بعد مرور 15 عامًا على الانتفاضة الثانية إثر اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «آرئيل شارون» المسجد الأقصى، برفقة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، تتشابه اليوم الحالة الفلسطينية والوضع المأساوي مع ما حدث من قبل، ليتوقع المحللون أن هناك انتفاضة ثالثة على الأبواب، حيث الانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية المتكررة تجاه الأقصى وتهديداته بعزل القدس واجتياح الضفة فضلًا عن ما يشهده الشارع الفلسطيني من حراك كان ساكنَا وصامتًا على مدار الأعوام السابقة. باتت احتمالية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة واردة، في ظل حالة من الاستنفار الشعبي، فبعد 3 أيام من رفع العلم الفلسطيني فوق الأممالمتحدة، دارت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، أدت إلى مقتل ثاني شاب فلسطيني، فادي سمير علون، قرب منطقة المصرارة في محيط باب العامود بالقدس. اللافت للنظر في هذه الأيام أن اندلاع الانتفاضة الثالثة باتت متجلية على الأرض، وهي شبيهة بأحداث مهدت لانطلاق الانتفاضتين الأولى والثانية والتي يجمعها عامل مشترك واحد هو التوسع الاستيطاني والاعتداء على المسجد الأقصى، وما قد يكون أول شرارة تشعل الأوضاع هو ما بدأه الاحتلال بتطبيق خطته الرامية لتقسيم المسجد الاقصى المبارك زمانيا ومكانيا. فشل العملية السياسية التفاوضية فشلت العملية السياسية بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني والتي أخذت وقتًا طويلًا في التفاوض، إلا أنها أجبرت السلطة في فترة التفاوض على إنهاء فعاليات أي انتفاضة، حيث ذهبت السلطة المفاوضة لترتيبات باتت سيفا مسلطا على حراك الجماهير بهدف انتاج اتفاق يقضي بحل الدولتين، حتى أصبح الناس منصاعين عبر تهدئة الحالة الشعبية المواجهة للاحتلال واضعين الأمل بأن سلطة التفاوض قد تنجز استقلالا يريح الشعب الفلسطيني، يؤدي لازدهار الأوضاع مثل أي دولة مستقلة، إلا أن كل هذا فشل فشلًا ذريعًا ، وحسب مراقبون لاعتماده الكلي على المفاوضات والعملية السياسية مؤكدين أنه كان من المفترض أن توازي هذا العمل السياسي بالكفاح المسلح حتى يكون المفاوض في وضع القوة. وغير الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأممالمتحدة الأخير لهجة خطابه حيث تحلل من جميع الاتفاقات مع إسرائيل، بشقوقها الثلاثة السياسي والاقتصادي والأمني، وهي الخطوة التي طالما طالبنا، إلى جانب الفصائل الفلسطينية، باتخاذها منذ زمن، كما دعا إسرائيل، التي اتهمها بتدمير كل الأسس التي قامت عليها جميع الاتفاقات، إلى تحمل مسؤولياتها واستحقاقاتها كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، ورغم أن هذا الخطاب لم يكن يعلن بشكل حاسم وقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني بحسب أغلب المراقبون إلا أنه أشعل حماس نشاط الانتفاضة مرة أخرى. التصعيد في القدس تتجه الأوضاع في الأراضي المحتلةوالقدس إلى التصعيد، ويتوقع أن يلجأ الاحتلال إلى خطوات قمع جديدة وفرض عقوبات جماعية، ناهيك عن إطلاق يد قطعان المستوطنين اليهود في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة لتنفيذ عمليات واعتداءات على الفلسطينيين والعرب في كل مكان. شهدت الليلة الماضية سلسلة من الاعتداءات الهمجية والعنصرية على الفلسطينيين وأملاكهم في القدسالمحتلة، كما جرى الاعتداء على عمال عرب يعملون في الشطر الغربي من المدينة، فيما وثقت شبكات التواصل الاجتماعي عملية قتل الشهيد فادي علون قرب باب العامود في القدسالمحتلة، بينما كان يفرّ من مجموعة من المستوطنين. وزير المواصلات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، هدد بأن من "شأن الاحتلال أن ينفذ اجتياحا بريا للضفة الغربية ومدنها على غرار الاجتياح البري عام 2002 الذي أطلق عليه "السور الواقي"، في وقت أعلنت فيه الشرطة الإسرائيلية عن خطوات جديدة تعزل البلدة القديمة في القدس والمسجد الأقصى من خلال إصدار أوامر بمنع المقدسيين من الدخول إلى البلدة القديمة، ومن المتوقع أن يؤدي هذه القرارات إلى خنق سكان القدس. عمليات فلسطينية توحد الفصائل العملية الأخيرة التي نفذها مسلحون فلسطينيون في مدينة نابلس والتي استهدفت متطرفون يهود، جاءت كرد طبيعي على سلسلة الجرائم الأخيرة التي أقدم الاحتلال الإسرائيلي عليها بالإضافة لسلسلة الاعتداءات المتواصلة من قبل المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة. ويرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى وبكل مدن الضفة الغربية، وتنكر نتنياهو لأي توجه إلى إنهاء الإحتلال هو السبب الذي أدى إلى تفجر تلك الهبة الشعبية الشاملةالتي تعتبر تطور طبيعي لسياق الأحداث التي وصلت حد الإصطدام ، حيث كان هناك مواجهة سياسية ، عندما توقفت عملية التسوية وأصبح هناك حالة من الفراغ تستلزم تحرك الكفاح المسلح واشعال انتفاضة ثالثه في وجه المحتل. باركت كافة الفصائل الفلسطينية العملية، مؤكدين أنها رد طبيعي على جرائم الاحتلال ومستوطنيه في القدس والضفة ولن تكون الأخيرة ، مطالبه السلطة الفلسطينية بإطلاق يد المقاومة الفلسطينية بالضفة المحتلة، لردع العدو ولجم اعتداءات المستوطنين بالضفة وكذلك حماية الأقصى. الجدير بالذكر أن مدينة نابلس في الضفة الغربية قد شهدت تطورات كبيرة خلال اليومين الماضيين ساهمت في تأجيج الغضب الشعبي خاصة بعد إعلان الكيان الصهيوني محيط المدينة منطقة عسكرية مغلقة على خلفية مقتل مستوطنين اثنين قرب بلدة بيت فوريك شرق المدينة. انتهاكات الكيان ضد الأقصى من أولى الأسباب التي أشعلت الانتفاضة الثانية هو الاعتداء الصهيوني على المسجد الأقصى، وهو الأمر الذي يحدث في الوقت الراهن، حيث يشهد المسجد الأقصى حصارا شاملا منذ عدة أيام بالتزامن مع ودعوات لجماعات متطرفة يهودية تنظيم اقتحامات واسعة للأقصى. ويشهد المسجد الأقصى مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والمصلين، في ظل حصار تجاوز الأسبوع وتحديد أعمار المصلين فيه، ويصف البعض، ما يجرى خلال هذه المواجهات بأن "قوات الاحتلال تعتدي بالضرب المبرح على كل من يتواجد داخل ساحات الأقصى، وسط إغلاق كامل للأبواب، وتقوم باعتقال المرابطين والمرابطات، وإصدار قرارات بإبعادهم عن المسجد الأقصى، لكن المرابطون وهي مجموعة مرتبطة بالمسجد الأقصى، وتبرز أسمها في أي مواجهة تندلع بين قوات الاحتلال والمصلين المتواجدين في الأقصى، تقوم بإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال، وتبقى المواجهات بين الكيان الصهيوني والشبان على الأرض في اشد وتيرتها خلال الأيام الأخيرة.