احترام السيادة الليبية وتحقيق المصالحة.. ننشر بيان لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا    أمين الجامعة العربية يتوجه إلى تركيا للمشاركة بمجلس وزراء منظمة التعاون الإسلامي    اليوم العالمي للاجئين.. الهلال الأحمر المصري يستعرض جهوده في دعم 62 جنسية    فيرتز: فخور بالانضمام لليفربول.. وهذه أهدافي معه    قنا.. أزمة نفسية تدفع صيدليا شابا للانتحار شنقا داخل مسكنه في نجع حمادي    ماس كهربائي وراء حريق مخزن خردة في البدرشين    العوضي: فهد البطل ينافس ضمن قائمة الأعلى مشاهدة على مستوى العالم    قانون الإيجار القديم.. الإقرار بإجلاء العين المأجرة شرط الشقة البديلة    النائب عماد خليل يكتب: موازنة الدولة الأكبر للحماية الاجتماعية    محافظ كفر الشيخ يوجّه بإصلاح كسر خط المياه المغذي ل معدية رشيد والجنايدة    وفاة رئيسًا للجنة امتحانات ثانوية عامة متأثرًا بإصابته في حادث بأسيوط    محافظة الإسماعيلية تنظم ندوة توعوية حول التأمين الصحي الشامل    الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة: اعتداءات "الاحتلال الصهيوني" على إيران تمثل انتهاكا فاضحًا    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    بعد صفقة جارسيا.. برشلونة يعيد هيكلة مركز حراسة المرمى    مانشستر يونايتد يهدد مستقبل أونانا بصفقة أرجنتينية    سارة وفيق بين أجواء حزينة ونشاط سينمائي.. نجوم الفن يواسون المخرجة في عزاء والدتها    العد التنازلي بدأ.. جدول امتحانات الثانوية السودانية 2025    رئيس وزراء صربيا يشيد بمكانة دير سانت كاترين التاريخية والدينية    الرئاسة الإيرانية: الولايات المتحدة تستطيع إنهاء الحرب مع إسرائيل بمكالمة من ترامب    نقابة محامي المنيا تستطلع رأي الجمعية العمومية بشأن الإضراب العام والاعتصام بالمحاكم    56 عامًا على رحيله.. ذكرى وفاة الصوت الباكي الشيخ محمد صديق المنشاوي    الطريق إلى اللجان.. وفاة رئيس لجنة وإصابة 19 مراقبًا في حوادث الأسبوع الأول للثانوية    كسر مفاجئ يقطع المياه عن معدية رشيد والجنايدة.. ومحافظ كفرالشيخ يوجّه بإصلاحه واستئناف الضخ التدريجي    مصرع شاب سقطت على رأسه ماسورة ري بالوادي الجديد    نتنياهو: إيران تمتلك 28 ألف صاروخ وتحاول تطوير قنابل نووية    تركي آل الشيخ ينشر صورًا من زيارة مروان حامد لاستديوهات "الحصن"    تشكيل مباراة بنفيكا ضد أوكلاند في كأس العالم للاندية    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    فوت ميركاتو: اتحاد جدة يبدي رغبته في التعاقد مع بوجبا    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    مانشستر يونايتد يراقب نجم بايرن ميونيخ    بروتوكول بين «الثقافة» و الجيزة لإقامة تمثال ل«مجدي يعقوب» بميدان الكيت كات    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    ضمن الموجة 26.. إزالة 95 حالة تعدٍّ على أملاك الدولة في حملات ب أسوان    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    جولة تفقدية لإدارة الطب العلاجي بالمنوفية داخل مجمع مستشفيات أشمون    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    إيران تلقى القبض على 35 جاسوسا لإسرائيل فى همدان ومسجد سليمان    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإفتاء تجيب.. هل الشبكة من حق المخطوبة إذا عدل الخاطب عن الزواج؟    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    بدءا من أول يوليو| تعديل رسوم استخراج جواز السفر المصري "اعرف السعر الجديد"    رئيس جامعة القاهرة يستقبل بعثة الاتحاد المصري لألعاب القوى    أتلتيكو مدريد يفوز على سياتل ساوندرز في كأس العالم للأندية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل بدأ تطبيع رسمي بين السعودية وإسرائيل؟
نشر في البديل يوم 09 - 06 - 2015

لم يعد أمر العلاقات السعودية-الإسرائيلية سراً، بل تجاوزت في الشهور الأخيرة مرحلة الإعلان عنها التي بدأت أوائل عام 2012 إلى محاولة إيجاد شرعية وقبول شعبي لمثل هذا النوع من العلاقات بين أحد أكبر الدول العربية والإسلامية والكيان الصهيوني، حتى أن وتيرة الأنباء عن تطور العلاقة بين تل أبيب والرياض بلغت سرعة غير مسبوقة، سواء من ناحية اللقاءات بين مسئولين من الجانبين أو سيل التصريحات على لسان سياسيين ومحللين وكُتاب لهم وزنهم في كل من الدولتين تتبنى نفس المواقف السياسية وتحبذ المزيد من التنسيق والعمل المشترك تجاه التحديات السياسية الإقليمية التي تواجه السعودية وإسرائيل بناء على وحدة الموقف تجاه إيران وبرنامجها النووي، كذا سياستها الداعمة للمقاومة وما يشمل ذلك تطورات الأزمة السورية ودعم كل من الدولتين للفصائل المسلحة بما فيها تنظيم القاعدة، وصولاً إلى إيجاد تصفية نهائية للقضية الفلسطينية لتثبت الرياض-التي تزعمت وقدمت المبادرة الشهيرة 2002- أنها مع الكيان الصهيوني يمثلوا الداعمتين الرئيسيتين للسياسيات الأميركية في المنطقة والقائمين على رعايتها وحمايتها، وهو الأساس الذي رسم ملامح العلاقة بين واشنطن بحليفتيها في المنطقة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وإن لم يمنع ذلك بعض الخلافات الثانوية طيلة هذه العقود، فكان أخرها انتقاد الرياض وتل أبيب لسلوك إدارة أوباما تجاه الملف النووي الإيراني، انتقاد وصل إلى حد التلميح ومنذ 2012 باللجوء إلى عمل عسكري مشترك ضد طهران، وهو ما يعني أن حافزاً هاماً -ولو بشكل مؤقت- أضيف إلى قائمة دواعي وحوافز التوافق والتقارب بين الدولتين.
العلاقات الإسرائيلية-السعودية لها خصائصها المميزة عن العلاقات بين إسرائيل ودول عربية أخرى سواء من بين الكيان من جهة وبين الأردن و مصر من جهة أخرى حيث معاهدات السلام المبرمة بينهم والتي لم تنعكس بالضرورة على شعوب البلدين، أو حتى بالدول التي تقيم حكوماتها علاقات غير رسمية بتل أبيب ويغلب عليها التطبيع التجاري والاقتصادي أكثر مثل قطر والمغرب، فالمملكة التي دائماً ما فاخرت حتى عِقد التسعينيات بكونها الدولة العربية الوحيدة التي لم تقم أي علاقة بالكيان الصهيوني سرعان ما بدأت في استدارة بطيئة نحو علاقات جيدة مع تل أبيب منذ بداية الألفية الجديدة، وتأرجحت هذه الاستدارة طبقاً لمدى عنت وصلف حكومات الكيان المتوالية من حيث القبول بحل الدولتين أو رفضه، لكن الملاحظ أن هذا التأرجح أنتهى قبل حوالي 7 سنوات على أثر تعاظم دور إيران الإقليمي متمثلاً في دعم المقاومة اللبنانية وانتصارها في حرب 2006 على إسرائيل، فشهد عام 2008 سيل غير مسبوق من التصريحات الإيجابية لمسئولين سعوديين تجاه تل أبيب، على رأس هؤلاء المسئولين، الأمير تركي الفيصل، الذي يعد عراب التقارب السعودي-الإسرائيلي، حيث ضمن ما دعى إليه في هذا التاريخ إدماج إسرائيل جغرافياً مع دول المنطقة، وغيرها من التصريحات والدعوات التي جوهرها انتهاء عداء السعودية مع الكيان.
وأستمر ذلك الأمر الذي أتخذ منحنى صاعد طيلة العاميين التاليين، حيث شهد 2010 لقاء الفيصل مع داني إيالون على هامش مؤتمر للأمن في مدينة ميونخ الألمانية، وتميزت هذه المرحلة بإيفاء شئون الأمن ومكافحة الإرهاب أولوية تجمع بين الدولتين وستار لتنمية علاقات علنية ما بينهما، ولكن سرعان ما تغير الخطاب منذ 2011 وبات رسمياً الجامع الأهم بين السعودية وإسرائيل هو كيفية مواجهة الخطر الإيراني، وتميزت هذه المرحلة بوتيرة سريعة تصاعدية في مسألة التقارب بين الدولتين، وما تبع ذلك من خطاب متداخل بين السياسي والطائفي في الإعلام السعودي هدفه بالحد الأدنى إبراز مسألة أن إيران أخطر على السعودية من إسرائيل. ذلك بالإضافة إلى بدء السعودية في تزعم دول الخليج بشأن التقارب والعلاقات مع تل أبيب، حيث كان الوسيط الخليجي فيما سبق قطر، وتخلت للسعودية عن هذا الدور نتيجة لعوامل أبرزها الخلافات السعودية/الخليجية-القطرية، بعبارة أخرى أرادت السعودية أن تحدد سقف ومدى عمق علاقات الدول الخليجية بإسرائيل وتحديد بوصلة دواعي هذا التقارب، وهو ما أنعكس في الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي الذي أصبح يتحدث بصيغة تربط التقارب والتطبيع مع السعودية بدول الخليج بالكامل منذ بداية العام الماضي ويتم التوصية بفتح مجالات استراتيجية مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية.
كذلك لم يمضى عام 2013 دون أن تتبلور الرؤية السعودية تجاه التقارب مع إسرائيل وتخرج إلى العلن على لسان الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، الذي صرح في حوار له مع شبكة "بلومبرج" الأميركية بنقاط التلاقي الضروري من وجهة نظره بين بلاده وبين إسرائيل.
اللافت أنه منذ العام الماضي شهدت العلاقة بين الدولتين انطلاقة غير مسبوقة في التواصل، فمن لقاءات مفتوحة شملت مناظرة بين عاموس يادلين وتركي الفيصل حول ما تمثله إيران من خطورة للدولتين إلى مشاركة من الأخير في مؤتمر عُقد في تل أبيب وجه فيه خطاباً يشرح ضرورة إنهاء العداء بين إسرائيل والدول العربية والانتباه والعمل سوياً لمواجهة مخاطر الإرهاب وإيران! وهو الأمر الذي عكس مدى تعجل الرياض لقبول داخلي وعربي لمسألة تطبيع العلاقات مع تل أبيب، حيث زخرت هذه الفترة بكم هائل من التوصيات والمقالات والدراسات واستطلاعات الرأي التي تمهد لحدوث تطبيع رسمي بين الدولتين، وأخر هذه الاستطلاعات ربط ما بينهم في مسألة أن طهران تمثل العدو رقم 1 لهما، وكذلك أن كل من الرياض وتل أبيب تزداد دواعي التقارب بينهم أكثر فأكثر، بتدخل عامل جديد وهو توافقهم حول ضرورة الضغط عسكرياً على المقاومة في غزة لفك ارتباطها بمحور المقاومة، وهو ما حدا بالصحفي والمحلل البريطاني المخضرم ديفيد هيرست اعتبار أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة جاء بضوء أخضر سعودي.
أيضاً تشهد هذه الفترة ليس فقط التأكيد على ضرورة علانية العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ولكن أيضاً على عمقها التاريخي، الممتد بحسب وثائق سرية افرج عنها مؤخراً بمقتضى قانون الوثائق الإسرائيلي إلى الستينيات، حيث تعاونت الدولتين ضد مصر عبد الناصر والثورة اليمينية بدعم الملكيين بالمال السعودي والطائرات الإسرائيلية التي نقلت أسلحة ومرتزقة إلى اليمن، وهو الأمر الذي جعل بعض الخبراء يرجحوا أن هذا التلاقي القديم قد تكرر هذه الأيام التي تشهد عدوان سعودي على اليمن، تلاقي ليس سياسياً فقط حيث أيد هذا العدوان ونُظر له بإيجابية من جانب تل أبيب، ولكن تلاقي عسكري رُجح خلاله أن تكون الرياض استخدمت أسلحة إسرائيلية في قصف اليمن.
وبالنسبة للخطوة الأخيرة المنتظرة في سياق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهو اللقاءات الرسمية بين مسئولين في الدولتين، أتى اللقاء العلني بين مسئولين أمنيين قبل أربعة أيام في العاصمة الأميركية واشنطن في مؤتمر للمجلس الأميركي للعلاقات الخارجية، ونقلت شبكة "بلومبرج" الأميركية أن اللقاء الذي جمع اللواء في الاستخبارات السعودية، أنور ماجد عشقي، ودوري جولد، المسئول السابق في الموساد والذي يشغل حالياً منصب مستشار أمني ضمن طاقم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أتى كتتويج لخمسة لقاءات سابقة "سرية" عقدت في عواصم إيطاليا والتشيك والهند، شملت تبادل معلومات استخباراتية تتعلق بإيران وبرنامجها النووي خاصة مع قرب موعد توقيع الاتفاق النهائي بين إيران ودول 6+1، وأشار الموقع إلى أن أحد المشاركين في هذه اللقاءات كان العقيد شمعون شابيرا المتخصص في شئون حزب الله.
كل ما سبق، وخاصة مع زيادة وسرعة وتيرة مفاعيل التقارب بين إسرائيل والسعودية، فأنه من غير المستبعد أن تتجاوز العلاقات بين الدولتين مرحلة التنسيق الأمني واللقاءات السرية والعلنية الرسمية وغير الرسمية إلى مرحلة التطبيع العلني بين حكومة الرياض وتل أبيب، حتى من دون شرط قبول الأخيرة بالمبادرة السعودية للسلام، التي من الواضح أن عدم تنفيذها لم يعد يشكل عقبة في تطوير العلاقات بينهم، وخاصة مع تهيؤ ظروف داخلية في كل من الدولتين يمهد لهذا في ظل ظرف إقليمي حتم على كل منهما الإسراع في السير تجاه الأخر ومد يد الشراكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.