شهدت الشهور الأخيرة من العام الحالي مؤتمرين اقتصاديين لتنمية الاقتصاد المصري، أحدهما بمدينة شرم الشيخ في مارس 2015 والأخر بمدينة مرسي مطروح في أكتوبر من العامنفسه، وفي ظل الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر لم يتحسن وضع الاقتصادي المصري رغم الاستثمارات التي خرجت بها الحكومة المصرية. المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ خلال الفترة من 13 إلى 15 مارس 2015، شهدت مصر فعاليات المؤتمر الاقتصادي الذي حمل شعار "مصر المستقبل" بحضور أكثر من ألفين مندوب من 112 دولة مختلفة، بهدف تحسين مستوى معيشة المواطن المصري من خلال الإصلاحات المستقبلية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي ودفع عجلة النمو وجذب الاستثمار. الحصيلة 60 مليار دولار خرج المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء علينا ليعلن أن الحصيلة النهائية للاستثمارات والقروض التي حصلت عليها مصر في مؤتمر دعم وتنمية الاستثمار المصري 60 مليار دولار، فضلًا عن تعهدات بدعم خليجي قدره 12.5 مليار دولار، مؤكدًا أن المؤتمر حقق "نتائج مبهرة وليس أمامنا الآن غير العمل والعرق لكي تنجح التجربة المصرية". وأوضحمحلب أنه جرى توقيع عقود بقيمة 36.2 مليار دولار في المؤتمر وتم الاتفاق على مشروعات ممولة بقيمة 18.6 مليار دولار والسداد على سنوات طويلة، بالإضافة إلى 5.2 مليار دولار من صناديق ومؤسسات دولية كقروض مع وزارة التعاون الدولي. المؤتمر الاقتصادي الدولي بمرسى مطروح وخلال الفترة من 24 إلى 25 أكتوبر عقد مؤتمر اقتصادي دولي مدينة مرسي مطروح تحت شعار "مطروح مستقبل الاستثمار"، أعلن خلالها اللواء علاء أبو زيد، محافظ مطروح، أن الاستثمارات الصناعية المتوقعة بالمؤتمر الاقتصادي الدولي بمطروح تصل إلى 200 مليار جنيه، للاستفادة من الثروات الطبيعة والمقومات الصناعية بالمحافظة، التي تؤهلها لإقامة العديد من المشروعات الصناعية العملاقة والصناعات الثقيلة، عقب إقامة الميناء التجاري، المقررة إقامته بمنطقة النجيلة، غرب مرسى مطروح، للمساهمة في انتعاش الاقتصاد المصري. وقالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس: الحكومة حاليا لا تملك أي خطط أو رؤى لتحسين الوضع الاقتصادي أو تحسين حياة الفقراء أو حسم القرارات المتعلقة بالأزمة الاقتصادية الحالية، الأمر الذي يقلل من حجم الثقة الشعبية فيها. وأضافت الحماقي، أن الحكومة صدرت للمواطنين بأن كلًّا من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وقناة السويس، حل كل مشكلاتنا الاقتصادية، مؤكدة أن المؤتمر وقناة السويس ليسا الحل الكامل لتلك المشكلة؛ نظرًا لأنها قائمة منذ عقود ولا يمكن إغفال وجودها. وحذرت من عدم حل تلك المشكلات وتهيئة بيئة الأعمال واستئناف المشروعات التي تم التعهد بها وتنفيذها حتى لا تكون العواقب وخيمة. وطالبت الحماقي، الحكومة بتنفيذ خطة رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، من خلال القضاء على معدلات البطالة والتضخم التي تطحن الاقتصاد القومي. من جانبها أكدت الدكتورة جيهان مديح، خبيرة أسواق المال، أن هناك عددًا من المشروعات تم اقتراحها من قِبَل الحكومة، إلَّا أنها لم تجد مصداقية على أرض الواقع بما في ذلك مشروع المحور اللوجيستي وتبادل السلع والحبوب، موضحة أن ذلك المشروع رغم تصريحات وزارة التموين والتجارة الداخلية بشأنه، إلَّا أنها لم تكن واقعية في ظل محاولة ترسية المشروع على مستثمرين بعينهم علي الرغم من عدم جدية الوزارة في ذلك الأمر. وذكرت مديح أن مؤتمر قمة مارس الماضي المنعقدة في مدينة شرم الشيخ، لم تحقق أي مردود في الحياة الاقتصادية حتى الآن، متسائلة عن بيئة القوانين والتشريعات التي تعهدت بها الحكومة ولم تنجز بعض منها، بخلاف الجزء الأخر منها والذي كان مثيرًا للجدل كما هو الحال لقانون ضريبة البورصة وتعاملات الأرباح الرأسمالية وما خلفه من خروج استثمارات أجنبية كبيرة بسبب القرارات الحكومية غير المدروسة. وأضافت مديح أنه كان من الأولى إنشاء هيئة خاصة تجمع كل أطراف الحكومة لحسم المشروعات المطروحة في مؤتمر شرم الشيخ، بالإضافة إلى محور تنمية قناة السويس، موضحة أن تلك الخطوات لازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية المأمولة خلال الفترة الراهنة. وطالبت مديح بضرورة العمل على المستويات الحكومية كافة، بما في ذلك البنك المركزي والوزارات، خصوصًا وزارة وهيئة الاستثمار لدمج المشروعات ووضع خريطة بالمشروعات بما لا يخل بدور "المركزي" في الرقابة على البنوك أو سلطاته النقدية في البلاد. وشددت مديح على ضرورة وجود قوانين فعالة وبما لا يصطدم بتشريعات قائمة، على أن يتم تمثيل القطاع المصرفي، خصوصًا أن تلك المشروعات تحتاج للتمويل. وأوضحت مديح وطالبت مديح بضرورة أن يكون للمستثمرين المحليين نصيب الأسد من المشروعات الاستثمارية داخل بلادهم، معتبرة أن تلك الخطوة تحفز الاستثمار الأجنبي والعربي على حد سواء، موضحة أنه مازال مناخ الاستثمار في مصر غير جاذب في ظل التشريعات المتضاربة والبيروقراطية والفساد الموجود داخل أجهزة الحكومة. وشددت مديح على ضرورة وجود ربط بين كل الجهات المعنية في الدولة سواء الوزارات والمحافظات، لتطبيق خريطة استثمارية على المستويات كافة،بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وعلقت مديح علىمنح الهيئة الهندسية سلطة الإشراف على مشروع العاصمة الإدارية، بأنه مع الأسف مازالت الحكومة لا تقوم بدورها، وبالتالي نحن في حاجة لوجود جهة ملتزمة تتابع وتشرف لإنجاز ما هو مطلوب من الجهات الحكومية. وانتقدت مديح إخفاق أشرف سالمان، وزير الاستثمار، في حسم ملف قانون الاستثمار الموحد وعدم الانتهاء من اللائحة التنفيذية لذلك القانون أو خروج تشريعات داعمة للمناخ الاستثماري خلال الفترة الراهنة، موضحة أن "الاستثمار الموحد" خرج قبيل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي بساعات قلائل. وأشارت مديح إلى أن مصر تعتبر مناخًا خصبًا للاستثمار؛ نظرًا لوجود موارد بشرية متاحة، يمكن استغلالها لتحقيق النمو الاقتصادي، في حالة تدربيها بشكل جيد، من خلال إيجاد دور حقيقي وفعال لوزارة التعليم الفني، بالإضافة لتعاون الحكومة مع القطاع الخاص عبر مشروعات الشراكة بين القطاعين.