يشهد العالم تفكك بعض التحالفات الدولية، مقارنة ببناء تكتلات سياسية وتحالفات جديدة في نفس الوقت، ومع تزايد الأخطار والتحديات التي تواجهها تركيا خلال الفترة الأخيرة، اتجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للبحث عن حلفاء إقليميين فاعلين في المنطقة، وتفعيل علاقاته مع بعض الدول العربية التي تشارك معه الأهداف والتحديات، حيث وجد أن المنطقة الخليجية هي الوجهة المناسبة له، مما دفع أردوغان إلى حمل جميع الملفات والأزمات التي تواجه بلاده سواء على المستوى السياسي أو العسكري إلى الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية وقطر؛ بهدف الحصول على دعم إقليمي سياسي يمكنه التصدي لتلك التحديات. تحديات تركية تأتي الجولة التركية في وقت حساس تعيشه أنقرة التي تواجه العديد من الصعوبات والتحديات خلال الفترة الأخيرة، بداية من الملف النووي الذي تم حسمه خلال الأشهر الماضية وتزايد النفوذ الإيراني خاصة بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران وعودتها إلى النظام العالمي مع مطلع العام المقبل، بالإضافة إلى التحالف الإسلامي المزمع تكوينه ودور تركيا فيه، فضلًا عن التحالف السعودي الذي تشارك فيه أنقرة وعدوانه على الأراضي اليمنية والخسائر الفادحة، وصولا إلى الأزمة السورية التركية والعقوبات التي فرضتها الأولى على الأخيرة، بجانب التدخل الروسي في الأراضي السورية لصالح الرئيس بشار الأسد، وهو ما قلب جميع الموازين لصالح الجيش السوري، مرورًا بتوتر العلاقات بين بغدادوأنقرة بعد انتهاك الأخيرة لسيادة الأراضي العراقية ومطالبات الدول العربية بسحب أنقرة قواتها من هناك. كل هذه الملفات والتحديات جعلت أنقرة غير قادرة على المواجهة المنفردة، ووجدت صعوبة في شق طريقها بالمنطقة دونا عونا دوليا أو إقليميا، خاصة بعد أن أدارت الحليفة الأمريكية ظهرها إليها خلال الفترة الأخيرة متجة إلى التقارب مع روسيا، وهو ما ظهر جليًا بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو، وإعلانه أن التعاون بين بلاده وروسيا سيحل مشاكل عدة في سوريا، الأمر الذي شكل صفقة قوية لتركيا والدول الخليجية. محاولات كسب الود استبق الرئيس التركي جولته الخليجية ببعض التصريحات التي يستطيع من خلالها كسب الود والتعاطف الخليجي، حيث بدأها بمهاجمة إيران الخصم اللدود لجميع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، متهمًا إياها بدعم النظام السوري لأسباب طائفية مما تسبب بالأزمة السورية، حيث قال أردوغان: لو لم تقف إيران إلى جانب النظام السوري بذريعة طائفية لما كنا نتحدث اليوم عن أزمة في سوريا. أردوغان في السعودية بدأ أردوغان زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية، أمس الثلاثاء، ومن المقرر أن تستمر لمدة يومين، لتلبية دعوة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من اغتيال زعيم جيش الإسلام زهران علوش، الذي يعتبر الحليف الأول للقيادة السعودية والصديق الوفي لنظيرتها التركية، وهو الاغتيال الذي وجه ضربة قوية للبلدين وخططهما للإطاحة بالنظام السوري. ومن المقرر أن تشهد القمة التي ستجمع الرئيس التركي والعاهل السعودي في الرياض لمناقشة بعض الملفات المهمة والعالقة بين الطرفين، وعلى رأسهم ثلاث ملفات أساسية ستتركز عليها الزيارة وهي الملف السوري والروسي والمصري، حيث تزايدت الأحاديث حول وساطة سعودية مرتقبة بين مصر وتركيا، خاصة بعد إعلان السعودية عن تكوين التحالف الإسلامي الذي تشارك فيه كلا البلدين، وجاءت زيارة أردوغان إلى المملكة لتعزز هذه الأحاديث، حيث قالت مصادر مطلعة أن الملف المصري وإمكانية تحقيق مصالحة بين القاهرة وانقرة مطروح بقوة على مائدة الرئيسين. التحالف التركي الخليجي يرى مراقبون أن الفرصة باتت سانحة على أكثر من مجال لترسيخ التحالف الخليجي – التركي في مواجهة التحالف الروسي الإيراني، الذي بدأ تتضح ملامحه وتستشعر المنطقة الخليجية وتركيا الخطر منه، وفي الوقت ذاته فإن الطرفان التركي والخليجي يتفقان في العديد من المجالات أولها الأزمة السورية، التي يتوافق فيها كلاهما على دعم الجماعات المسلحة في سوريا، ويحاولان بكل الطرف إفشال المفاوضات والمؤتمرات الهادفة إلى الوصول لحل سياسي لإنهاء هذه الأزمة، فالأهداف واحدة والخطوات مشتركة. ومن جانب أخر، تأتي الأزمة الروسية التركية لتمهد الطريق أكثر نحو التحالف التركي الخليجي المزعوم، فمن ناحية أنقرة تجد مصلحتها السياسية في تعزيز التحالف مع الدول الخليجية التي تعتبر الداعم الأكبر لها في الوقت الحالي، والتي ينعكس التحالف معها بالإيجاب على مصلحة تركيا لناحية تعويض خسارتها الاقتصادية المحتملة لنحو 3 ملايين سائح روسي، والحصول على بدائل نفطية أيضًا لتعويض الإيقاف المحتمل لوصول الغاز الروسي إلى تركيا.