واحد من أبرز الفنانين الفلسطينيين، أنتج أعمال فنية بأسلوب واقعي رمزي، بأشكال وخطوط قوية واضحة، وبألوان داكنة، تصور أوجه الحياة المختلفة في البيئة الفلسطينية، وبالتحديد القرية وحياة الفلاحين الآمنة قبل أحداث النكبة، التي قلبت موازين الحياة، لوحاته تعتبر أيقونات وطنية وهي مزيج بين التراث والسياسة، ومنها: جمل المحامل، وامرأة تحتضن القدس، وآلام تحتضن شجرة الزيتون، وأطفال القدس، وقطف البرتقال، وإحياء الرموز القديمة. الفلسطيني سليمان منصور، فنان تشكيلي ونحات فلسطيني، من مواليد بيرزيت، رام الله عام 1947، استخدم خامات من البيئة الفلسطينية في أعماله مثل طين على خشب وفخّار أثري وحِنّاء وشيد على خشب وطين وحنّاء وألوان مائية وخيش، كما أنه صاحب اللوحة المشهورة "جمل المحامل"، التي رسمها في منتصف السبعينات من القرن الفائت، والتي تمثل عجوزًا فلسطينيًا يحمل القدس وصخرة الأقصى على ظهره مربوطة بحبل الشقاء. منصور صور بخامة الطين المتشقق العديد من القرى الفلسطينية، التي محيت عن بكرة أبيها، بفعل الاحتلال، وكأنه يعيد لهذه القرى كرامتها بإعادة تشكيلها بخامتها الأساسية التي بنا بها الأجداد، ما يشعرنا بقداستها وهي المسكونة بأرواح وذكريات الماضي. درس الفنون التشكيلية في أكاديمية بتساليل للفنون في القدس، ساهم منذ السبعينيات في إنشاء رموز تصويرية للنضال الفلسطيني من خلال لوحاته على الورق، القواسم المشتركة في مجموعة أعمال منصور هي شجرة البرتقال (التي تعتبر رمزاً لنكبة 1948)، وشجرة الزيتون (التي تمثل حرب 1967)، ونقوش التطريز الفلسطيني التقليدي، الحياة اليومية في القرى، وشخصية المرأة الفلسطينية باعتبارها الأم فلسطين التي تولد وتحمي الشعب الفلسطيني. "جمل المحامل" تمثل هذه الصورة عتالاً يرزخ تحت ثقل حمله الذي يتخذ شكل عين كبيرة تضم مدينة القدس، والتي يمكن التعرف عليها من خلال قبة الصخراء. بتشخيصه فلسطين من خلال صورة رجل عجوز، مرهق ومعزول، جسّد منصور مفهوم الصمود واستمرارية النضال الشاق رغم المعاناة، قبل انتشارها على الصعيد العالمي، لاقت هذه اللوحة ترحيباً محلياً حيث طبعت على شكل ملصقات سنة 1975 وعلّقت في المنازل والأماكن العامة في كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة. في 1987، أسس منصور مع زملائه الفنانين فيرا تماري وتيسير بركات ونبيل عناني، مجموعة "نحو التجريب والإبداع" وهي مبادرة أطلقت رداً على أحداث الانتفاضة الأولى (1987 1993)، وبينما كان هؤلاء الفنانون يدعمون النهج الثوري في جماليات الفن الفلسطيني، ساهموا كذلك في الانتفاضة بمقاطعتهم الأدوات والمواد الفنية المستوردة من إسرائيل، باختيارهم العمل، بدل ذلك، باستخدام مواد طبيعية مثل القهوة والحنة والطين، ربطوا سيرورة صناعة الفن بالأرض والنضال معا، وثّقت مجموعة أعمالهم مرحلة هامة من تاريخ الفن الفلسطيني. ومع أن هؤلاء الفنانين كانوا يتبنون أهدافاً قومية مشابهة لغيرهم من فناني الأسلوب الواقعي الاجتماعي، يكمن تميّزهم في التركيبات الفنية التجريدية، لم يعد الفن مجرد تعبير للسياسة، بل أصبح الإنتاج الفني بحد ذاته فعلاً سياسيا. منذ تلك الفترة، اشتهر سليمان منصور من خلال مجموعة فريدة من الأعمال التي استخدم فيها الطين كمادة فنية. عبر صب طبقات من الطين وتشكيل تركيبات تصويرية داخل إطار خشبي، بسط منصور مادة الأرض الفعلية لرسم فلسطين وتاريخها وشعبها، ومع إنجازه لتلك الأعمال بأحجام متنوعة -بعضها بالحجم الطبيعي- خلق الفنان ما وصفه بعض النقاد ب "رموز الاضمحلال"، حيث أن الشقوق والتشوهات التي تظهر في سيرورة التجفيف توحي بمرور الوقت وزوال ما هو مادي. في سلسة من أهم أعماله التي بدأها في 1996 بعنوان "أنا إسماعيل"، شكل الفنان بالطين حفراً بارزاً للشخصية التواراتية داخل ما يشابه شاهد الضريح، بإحيائه ذكرى هجرة إسماعيل وعلاقته بالأرض، يشير منصور من خلال العنوان إلى ارتباط سيرته الذاتية بقصة إسماعيل. توثق هذه السلسلة كذلك التزام الفنان المستمر في جملة من الاهتمامات الجمالية المرتبطة بشكل وثيق بتصوير النضال الفلسطيني في كافة صعوباته وتطلعاته. ساهم سليمان منصور على نطاق واسع بتطوير بنية تحتية للفنون الجميلة في الضفة الغربية، كما ترأس رابطة الفنانين الفلسطينيين من عام 1986 إلى 1990، وفي 1994، شارك في تأسيس مركز الواسطي للفنون في القدسالشرقية كما تولى إدارته خلال عامي 1995 و1996، أسهم كذلك في تأسيس الأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين التي أنشئت عام 2004 في رام الله، وهو عضو في مجلس إدارتها. درّس الفن في العديد من الهيئات الثقافية والجامعات في كافة أنحاء الضفة الغربية بما فيها جامعة القدس. منصور هو أيضاً رسام كاريكاتير محترف وقد نشر رسومه من 1981 حتى 1993 في الفجر الأسبوعية، وهي جريدة أسبوعية باللغة الإنكليزية كانت تصدر في القدس سابقا. شارك كذلك في تأليف كتاب "جانبا السلام: الملصق السياسي في الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني". عرض منصور أعماله في معارض جماعية وفردية في عدة أنحاء من العالم العربي والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، شارك على الأخص في معرض "ربيع فلسطين" في فرنسا سنة 1997 الذي أقيم في معهد العالم العربي في باريس، ونال في العام 1998 "جائزة النيل الكبرى" خلال بينالي القاهرة، تقديراً لعمله "أنا إسماعيل"، كما حصل على جائزة فلسطين للفنون البصرية.