عروس البحر المتوسط كانت آخر ضحايا التعامل مع الأزمات بسياسة رد الفعل، فبعد أن تسببت موجات الطقس السيئ التي ضربت محافظة الإسكندرية، منذ أزمة الغرق الأولى في أواخر شهر أكتوبر وحتى الآن، في انهيار 23 عقارًا قديمًا، وإخلاء 12 آخرين بسبب تأثرهم بالأمطار الغزيرة، فيما رفض سكان 5 عقارات أخرى بمناطق الدخيلة ومحرم بك والعطارين والرمل، تنفيذ قرار الإخلاء، ووقعوا قرارات بالبقاء داخل منازلهم على مسؤوليتهم الشخصية. تواجه الإسكندرية شبح انهيار العقارات بسبب تأثر البنية التحتية للمنازل نيجة الأمطار التي أغرقت المحافظة، في حوالى 10 مناطق بأحياء الإسكندرية القديمة، يعود عمر منازل بعض هذه المناطق إلى عقود طويلة، خاصة أحياء غرب والجمرك ووسط، وتمثل بعض المناطق بؤرًا ساخنة لاحتوائها على عدد كبير من المنازل القديمة مثل منطقة اللبان، بحرى، والمنشية، وطابية صالح، والقباري، وكرموز، والعطارين، ومحطة مصر، وكوم الدكة، وأبو قير. 10 أيام لحل الأزمة 10 أيام لحل الأزمة "من فضلكم عندي أسبوع أو 10 أيام، ويكون الموضوع ده خلصان، انتوا مش كانت مشكلتكوا في الفلوس، خلاص مافيش مشكلة فلوس" كان ذلك تعليق الرئيس السيسي خلال زيارته المفاجئة إلى محافظتي الإسكندرية والبحيرة بعد وقوع أزمة بالمحافظة، بنهاية أكتوبر الماضي، تفقد الرئيس الإسكندرية في زيارة مفاجئة المحافظة بعدها بأيام. وقال الرئيس خلال الزيارة: "احنا هنصلح المحطات اللي عندنا، والموضوع ده يتحل فورًا، والناس المتضررة تاخد تعويض فورًا" مستطردًا: واحنا قولنا قبل كده ما فيش مشروع يفتتح، ونقول إنه خلص إلَّا لما تكون دخلته الرقابة الإدارية ولجنة من الجهة المختصة مع القوات المسلحة". مليار جنيه لحل الازمة قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية: الرئيس وجّه بتخصيص مليار جنيه من صندوق تحيا مصر لتمويل خطة عاجلة تنفذها الوزارات المعنية بالتعاون مع القوات المسلحة؛ لرفع كفاءة شبكة الصرف الصحي والزراعي بمحافظتيّ الإسكندرية والبحيرة، وتشمل أعمال الإنشاءات وتطهير وتعميق المصارف وتزويد محطات الصرف بالطلمبات، والمُعدات اللازمة كافة، فضلًا عن إزالة التعديات على الترع والمصارف، على أن يتم الاِنتهاء من الأعمال كافة، خلال فترة تتراوح بين 7 و10أيام قبل موعد النوّة المقبلة. أزمة لم تحل ومازالت الإسكندرية تعاني إلى اليوم من نتائج ما حدث بها، فتقديرات العقارات الآيلة للسقوط خلال الفترة المقبلة بعد أزمة الغرق تصل إلى حوالي 5 الآف عقار، بحسب ما قالت الدكتورة سعاد الخولي، القائم بأعمال محافظ الإسكندرية، بجانب الخطورة الوشيكة على سكان هذه العقارات في حال السقوط المفاجئ المتوقع بوقوع ضحايا، وسط عمليات التشرد إلى أن يتم إيجاد أماكن بديلة تأويهم. قال الدكتور أحمد أبو النور، استشاري الاقتصاديات الحرجة وادارة الازمات بالجامعة الأمريكية: أزمة الإسكندرية التي شهدتها خلال الفترة الماضية من غرق المحافظة، وما ترتب عليها من نتائج، كشفت عن الخلل في بنية الدولة التحتية وضعف الإمكانيات المتاحة للمؤسسة المدنية للتدخل لحل الأزمة. وأوضح أن الذي أنقذ المحافظة من تمادي الكارثة تدخل المؤسسة العسكرية؛ لأنها تدخلت بإمكانيات غير متوافرة للمؤسسة المدنية، وهو ما أظهر سوء توزيع الموارد بين المؤسسة المدنية والعسكرية؛ لأنه لو كانت المؤسسة المدنية تمتلك نفس الإمكانيات التي استخدمت في إنقاذ الموقف كانت ستتلافى الأزمة من جانبها. وأشار إلى أن الدولة غارقة في فهم حقيقة تشخيص ما تمر به، لعدم وجود صناع سياسات، وافتقاد مصر لوظائف معمول بها في دول العالم كوظيفة "صناع الرؤية" بين السلطة التنفيذية والسلطة الحاكمة، مهامها يبدأ من وضع سياسات ورؤى عن كيفية وصول مصر إلى هدف معين خلال فترة محددة، وتنفيذ تلك الرؤى من قبل السلطة التنفيذية، وهو ما لم يتم في مصر، فالوزير هو من يضع الخطط ويديرها ويفنذها برؤيته، رغم أنه من الصعب أن يلم شخص واحد بجميع الأمور. وأضاف "أبو النور" أن عدم وجود بنية تحتية للدولة يعرقل المسيرة الاقتصادية ويمنع المستثمرين من وضع استثمارات في دولة ليست بها بنية تحتية للعمل عليها، لافتًا إلى أن الدولة تحتاج إلى إعادة تطوير بنيتها التحتية بالكامل حتى يكون هناك أرضية صلبة للبناء عليها مستقبلًا.