أكثر من عامين مرا على وضع قانون التعليم قبل الجامعي، ظل خلالهما حبيس الأدراج؛ لاستخدامه كورقة من وزراء التعليم في مغازلة نظام الدولة وضمان الاحتفاظ بالمنصب، وهو ما فعله الوزراء السابقون، بإخراج القانون حال الإعلان عن تغيير حكومي، ثم يعود للأدراج مرة أخرى مع زوال موجة التغييرات، لكن الرهان على هذه الورقة أثبت خسارة من لم يلتفت إلى إحداث تغيير حقيقي لصالح النظام التعليمي. البداية عندما أعلن الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم الأسبق، أنه سيتم تعديل قانون التعليم، وفقًا لدستور 2014، وذلك بعد أن عكف الخبراء التربويون والمعلمون، المشاركون في إعداد مقترح تعديل قانون التعليم، وتسليم النسخة الجديدة الى الوزير؛ لعرضها على المستشار القانوني للوزارة، على أن يتم عرضها على مجلس الوزراء بعد ذلك، إلا أن موجة التغيير الوزاري حالت دون عرض القانون على الحكومة، وعاد إلى محبسه بأدراج الوزارة. بعد رحيل أبو النصر وتولي الدكتور محب الرافعي الوزارة، أعلن هو الآخر عن إخراج القانون من محبسه بأدراج الوزارة؛ في محاولة لمغازلة المعلمين؛ لامتصاص غضبهم، بعد تصعيد موقف الاحتجاج ضد الوزير لسياسته بإدارة المنظومة التعليمية، وتوافق ذلك مع توقيت الإعلان عن تغييرات حكومية. واستمرارًا لمسلسل مغازلة الحكومة بالقانون، أكد الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم، أنه سيتم مراجعة قانون التعليم الجديد، الذي شارك في إعداده جموع المعلمين من الشئون القانونية بالوزارة، وذلك بعد تطبيق قانون الخدمة المدنية، وفصل اللائحة التنفيذية عن مواد القانون. وقال "الرافعي" إنه بعد المراجعة النهائية للقانون الجديد، سيتم وضعه على موقع الوزارة؛ لاستطلاع آراء المعلمين، وتلقي مقترحاتهم؛ لإجراء أي تعديلات في مواده قبل إرساله إلى الجهات المختصة وعرضه على البرلمان المقبل. إلا أن التغيير الحكومي أطاح بأحلام "الرافعي"، وجاءت التغييرات لتشمله؛ ليظل رهانه على المغازلة بتطبيق القانون غير كافٍ لاستمراره بالحكومة، وذلك بجانب عدة أسباب أخرى أدت إلى ارتباك المنظومة التعليمية. سيناريو المغازلة بالقانون للاستمرار بمنصب الوزير، خاصة مع قرب انعقاد البرلمان وتوقعات أقرب بالاكتفاء بتغيير وزاري بدلاً من إعادة تشكيل حكومة جديدة، لم يقف عند ذلك، ووصل إلى الوزير الحالي، الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم، بعد أن أصدر تعليمات لقيادات الوزارة بإخراج تعديلات قانون التعليم من أدراجه للمرة الثالثة؛ لإعداده للعرض على البرلمان الجديد. وبدأت بالفعل الوزارة في إجراء التعديلات على القانون، بعد أن قرر الدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، عقد جلسة مغلقة الأسبوع الحالي لمراجعة تعديلات القانون، بمشاركة ممثلين من الشئون القانونية والشئون المالية، والإدارات المركزية، إلى جانب ممثلين من نقابتي المعلمين والاجتماعيين. ما يقرب من 145 مادة تحتوى على 8 أبواب للقانون الجديد، ما بين حظر الدروس الخصوصية وإحالة المخالفين للمحكمة التأديبية، والتزام الدولة بتطوير التعليم قبل الجامعي؛ لتحقيق الإتاحة والاستيعاب من خلال نظام تعليمي عالي الجودة، بالإضافة إلى تأهيل المعلمين، وغيرها من المواد التي رأى المعلمون أن تطبيقها مجرد أمانٍ وأحلام.