حجم التصريحات الأمريكية اعتراضا على الدعم العسكري الروسي لسوريا يوحي بأن واشنطن على علم بنوعية هذا الدعم نتيجة القرار الذي تم اتخاذه في موسكو، فالمسألة لا تتعلق بجيل جديد من الطائرات التي تصيد المقاتلين بسهولة نهارا وليلا، ولا بالدبابات والصواريخ، إنما القضية تتمحور حول نوعية وجدية القرار الروسي في خطة الحسم العسكري لفرض الحل السياسي بالقوة. في دمشق قلة هم الذين يعرفون تفاصيل القرار الروسي الجديد، رغم أن سياسيين سوريين يتحدثون عن ثقة القيادة بالمرحلة الجديدة، حيث بدا ذلك خلال اجتماع جرى منذ أيام، خلاصته: صرنا في وضع ممتاز. تلك الخلاصة مبنية على جوهر القرار الروسي، والانسجام القائم بين موسكو وطهران حول سوريا، وتبدل المشهد الدولي العام واستقراره عند القاعدة التي رفعتها دمشق منذ سنوات واعترفت بها عواصم الغرب الآن: محاربة الإرهاب أولوية. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "حرييت" التركية إنه في منتصف شهر يوليو الماضي، وصف كبار المسؤولين الأمريكيين الاتفاق بين واشنطن وأنقرة بشأن مشاركة تركيا في الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، بالفعالة والمجدية، وأن موافقة تركيا على المشاركة يغير قواعد اللعبة، ويرفع الآمال بالجهود التركية في هزيمة المتطرفين. وتضيف الصحيفة أنه على الرغم من عدم ظهور النتائج العسكرية الأولية الخاصة بالقتال ضد داعش، إلا أن تحرك روسيا المفاجئ في سوريا غير قواعد اللعبة، وأرسل رسالة مفادها أن موسكو لن تسمح للغرب فعل ما يريد في سوريا. وتلفت الصحيفة إلى أن موسكو أعلنت عن عزمها تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لسوريا، فضلا عن نشر قواتها على الأراضي السورية، وتعزيز قاعدتها البحرية شمال سوريا، بأنظمة أكثر تطورا، فمن الواضح أنها مستمرة في تحد التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وترى الصحيفة أن الخطوة الروسية في سوريا تأتي بمثابة رد على الاتفاق الأخير بين تركياوالولاياتالمتحدة، بشأن القتال ضد داعش، والذي يسعى لأضعاف نظام الرئيس السوري "بشار الأسد". وتشير الصحيفة إلى أن وزير الخارجية السوري "وليد المعلم" أكد في 20 سبتمبر، أن الدور العسكري المتزايد لروسيا يثبت تبديل اللعبة لمكافحة الجماعات المتطرفة، خاصة داعش وجبهة النصرة، والقى باللوم أيضا على الولاياتالمتحدة لعدم وجود استراتجية واضحة لمكافحة التكفيريين. وتعتقد الصحيفة أن الهدف الحقيقي خلف الخطوة الروسية وتدخلها في سوريا، هي محاولة لملئ الفراغ قبل سيطرة القوة الغربية بشكل كامل، واحراز تقدم في حربها ضد الرئيس "الأسد". نوعية القرار الروسي أدت إلى تغيير في قواعد اللعبة السورية، فمنظومة الاتصالات المتطورة ستخدم تنفيذ الخطة بسهولة، والسلاح الجديد سيفرض واقعا مغايرا في ضرب أهداف المسلحين بدقة. يستطيع الروس والسوريون رسم معادلة: إما التحالف معنا ضد الإرهاب وفق شروطنا، وإما التفرج علينا من دون أي تدخل أو مشاركة في استثمار النتائج لاحقا.