اختص بتقديم تقرير شبه يومي تحت عنوان "قارئ الصحف"، وتربع على عرش الصحافة الاستقصائية، إنه الكاتب الصحفي حسام بهجت، الذي تم تحويله للنيابة العسكرية مساء أمس، بعد تحقيق دام 8 ساعات داخل مقر المخابرات الحربية. «حسام بهجت» أسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وعمل مدربا في العلوم السياسية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويشغل منصب المدير المساعد للجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، كما يعمل كاتبا صحفيا بموقع مدى مصر. من أبرز التحقيقات الصحفية التي كتبها، كانت "خلية عرب شركس.. المحاكمة العسكرية شبه السرية لأنصار بيت المقدس"، و"من فك أسر الجهاديين؟!"، و"قصور آل مبارك"، و"ويكيليكس: كواليس إخراج نجل رئيس المخابرات السعودية من تحقيقات حسين سالم"، وآخرها "تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب"، الذي استدعى على إثره للمخابرات الحربية، وبعدها تم تحويله إلى النيابة العسكرية للتحقيق معه بتهمة نشر أخبار كاذبة. تفاصيل القبض والتحقيق مع «بهجت» ذهب حسام بهجت، أمس في تمام الساعة التاسعة صباحًا، لمقر المخابرات العامة وفقًا للاستدعاء الذي أرسل إليه لمكان مسكنه، دون السماح بالدخول معه أحد، وظل قرابة ال8 ساعات دون السماح لأحد المحامين أو معرفة ما تم معه داخل مبني المخابرات، وفي الخامسة مساء تلقت لينا عطا الله، رئيس تحرير موقع مدى مصر، مكالمة هاتفية يخبرها بنقله إلى مقر النيابة العسكرية للتحقيق معه كمتهم دون معرفة أي من الاتهامات، عليه توجه العديد من المحامين إلي النيابة العسكرية؛ لحضور التحقيق كمتطوعين للدفاع عن "بهجت". وبدأت النيابة العسكرية في توجيه الاتهامات له، والتي تضمنت تهمتين، الأولى الإذاعة عمدا لأخبار وبيانات كاذبة ومن شأنها تكدير السلم والأمن العام واللحاق الضرر بالمصلحة العامة وفقًا للمادة 102 مكرر من قانون العقوبات، والثانية نشر إشاعات كاذبة من شأنها تكدير السلم العام واللحاق الضرر وفقًا للمادة 188 عقوبات، من خلال نشره لتحقيق استقصائي بعنوان "تفاصيل محاكمة ضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب". ومن جانبه، قال المحامي محمد الباقر، إن التقرير الصحفي الاستقصائي الذي أعده ونشره حسام بهجت، كان بعد انتهاء التحقيقات وصدور حكم المحكمة، وأصبحت أوراق القضية وحكمها معلن ومتاح للجميع، بالإضافة إلى باقي البيانات من أقارب الموجه الاتهام في حقهم، مؤكدا أنه توصيف وبيان ليس وجهة نظره. وأوضح "باقر" أن التحقيق الذى نشره "بهجت" تداوله موقع bbc عربي من قبل، لافتا إلى حجز حسام ليلة أمس حتى صدور قرار صباح اليوم بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق في القضية رقم 4477 لسنة 2015 جنح عسكرية شمال، وسيتم عرضه الأربعاء المقبل. نقابة الصحفيين ترفض.. و«الدفاع عن الصحفيين» تتضامن من جانبها، كلفت نقابة الصحفيين محاميها بحضور التحقيقات مع الكاتب الصحفي، مساء أمس، كما أدانت جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات الاحتجاز الذي تعرض له "بهجت" داخل المخابرات الحربية وانتهى بإحالته إلى النيابة العسكرية باتهامات لم تتبين صفتها القانونية بشكل كامل حتى الآن. وأكدت الجبهة في بيان صحفي أن ما حدث مع "بهجت" ضمن قضايا النشر التي تزايدت وتيرتها بشكل غير مسبوق فى السنوات الأخيرة بذريعة الحفاظ على الأمن القومي وعدم إثارة الفتنة والبلبلة وإصدار قوانين مقيدة للحريات، بينما ينص الدستور المصري الذي تم الاستفتاء عليه في يناير 2014 أن حرية تداول المعلومات هي الحفاظ على حق وسلامة المجتمع كما تنص المادة 7 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسمة 1996 ب"لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره علي إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون". وسياسيا، أبدى الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي قلقه البالغ من الهجمة التي تتعرض لها حرية التعبير والحق في الوصول للمعلومات بمصر خلال الأيام الأخيرة، موضحا أن الهجمة طالت عددا من الكتاب والمبدعين والباحثين ومالكي الصحف ووسائل الإعلام، ما بين هجمات أمنية على مراكز بحثية والقبض على مسئوليها مثلما حدث مع مركز الصورة المعاصرة ومؤسسة مدى مصر، أو تحريك دعاوى قضائية ضد أعمال إبداعية بدعوى خروجها على الآداب العامة، أو تحريك محاضر وبلاغات مضت عليها سنوات ضد ناشري صحف معارضة، والتشهير المتعمد بمن يتم القبض عليهم. وأكد الحزب أن هذه الإجراءات التي تعكس ضيق صدر السلطة بحرية الرأي والتعبير، والإصرار على حجب المعلومات، التي هي حق من الحقوق الدستورية الأساسية. المحاكمات العسكرية سيف على رقاب الجميع وتصدرت التدوينات المناهضة للمحاكمات العسكرية للمدنيين مواقع التواصل الاجتماعي، بعد التحقيق مع حسام بهجت فى النيابة العسكرية، خاصة أن نص المادة 174 من الدستور التي أجازت محاكمة المدنيين عسكريًا نصت على "يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباط القوات المسلحة أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم، ويحدد القانون تلك الجرائم"، ولا تنطبق على "بهجت" الذي نشر نص التحقيقات وحكم محكمة صدر بالأوراق المثبتة. وقال المحامي الحقوقي كريم عبد الراضي، إن ما حدث مع الصحفي حسام بهجت يعد تصعيدا خطير ضد حرية الصحافة والمدافعون عن حقوق الإنسان، ويشكل اعتداء واضحا وصريحا علي حق تداول المعلومات وحرية الصحافة والتعبير. وأضاف "عبد الراضى" أن ما نشره حسام بهجت تحقيق استقصائي استند إلي معلومات من واقع أوراق قضية كانت منظورة أمام القضاء العسكري فعلاً، وتم الفصل فيها وإصدار حكم المحكمة فيها، فالمنشور لا يشكل تأثيراً علي سير المحاكمة أو حتى القرار. وأكد رغبة السلطات في منع الاقتراب نهائياً من كل ما هو عسكري، حتى لو كان الأمر مجرد محاكمة من صفتها أنها تكون علنية ويطلع المواطنون عليها، مضيفا أن محاكمة "بهجت" عسكرياً يكشف عن نوايا الدولة التوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين، واستغلال النصوص القانونية المعيبة والمخالفة للمعاير الدولية للمحاكمات العادلة والمنصفة لجر أصحاب الرأي والصحفيين للمحاكم الاستثنائية . واختتم: "الأمر يشكل مؤشرا خطير بأن سيف المحاكمات العسكرية سيكون مسلطا علي الجميع، وعلي كل من يتناول أي أمر يخص القوات المسلحة سواء كان بالإيجاب أو بالسلب".