* المصريون من أكثر شعوب العالم رفضا للعنف ضد المدنيين بمعدل 97% ورغم ذلك 88% يثقون في الجيش .. وكلمة السر الإعلام * المصريون يتلقون أخبارهم عن العسكر من الإعلام لكن تزايد الأعداد التي دخلت في مواجهات مباشرة مع الجيش يسهم في نشر المعلومات الحقيقية ترجمة- نفيسة الصباغ: ناقش الدكتور ه. ع. هيلير أحد كبار الاستشاريين وكبير المحللين في معهد جالوب الأمريكي، هجمات العسكر على المصريين مؤكدا أنه رغم تأييد غالبية المصريين للقوات المسلحة إلا أن نسبة أعلى من المصريين ترفض في الوقت نفسه العنف ضد المدنيين. وأوضح هيلير في تحليل نشرته “فورين بوليسي” أن النظام العسكري في مصر شن حملة على المحتجين تزايدت قوتها خلال الشهر الماضي. وأضاف أن كثيرين في الغرب يتساءلون: كيف يكون ذلك ممكنا في مرحلة ما بعد مبارك؟ وعما إذا كان هذا الوضع سيستمر؟. ونبه إلى أنه يجب على جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، الانتباه إلى أنه على الرغم من المستويات العالية من الدعم للجيش بين المصريين، إلا أن هناك مستويات أعلى من المعارضة للعنف ضد المدنيين. وأضاف هيلير في تحليله أنه حتى قبل الثورة، أظهرت بيانات معهد جالوب أن المصريين يرفضون عالميا العنف ضد المدنيين، سواء الذي ترتكبه الجهات العسكرية أو غير العسكرية، فهناك 97% من المصريين يرفضون الهجمات ضد المدنيين، على سبيل المثال، وهي واحدة من أعلى المعدلات في العالم. وعلى الرغم من ذلك، فثقة المصريين في الجيش لا تزال مرتفعة، فمعهد جالوب يقوم باستطلاعات للرأي في مصر منذ سقوط محمد حسني مبارك، وتوضح النتائج في ديسمبر 2011 أن 88% من المصريين عبروا عن ثقتهم حاليا في الجيش. في نفس الوقت، يعتقد 91 % أن استمرار الاحتجاجات تضر بالبلاد، في حين يعتقد 9% أن استمرار الاحتجاجات شيء جيد. وأوضح الباحث أن معدل ثقة المصريين في المؤسسة العسكرية وعدم دعمهم لاستمرار الاحتجاجات قد يكون محيرا. فكيف يمكن أن يكون المصريون مناهضون لفكرة العنف ضد المدنيين، ويعبرون عن مثل هذه الثقة في الجيش الذي مارس العنف ضد المدنيين؟ واعتبر أن كون الرأي العام ضد استمرار الاحتجاجات لا يعني بالضرورة الصراع مع مشاعر قوية ضد العنف. ويمكن القول أن المصريين يعتبرون الاحتجاجات أمرا سيئا للبلاد، في حين يدافعون عن حق المتظاهرين في الاحتجاج والتعبير عن أنفسهم بحرية من دون التعرض للعنف. وأظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن معهد جالوب أن 94 % من المصريين قالوا إنهم يوافقون على إدراج بند حول “حرية التعبير” في دستور مصر الجديد، فغالبية المصريين يعتبرون حرية التعبير حق هام للغاية، حتى لو كانوا لا يتفقون بالضرورة مع ما يقال. أما بالنسبة لثقة المصريين في الجيش فهي أكثر شيء يصعب تفسيره، ولتوضيح هذا التباين جزئيا، يرى البعض أن المصريين عموما يفرقون بين الجيش وبين حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة. إلا أن 89% من المصريين أعربوا خلال استطلاع في ديسمبر الماضي، عن ثقتهم في المجلس العسكري، وهي نسبة تقارب النسبة التي أعربت عن ثقتها في الجيش والتي بلغت 88%. وبالتالي فالأهم في تفسير ثقة المصريين في الجيش هو النظر إلى الطريقة التي يحصل من خلالها المصريون على المعلومات، فالمصريين لديهم خبرة مباشرة كبيرة مع بعض المؤسسات العامة، مما يؤدي بهم إلى تكوين آرائهم بصورة مباشرة أو عن طريق الأصدقاء المقربين والعائلة. على سبيل المثال، ليس مستغربا أن تكون الغالبية العظمى من المصريين لا يثقون في الشرطة، بسبب وجودها واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد، ومعظم المصريين لهم تجاربهم المباشرة مع قوات الشرطة. إلا أن المصريين يعتمدون على وسائل الإعلام فيما يتعلق بعدد آخر من المؤسسات العامة، بدلا من المصادر المباشرة للمعلومات. ويرى البعض أن مواقع مثل تويتر وفيسبوك، والإنترنت بصفة عامة، تعج بمعلومات حول العنف ضد المتظاهرين. ومن المتوقع أن يتحول الرأي العام في مصر بناء على هذا الأساس، بسبب ميل المصريين إلى مقت العنف ضد المدنيين. إلا أن البيانات التي توصلت إليها استطلاعات جالوب كشفت أنه رغم استمرار أسطورة الثورة المصرية التي بدأت ك”ثورة فيسبوك”، لكن 8% فقط من المصريين يعتمدون على فيسبوك أو تويتر للحصول على الأخبار حول الاحتجاجات التى عمت البلاد والتي أدت إلى سقوط مبارك. حتى بين المتظاهرين خلال شهري يناير وفبراير أفاد 17% أن بمقدورهم الدخول إلى الإنترنت في منازلهم. وأضاف أن المصريين لا يحصلون على أخبار ما يحدث في البلاد من شبكة الإنترنت، ولكن عبر وسائل الإعلام الأخرى، ولا سيما التليفزيون. وكانت قناة الجزيرة مصدرا للأخبار عن الاحتجاجات لنسبة 63 % من المصريين، إلا أنها أقل كثيرا من نسبة ال 81% الذين قالوا خلال شهري مارس وأبريل إنهم يحصلون على الأخبار عن التحول الديمقراطي في مصر من التليفزيون . ومع ملاحظة أن التلفزيون المملوك للدولة مجاني، فمن المرجح أن يكون استخدامه أعلى في كثير من الأحيان. لكن مع تزايد أعداد الذين يدخلون في مواجهات مباشرة مع النظام العسكري، فمن المرجح أن تنتشر الأخبار بين الجمهور، سواء نقل الإعلام الرسمي الأحداث بدقة أم لا. فعند نقطة محددة، كانت حكومة مبارك تحظى بشعبية، ولكنها أصبحت في نهاية المطاف لا تحظى برضا غالبية المصريين الذين أيدوا الثورة ضد نظام حكمه. وفي نهاية التحليل قال الكاتب إنه على النظام العسكري المصري لا يأخذ دعم المصريين باعتباره أمرا مفروغا منه. فإذا انتشرت أخبار العنف ضد المدنيين، سواء كان ذلك نتيجة لازدياد حوادث العنف أو لتزايد قدرة المحتجين على نشر المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت بفعالية وبطريقة شعبية، فالدعم الشعبي للنظام العسكري يمكن أن يتراجع تماما كما حدث مع نظام مبارك.