مع استمرار الضربات التي توجهها تركيا للأكراد خارج حدودها في سورياوالعراق، تتوالي التطورات والأحداث التي توضح موقف كل دولة عربية من هذه الضربات، ففي الوقت الذي يري جانب من الدول أن من حق أنقرة الحفاظ على أمنها القومي لعدم تدفق الإرهابيين داخل حدودها وتقويض نفوذ حزب العمال الكردستاني لما يمثله من تهديد عرقي على تركيا، وإنه من الممكن أن يمثل دعم للمعارضة السورية المسلحة في معركتها ضد النظام السوري، يرى الجانب الآخر أن هذه الضربات تمثل اعتداء على سيادة سورياوالعراق ولابد من احترام القوانين الدولية في هذا الشأن، رافضًا فكرة توسيع النفوذ التركي الإخواني في المنطقة العربية. 1- مصر موقف القاهرة كان واضحًا عقب قصف تركيا ل«داعش» داخل الأراضي السورية، فكان لوزارة الخارجية المصرية بيانا رأت فيه إنه ينبغي الحفاظ على سلامة أراضي سوريا في إشارة لمعارضتها للتدخل التركي في سوريا، وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن القاهرة تدعم محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا «مع ضرورة أن يتم ذلك في إطار المحافظة على وحدة أراضي الدولة السورية وسلامتها الإقليمية وبما يتوافق مع أسس وقرارات الشرعية الدولية في هذا الشأن». هذا الموقف جاء على خلفية سياسة تنتهجها مصر حيال معظم قضايا الشرق الأوسط، وهي صد أي تمدد إخواني يبدأ بروزه في المنطقة، وكما هو معلوم فإن تركيا يحكمها حزب العدالة والتنمية المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين لذا كان من الواضح أن التدخل التركي في سوريا يعزز فرصة صعود الإخوان مرة أخرى، كما أن القاهرة ترفض أي تدخل خارجي من منطلق وجوب الحفاظ على سيادة الأراضي السورية والعراقية. 2- السعودية حتى كتابة هذه السطور لم تبدِ السعودية موقف رسمي محدد من قصف تركيا لمعاقل داعش في سوريا والأكراد في العراق، إلا أن منبرها الإعلامي والسياسي كان مؤشرًا قويًا على عدم تحفظها لاختراق أنقرة الحدود السورية والعراقية، من منطلق أنه قد تشمل الضربات التركية في وقت لاحق مساندة للمعارضة السورية المسلحة لإسقاط النظام السوري، التي لطالما سعت الرياض في الأعوام الأربعة الماضية وهي فترة الأزمة السورية إلى إسقاطه. 3- العراق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي طالب أكثر من مرة خلال الفترة الماضية تركيا بعدم تجاوز سيادة العراق وبوقف قصفها لأراضيه، مستغربًا موقف الأتراك تجاه اعتراض العراق على قصف أراضيه وعبّر عن أمله في أن تتعاون تركْيا مع العراق في محاربة داعش. 4- سوريا شككت سوريا أيضًا في النوايا التركية بالتصدي لتنظيم داعش، وذلك في رد رسمي على الغارات التي نفذتها تركيا على مواقع التنظيم المتطرف، وذكرت وزارة الخارجية السورية في رسالتين متطابقتين إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة «إذا كانت تركيا قد شعرت الآن بعد 4 سنوات ونصف مرت على الأزمة فى سوريا بأن من واجبها التصدي للإرهاب، فإن ما ينطبق عليها هو المثل القائل: أن تاتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا، متسائلة «لكن هل النوايا التركية صادقة في مكافحة إرهاب داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة؟». 5- قطر في إشارة إلى مساندتها لحليفها التركي، أكدت قطر رفضها بيان جامعة الدول العربية الذي استنكر القصف التركي لمناطق في شمال العراق، وأفاد بيان لوزارة الخارجية القطرية أن موقف الجامعة العربية، «لم يتم التشاور حوله مع الدول الأعضاء في الجامعة»، مشددة على "تضامن دولة قطر الكامل مع الجمهورية التركية الشقيقة فيما تتخذه من إجراءات وتدابير لحماية حدودها وحفظ أمنها واستقرارها"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء القطرية. وأكدت الخارجية في بيانها على "حق تركيا في الدفاع عن نفسها، والقضاء على مصدر التهديد، من أي جهة أتى، وذلك بموجب المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، التي تعطي الدول بشكل منفرد أو جماعي، حق الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات المسلحة". 6- الإمارات يتطابق الموقف الإماراتي مع الموقف المصري في كثير من قضايا المنطقة، وعبر الأقلام الإماراتية القريبة من دوائر الحكم في الدولة ظهر موقف الإمارات الإعلامي الذي يتحدث عن رفضه القاطع لتدخل تركيا خاصة ضد الأكراد، حيث أكدت صحيفة الخليج الإماراتية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يتخل عن أحلامه السلطانية فهو يرفض الاعتراف بهزيمته وهزيمة حزبه في الانتخابات الأخيرة، وتحت عنوان " سياسة الدم " أضافت الصحيفة أن أردوغان من أجل تحقيق أحلامه لا يمانع أن يكون الثمن دم الأتراك والأكراد والسوريين والعراقيين وغيرهم من خلال نسف عملية السلام التي كانت قائمة مع الأكراد في إشارة إلى اعتراضها على قصف تركيا مواقع الأكراد في الأراضي العراقية. 7- الجامعة العربية أصدرت الجامعة العربية بيانا استنكرت فيه ضربات تركيا لشمال العراق، حيث أعرب نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية عن استنكار جامعة الدول العربية للقصف التركي على مناطق في شمال العراق، وطالب العربي، تركيا باحترام سيادة العراق على كامل أراضيه، وبالالتزام بمبادئ حسن الجوار وبالاتفاقات الموقعة بين العراقوتركيا، وعدم التصعيد، واللجوء إلى التفاهم بين البلدين للتعاون من أجل معالجة كافة الأمور المتعلقة بالحفاظ على أمن واستقرار الدولتين. ولطالما اتهمت بعض التقارير الجامعة العربية بتنفيذ سياسات دول الخليج العربي، لاسيما قطر التي تعد من الدول الغنية بالنفط ويرى أصحاب هذا الرأي أن الدوحة تستخدم أموالها وثرواتها في تنفيذ سياستها في المنطقة العربية من خلال منظومة الجامعة العربية، إلا أن موقف الجامعة النقيض للموقف القطري في هذا الموضوع، أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك أمورًا أخرى تدار من خلف الكواليس توضح وجود جبهات متناقضة داخل الجامعة على رأسها جبهة مشكلة من مصر والإمارات وحلفائهم يديرون معركة التصدي للإخوان، ما يوضح أن موقف الجامعة جاء على خلفية رفض القاهرة رسميا التدخل التركي في الأراضي العربية ورفض أيضًا الإمارات عبر منبرها الإعلامي.