منذ انطلاق مجلس النواب منذ أيام، وشغله الشاغل هو تمرير 341 قانونًا وضعه الرئيس السابق عدلي منصور والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي؛ حتى لا يتعرض البرلمان للحل إذا لم ينتهِ من مناقشة تلك القوانين خلال 15 يومًا من تاريخ انعقاده. إلا ان النائب، ومع كل هذا الانشغال، ظل متمسكًا بالدور الذي عُرف به منذ مجالس الحزب الوطني، التي اشتهرت بالتوسط بين المواطن والمسئولين؛ للحصول على شقة مرة لأحد الذين انتخبوه، أو تعيين أحد أقاربه في وظيفة رسمية، أو تخليص بعض أوراق البناء للبعض لدى الحي الذي يسكن فيه، فهل دور النائب خدمي أم رقابي؟ الدستور عرف نائب البرلمان بأن مهمته الأولى هي ممارسة الرقابة ووضع السياسة العامة للدولة وتشريع القوانين، الأمر الذي يطرح تساؤلًا: هل من الممكن أن تنتهي فكرة النائب الخدمى الذى ينهمك فى خدمة أهالي دائرته ويتفرغ للرقابة والتشريع؟ "البديل" حاورت فئات مختلفة من البرلمانيين والسياسيين والعمال والفلاحين في هذا الشأن.. البرلمانى السابق سعد عبود قال "لا أعتقد أنه من الممكن إلغاء التقاليد التى واكبها المصريون بين عشية وضحاها، وهي أن يجدوا النائب الذي انتخبوه تحت أمرهم يلبي مطالبهم، بل إنهم لا يهمهم مسألة التشريعات والرقابة. وأضاف عبود "وإن كانت ثورة 25 يناير ساعدت في إلغاء أن دور النائب خدمي، وجعلته يعبِّر ويشارك في الرقابة على الحكومة والتشريع، إلا أنه لكي يكون دور النائب رقابيًّا وتشريعيًّا؛ يجب القضاء على فكرة مرشح العائلة والقبلية في اختيار النائب". وأوضح عبود أنه يجب على الأحزاب أن تعرض برامج قوية، وتدفع بمرشحين أكفاء، يعرفون كيفية الرقابة والأداء البرلماني، مشيرًا إلى أن تقوية الأحزاب ستكون بتعديل الدولة للقانون وتغيير نظام القائمة إلى النسبية، وعلى الأحزاب أن ترشح من لديه القدرة على معرفة المشاكل وحلها وكيفية مناقشة الميزانية والإيرادات والاتفاقيات وتحصيل الإيرادات وصرفها. مؤكدًا أن الانتخاب على النظام الفردي يكرس وجود نائب الخدمات. وقال أحمد عودة، الرئيس الشرفي لحزب الوفد "كنا نرى سابقًا أن عضو البرلمان يسعى لخدمة الدائرة وتحقيق مطالب ناخبيه، وكان يتودد للسلطة التنفيذية عن طريق الرجاء والتذلل والوساطة؛ للحصول على الخدمات؛ ولذلك انعدمت الرقابة؛ لأن البرلمان كان يعبر عن السلطة، ويعيش تحت أمرها". وأوضح عودة أن الدور الرقابي أو صورة سحب الثقة من الحكومة كانت غير موجودة. أما الدستور الجديد فقد حدد دور النائب، وهو الرقابة، واستطاعته سحب الثقة من الحكومة، وهذا من المفترض أن يكون الوضع الطبيعي، فإذا أدى النائب وظيفته الأساسية من رقابة وتشريع، وأدى الأعمال الخدمية لناخبيه، واستطاع تحقيق التوازن، فلن تكون هناك مشكلة. فيما أكد أحمد جودة، نائب نقيب الفلاحين، إن تغيير ثقافة المواطنين صعبة، والنائب سيظل نائب خدمات، وإذا لم يتواصل مع ناخبيه، ويحقق مطالبهم الفردية، فلن يحصل على أصواتهم. ولفت أحمد فاوى الضبع، أمين صندوق مساعد اتحاد العمال، إلى أن "تحويل النائب لرقابي وتشريعي فقط يحتاج لمزيد من الوقت، وليس الأمر بالسهولة التي يتقبلها المصري بين عشية وضحاها". وأشار الضبع إلى أن "مواد الدستور حددت مهام النائب، ومنحت أعضاء المجالس المحلية الدور الخدمي. وأعتقد أنه لتغيير العقيدة حول الدور الخدمي للنائب، سنحتاج لثلاث دورات برلمانية على الأقل".