«العدالة الاجتماعية».. كلمة تطلقها الحكومة دائما لمحاولة استرضاء قطاع كبير من المواطنين وتحديدا متوسطي ومحدودي الدخل، حتي إن لم تكن ملموسة علي أرض الواقع، فالواقع العملي يشهد توسع الحكومة في عدد من الإجراءات التى تنال من العدالة الاجتماعية، منها خفض الدعم، وزيادة الأسعار دون تدخل لضبط السوق. أعلنت الدولة مؤخرا عن رفع حد الإعفاء الضريبي من 5 آلاف إلي 6500 جنيها علي الدخول السنوية، بخلاف إعفاء شخصي بقيمة 7 آلاف جنيه ليصل حجم صافي الدخل لنحو 13500 جنيها بعد أن كان 12 ألف جنيه في فترات سابقة. فعلي مدار الأسبوع الماضي، عدّلت الحكومة من قانون الضريبة علي الدخل بعد موافقة رئيس الجمهورية واعتماده برقم 96 لسنة 2015، الصادر بالجريدة الرسمية، لتتضمن أسعار الضريبة 5 شرائح، من بينها الشريحة الأولي المعفاة بالنسبة للدخول التي لا تتجاوز ال6500 جنيه. أما الشريحة الثانية والتي تتضمن نسبة ضريبة ب10% علي الدخول التي تتراوح ما بين 6500 ألف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه، والشريحة الثالثة بنسبة 15%، ومحددة بأكثر من 30 ألف جنيه للدخل ولا يجاوز ال45 ألف جنيه. فيما يصل سعر الضريبة علي الشريحة الرابعة بنسبة 20% للدخول التي تتجاوز ال45 ألف جنيه ولا تتعدى ال200 ألف جنيه، وأخيرا الشريحة الخامسة بنسبة 22.5% للدخول التي تتجاوز 200 ألف جنيه. ليظل التساؤل الحقيقي على تلك التعديلات التي أدخلت على قانون الضرائب ستكون خطوة نحو النهوض وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الشرائح المقسمة، أم أنها غير ذلك. يقول الدكتور أسامة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إن حد الإعفاء بموجب القانون "لا يسمن ولا يغن من جوع"، في ظل ارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلي أن الشريحة الخامسة من الضريبة علي الدخل بواقع 22.5% ساوت بين من يتجاوز دخله أكثر من 200 ألف جنيه سنويا ومن يتقاضي ملايين الجنيهات. وأضاف "عبد الخالق" أن الحكومة في وادٍ ومستويات الأسعار وتكلفة المعيشة في وادٍ آخر، فما يحدث يؤكد أن الهم الأكبر لها تحصيل ضرائب بالتزامن مع تطبيق قانون الخدمة المدنية لتقليص الأجور التي تشكل ربع نفقات الموازنة العامة. من جانبه، قال الدكتور صلاح جودة، الخبير والمستشار الاقتصادي لمفوضية العلاقات الأوروبية، إن رفع حد الإعفاء لا يتلائم مع قرار الحكومة السابق بتطبيق الحد الأدني للأجور بواقع 1200 جنيه شهريا، فلو افترضنا أن الإعفاء الضريبي بنحو 6500 جنيها سنويا، وإضافة مبلغ 7 آلاف جنيه إعفاء شخصى، فهذا يعني أن الدخل الشهري بحد أدنى لأي موظف يصل ل1125 جنيها في السنة. وأوضح "جودة" أنه كان ينبغي علي الحكومة رفع حد الإعفاء ليصل إلي 15 ألف جنيه سنويا، ليتطابق مع الحد الأدني للأجور، مشيرا إلي أن الإجراءات الأخيرة ليست قانونية ولا تحقق أية توازن اجتماعي، فكان لابد من إعفاء الفقراء بشكل كامل. وفى نفس السياق، قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إن تعديل القانون جاء من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية لأنه يحقق فرض الضريبة بشكل تصاعدي، لكن المثير للجدل أنه حدد سقف الضرائب 22.5 لمن يزيد دخله على 200 ألف جنيه، وهذا أمر غير موضوعي. وتابعت "الحماقي" أن هناك دخولا مرتفعة تزيد على 200 ألف جنيه، ولابد أن يكون سقف الضرائب بها حتي 35 % أو أكثر، مؤكدة أن العدالة تتطلب أن يكون معدل الضريبة المتحصلة من رجال الأعمال أعلى من أى فئات أخرى.