تباينت ردود أفعال الدول العربية تجاه الغارات الروسية المتواصلة في المناطق السورية، ففي الوقت الذي أعلنت فيه القاهرةوالعراق تأييدهما للضربات ووصفها بأنها تستهدف الإرهاب وتمثل نقطة فارقة في حل الأزمة السورية، رأت قطر والسعودية أيضا أنها تمثل استهداف لما تم تسميتهم ب "قوى المعارضة المعتدلة" وحماية للنظام السوري، وبخلاف ذلك مازال يكتنف الغموض مواقف دول عربية أخرى لم تعلن موقفها بشكل رسمي وعلني منتظرة ما تسفر عنها الضربات من نتائج تحسبًا لمزيد من التطورات قد تغير موازين القوى في الأزمة المستمرة منذ أكثر من 4 أعوام. هذا التباين والغموض في المواقف العربية انعكس بشكل واضح على جامعة الدول العربية، التي لم تصدر حتى كتابة هذه السطور أي تعليق أو بيان تجاه هذه الغارات، وهو ما يؤكد أن هناك أمورًا تدار من خلف الكواليس بين القوى المؤثرة في هذه الجامعة. مصادر عربية أكدت ل«البديل» بعضًا من هذه الكواليس، قائلة: «هناك اختلاف واضح في مواقف الدول العربية داخل الجامعة إزاء ضربات روسيا، وهو ما أدى إلى عدم إصدار الجامعة ومندوبيها أي تصريح أو بيان تعليقًا على الغارات الروسية في سوريا، مشيرة إلى أن هناك جبهتين داخل الجامعة تتباين مواقفها متمثلة في السعودية وقطر والبحرين، وهؤلاء يعتبرون التدخل الروسي مدان ومستنكر، وأخرى متمثلة في مصر والعراق بشكل مباشر، ويعتبرون أن تدخل روسيا هدفه القضاء على الإرهاب ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي، ويقف الأردنوالإمارات على مسافة قريبة من هذا المحور. اللافت للنظر ما حدث قبل الضربات الروسية بأيام قليلة، عندما استضاف بوتين في موسكو الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الثاني والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في نفس التوقيت، حيث ربط البعض تزامن هذه الزيارات بمناقشة الأزمة السورية، والتوافق والتنسيق بين الدول الأربعة فيما يخص الوضع المستقبلي لحل هذه الأزمة. يضيف المصدر أن محور السعودية وقطر الذي يُحمل الأسد ما حدث في سوريا ويعتبر رحيله المخرج الوحيد للأزمة، حاول أن يحشد باقي الدول العربية في الجامعة لإصدار بيان يدين ويستنكر الضربات الروسية، إلا أنه واجه محورا مضادا وهو العراق ومصر تلك الدولة التي كان موقفها يتسم نسبيًا بالغموض نحو الأزمة السورية، لكن بعد صمود دمشق وتمدد التنظيمات الإرهابية والتدخل الروسي جعل موقفها واضحا، وأصبحت مصر تقود المحور الثاني، وترى أن السيادة تتمثل في الدولة السورية والجيش، مع خوف من المعارضات التي تدعمها قطر خاصة التي تتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها القاهرة إرهابية. الموقف المصري كان واضحا ومباشرا عندما خرج وزير الخارجية سامح شكري بتصريحات بعد الغارات الروسية بساعات قليلة، قال فيها إن «المعلومات المتاحة لدينا، خلال اتصالاتنا المباشرة مع الجانب الروسي، تؤشر على اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب والعمل على محاصرة انتشاره في سوريا»، وأكد أن «التواجد (الروسي) الهدف منه توجيه ضربة قاصمة، متوافقة مع الائتلاف المقاوم لداعش في سورياوالعراق». أشار بعض المحللين إلى أن الموقف المصري المتعارض مع السعودية في الملف السوري، يثير تساؤلات أهمها هل يؤثر على علاقة البلدين في الفترة المقبلة، فعلي الرغم من تصريحات وزير الخارجية المصري بأنه لا يوجد خلافات بين القاهرةوالرياض في كافة الملفات، إلا أن ما نشر من مقالات وتصريحات لإعلامين سعوديين مرتبطين بالأسرة الحاكمة كان اعترضات على الموقف المصري المؤيد لروسيا ويؤكد أن هناك توتر مكتوم بين الجانبين في هذه الفترة. في السياق ذاته؛ لم يصدر عن الأردن أي موقف رسمي بشكل واضح، تجاه غارات روسيا حتى الآن، إلا أن لقاء جمع العاهل الأردني برئيسة المجلس الاتحادي الروسي، فالنتينا ماتفيينو، بعد الغارات الروسية أكد فيه ضرورة دعم الجهود الإقليمية والدولية المبذولة بهدف "التصدي للإرهاب والتطرف، والذي يهدد السلم والاستقرار العالميين"، وأشار إلى اعتزاز بلاده بالعلاقات المتينة بين الأردنوروسيا. اتسم ايضًا الموقف الإماراتي الرسمي بالغموض تجاه هذه القضية، لكن يشير المراقبون إلى أن عدم توقيع الإمارات على البيان الذي يطالب روسيا بوقف استهدافها لبعض المناطق السورية يوضح بما لا يدع مجالًا للشك أن أبو ظبي لها موقف آخر غير الذي تتخذه الرياض من الأزمة السورية على عكس ما يحدث في اليمن.