«نائب الخدمات» مصطلح تعارفنا عليه كثيرًا خلال الانتخابات البرلمانية التى سبقت ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، للدرجة التى ظن بها الكثير من المواطنين ان وظيفة نائب البرلمان تقتصر على خدمة أهالى الدائرة وحل مشاكلهم فقط، لتحول بذلك وظيفة «نواب البرلمان» الى مسئولى محليات، وهو ما أدى الى استغلال المرشحين لهذه الفكرة مما جعلهم يقومون بشراء أصوات الناخبين نظير تقديم خدمات شخصية. وفى الوقت الذى تعالت به أصوات عدد من أصحاب الفكر والمثقفين بضرورة البعد عن انتخاب «نائب الخدمات» وقيامهم بعمل الحملات المناهضة لهذا الفكر، ظهرت أصوات أخرى بالرغم من مناقضاتها لفكرة «نواب المصلحة» إلا انهم لم ينكروا الدور الخدمى للنائب البرلمانى، واضعين شروطا محددة لقيام النائب بهذا الدور،وهى تقديم الخدمة نظير المصلحة العامة للوطن وليس نظير صوت الناخب. وقال محمد فؤاد، نائب رئيس اللجنة النوعية للشباب بحزب الوفد، إن وجود ما يسمى ب«النائب الخدمى» سيظل كما هو مماثلة بالانتخابات السابقة، مبينًا ان الاختلاف فقط سيكون فى طريقة دعوته للخدمات، وأن أغلبها سيكون عبارة عن وعود زائفة. وأشار «فؤاد» الي أن نواب الخدمات سينقسمون الى نوعين، الاول سيستغل المال السياسي فى تحقيق أغراضه وستكون خدامته تعتمد على الاموال من خلال إعطاء مبالغ مالية معينة للناخبين او اقامة شوادر سلع للفقراء كرشاوي انتخابية، وأضاف: النوع الثانى سيكون عن طريق وعود بالتوظيف إلا أنه لن يستطيع تحقيق ذلك نظرًا لأن الدور الرقابى فى البلد كبير جدًا. وأشار «فؤاد» الي أنه فى حالة الرغبة في القضاء على ظاهرة «النائب الخدمى» فعليها ان تقوم بتحويل نظام الانتخابات الى نظام القوائم، موضحًا ان البرلمان دوره تشريعى ورقابى وينتظره العديد من القوانين التى يجب أن يتم النظر فيها خلال 15 يوما فقط، لذلك لابد وان يكون للمرشح دراية كاملة بكافة القوانين، مضيفًا ان نواب الخدمات لا يدرون بهذا لأن هدفهم الدخول الى البرلمان من أجل تحقيق المصلحة الشخصية فقط. فيما رأى محمد حسين ، المنسق العام لحركة تمرد « 25-30»، دور النائب الخدمى مهم جدًا لخدمة أهالى الدائرة، معتبرًا أن أهمية دوره تتمثل فى عدة شروط وهى أن تكون خدماته فى إطار خدمة الدولة وتحقيق مصالح المواطنين بشكل عام دون اللجوء لفكرة أن الابتزاز والخدمة مقابل الصوت. واعتبر «حسين»، أن ظهور فسدة النظام المباركى على الساحة السياسية مرة اخرى سيزيد من الفكرة القديمة المعروفة عن النائب الخدمى المرتبطة بتقديم خدمته فى فترة الترشح فقط دون التزامه بمتابعة ذلك بعد نجاحه فى البرلمان، مؤكدًا أن ذلك لن يعطى الفرصة الحقيقية لوجود نواب قادرين على أداء دورهم الاصلى من رقابة وتشريع وعودته ستمثل كارثة علي مصر. وتابع، المنسق العام لحركة تمرد « 25-30»، أن وجود نفس الادوار الخدمية المتعارف عليها فى البرلمانات السابقة، يشكل خطرا على الاحزاب العريقة ذات التواجد الفعال فى الشارع، مبينًا ان هذه الاحزاب لا تتبع اسلوب الاستقطاب السياسي وليس لديها القدرة المالية للقيام بنفس ادوار «مرشحي المصلحة»، وهو ما يؤثر عليها بالسلب ويقلل من دورها فى ظل وجود مثل هؤلاء المرشحين. ومن جهة أخرى، فقد دشنت جبهة شباب مصرى حملة أطلقوا عليها « سيادة النائب.. مصر أمانة»، وتستهدف توعية الناس بالدور الحقيقى للنائب البرلمانى والذى يتمثل فى الرقابة والتشريع، بالاضافة الى تعريف البرلمانى بمشاكل الدائرة لكى يقوم بحلها ومتابعتها بعد نجاحه فى الانتخابات البرلمانية. وبدأت الحملة أولي فعالياتها فى بداية هذا الاسبوع من خلال استبيان أجرته على 28 الف مواطن، لتستطلع رأيهم فى دور النائب ولمعرفة مطالبهم بكل دائرة حتى يلتفت اليها جميع المرشحين، و تم ادراج مطالب المواطنين بالاستبيانات لاستغلال الدور الخدمى للنائب البرلمانى بشكل جيد بعيد عن المصلحة الشخصية ، ويعتمد فى الاساس على مصلحة الوطن وتلبية احتياجات المواطن. وكان لمرشحى الوفد أراء عدة بشأن طبيعة الدور الخدمى لنواب البرلمان، وأن الوظيفة الأساسية لنائب البرلمان لا تتمثل فى تقديم الخدمات، وأن هذا الدور منوط بالمحليات، مؤكدين أن النائب البرلمانى دوره يتلخص فى سن التشريعات، وأن دوره يقوم بالرقابة على تنفيذ هذه التشريعات وعمل وأداء الحكومة. «نائب الخدمات فترة وانتهت من تاريخ مصر» هكذا علقت فاطمة خليل مرشحة الوفد بالدائرة الثالثة عشرة بولاق ابوالعلا بالقاهرة، مشيرة الى أن المواطنين فى هذه الفترة أصبح لديهم وعى سياسي بكل ما يدور حولهم من قضايا، وأن هذا جعلهم مدركين طبيعة الدور الواجب على النائب البرلمانى . وأكدت أن أصوات الناخبين فى الانتخابات البرلمانية القادمة لن تكون لصالح مرشح يستغل صوتهم الانتخابى لتحقيق اغراض شخصية، وأنهم سيعطون أصواتهم لمرشح ذو كفاءة وخبرة تمكنه من أداء دوره الرقابى والتشريعى على أكمل وجه خاصة مع إدراك الناخبين طبيعة المرحلة الحالية وما بها من زخم قوانين تحتاج الى الطابع التفعيلى من مجلس النواب. وأكملت، مرشحة الوفد، أن الدور الخدمى للنائب البرلمانى ليس عيبًا وانما استغلاله فى القيام بدعاية انتخابية للدخول للمجلس والاستفادة من الحصانة البرلمانية لتحقيق اغراض شخصية هو الامر المرفوض. وأضاف الدكتور عبدالله الشنوانى، العميد السابق لكلية صيدلة جامعة الزقازيق، ومرشح الوفد بالدائرة الثالثة مركز بلبيس فى محافظة الشرقية، أن البرلمان القادم له وضع حساس ومميز ويجب عليه تحويل مواد الدستور الى قوانين تخدم المواطن فى فترة زمنية بسيطة جدا خاصة فى المواد التى تم إصدارها فى الفترة السابقة قبل وجود البرلمان. وأشار «الشنوانى» الي أن الدور الخدمى ليس من وظيفة النائب البرلمانى لأنه مختص بالدور التشريعى والرقابى، مبينًا أن الدور الخدمى وظيفة المحليات التى سيتم اختيار أعضائها بناءً على القوانين التى سيشرعها مجلس النواب القادم، مضيفًا: «المرحلة دى مش عايزة نائب خدمات». وأوضح أن مصر بقيادة الرئيس السيسي فى حاجة الى برلمان يحارب الفساد الذى انتشر على مدار الثلاثين عامًا الماضية، مؤكدًا أنه دون اختيار مرشحين بمعايير سليمة فلن نتمكن من محاربة هذا الفساد، لأنه فى هذه الحالة ستكون مصر قد قامت باستنساخ برلمان مشابه للبرلمانات السابقة.