، كل ذلك دفع الاتحاد الإفريقي إلى إدانة العراقيل التي تضعها المملكة المغربية أمام الزيارة، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى تفعيل مسار التسوية السلمية لهذا النزاع الذي يدوم لأكثر من أربعة عقود.