يجعل كلامنا خفيف عليكم، يا صايمين رمضان، لا بنحكي عن عنترة، ولا بن ذي يزن، ولا الهلايلة، ولا حتى بيبرس، ولا الأمير البهلوان.. كان يا «مكان»، من غير ربابة ولا طبلة ولا مزمار، نحفظ كافة الأشعار، بألف حكاية وحكاية، نلم شمل العطشانين، والسهرانين في نهار رمضان.. كان يا «مكان».. جامع الصالح طلائع، يُعد آخر الجوامع التي بنيت في العصر الفاطمي، ورغم أن الجامع فرغ من بنائه سنة 555ه، إلا أنه لم يصبح مسجدًا جامعًا إلا بعد بنائه بحوالي مائة سنة، حين أقيمت فيه أول صلاة للجمعة، أيام السلطان المملوكي عز الدين أيبك. أمر بإنشاء الجامع الوزير الصالح طلائع بن رزيك -وكان وزيرًا للخليفة الفاطمي الفائز، ثم للخليفة العاضد من بعده- ليدفن فيه رأس الإمام الحسين، ولكن الخليفة الفاطمي الفائز لم يمكنه من ذلك، إذ أشار عليه خواصه بأن رأس الأمام الشهيد جد الفاطميين يجب أن تكون في القصر، فأعّد له الفائز مشهدًا خاصًا داخل باب الديلم، أحد أبواب القصر الفاطمي، وهو المشهد القائم حاليًا. جامع الصالح طلائع هو آخر الجوامع التي بنيت في العصر الفاطمي، قبل سقوط الدولة الفاطمية بإحدى عشرة سنة، وهذا الجامع كائن حاليًا في ميدان بوابة المتولى، في باب زويلة بقسم الدرب الأحمر. يُعرف أيضًا بأنه "المسجد المعلق"، حيث يقع أعلى من مستوى الشارع، ويضم نقوشًا قرآنية بالخط الكوفي الجميل على الجدران والأعمدة، وأسفل المسجد توجد متاجر تدفع المتطلبات المالية للمسجد، ولقد تم تزيين جدار القبلة بنوافذ زجاجية مزخرفة جميلة وتوجد بعيدًا عن المتاجر. ويعد جامع الصالح طلائع من المساجد الكبيرة حيث تبلغ مساحته 1522م2، وهو من الجوامع المعلقة، فكانت أرضيته عند بنائه ترتفع عن مستوى الشارع بنحو أربعة أمتار، وله أربع وجهات مبينة بالحجر أسفل ثلاث منها حوانيت. والوجهة الغربية أهم وجهات الجامع وبها الباب العمومي، أمامه رواق محمول على أربعة أعمدة من الرخام تحمل عقوداً مزخرفة عليها أفاريز من كتابات قرآنية بالخط الكوفي المزهر، وكان مركباً على المدخل العمومي للجامع باب كبير من الخشب بمصراعين سطحهما مغشى بطبقة من النحاس بزخارف هندسية، وظهر الباب تغطية زخارف نباتية محفورة فاطمية الطراز، وتغشيه وجه الباب بالنحاس ترجع إلى أعمال التجديد التي أجريت على الجامع في العصر المملوكي، نقلت لجنة حفظ الآثار العربية الباب إلى متحف الفن الإسلامي وهو معروض به حالياً. وجامع الصالح طلائع غني بزخارفه المتنوعة التي ملأت مسطحات الجامع الداخلية والخارجية وتمتاز بنضوج ودقة عناصرها الهندسية، والكتابات القرآنية الكوفية المزهرة التي تدور حول عقود رواق القبلة ونوافذ الجامع، عن حياة الصالح طلائع. الجامع مستطيل يتوسطه صحن مكشوف مساحته 454.54م2، به صهريج أرضي كان يُملأ وقت الفيضان من الخليج. يحيط بالصحن أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، الذي يتكون من ثلاث بائكات، والأروقة الثلاثة الأخرى يتكون كل منها من بائكة واحدة فقط، والأروقة ذات عقود محمولة على أعمدة من الرخام، ويعلو كل عقد شباك صغير مفرغ بزخارف نباتية، وللجامع ثلاثة مداخل محوريّة. المحراب تسوده البساطة مكتنفة عمودان من الرخام الأحمر والمنبر الكائن على يمين المحراب من أعمال بكتمر الجركندار، في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي، وكانت المئذنة تعلو الباب الغربي الرئيسي، وقد هُدمت في وقت غير معلوم، وبنى مكانها مئذنة حديثة أزيلت سنة 1926 لحدوث خلل في مبانيها، والجامع حاليا بدون مئذنة. وقد جدد الجامع سنة 699ه الأمير بكتمر الجوكندار خلال السلطنة الثانية للناصر محمد بن قلاوون، وكان من ضمن أعماله المحراب والمنبر، وفي سنة 702 ه، أصاب مصر زلزال تسبب في تصدع الجامع، فقام بإصلاحه الأمير بكتمر الجوكندار، كما جدده في سنة 844ه عبد الوهاب العيني أحد تجار القاهرة، وكذلك الأمير يشبك من مهدى داوادار الملك الأشرف قايتباى سنة 882ه.