تخالف الدستور تصبح وزيرًا، تسرق الوطن فتمنح صك التحكم بمقدراته وثرواته، تدافع عن الحرية فيكون نصيبك زنزانة، هذا هو ملخص الحكاية في مصر بعد أن باتت ثورة 25 يناير مجرد برواز خال من صورة ميدان التحرير، استبدلت فيه الكعكة الحجرية بصورة مائية لنظام يدعي أنه معبر عن أهداف الثورة في خلفيته مبنى الحزب الوطني. تفاصيل الحكاية في مصر أشبة بالفوازير التي تكون إجابتها غير متوقعة، فمن توقع في مصر بعد إزاحة مبارك عن الحكم أن يظل نظامه السياسي، بل وتعود وجوه من هذا النظام لتصدر المشهد بعد أن كانت تخشي الظهور، ومن توقع أن يتحول معارضون للظلم وباحثون عن الحرية إلىعبيد في بلاط السلطان، في مصر عدد لا نهائي من الأسئلة التي تشبه الفوازير، نعرض منها هنا 5 أسئلة فقط: 1- كان عضوًا في المجلس الذي قاد البلاد بعد خلع مبارك، وسلم الإخوان الحكم باتفاق بدأ بتعديلات دستورية مشوهة، وانتهي بانتخابات رئاسية، وقبل بالتعيين بعد ذلك من الجماعة، ثم قيل أنه انحاز للشعب في ثورته على الإخوان، لكن الواقع أثبت أنه انحاز للنظام الذي ينتمي له "نظام مبارك". 2- عضو مجلس شورى معين من قِبَل مبارك، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني التي كان يترأسها جمال مبارك، لم يختف من المشهد السياسي، وقُدم باعتباره أحد أهم قامات الهندسة في مصر، ليتولىأكبر موقع تنفيذي في مصر بعد "30 يونيو" تحت شعار حكومة ستتبني تنفيذ أهداف ثورة 25 يناير. 3-من أشهر مقولاته: "احنا أسياد البلد" في وصفه لأعضاء المؤسسة التي ينتمي لها، ضاربًا بعرض الحائط دستور جرم التمييز بين المواطنين، حل محل مسؤول قدم استقالته بعد تصريح أكد فيه أن ابن عامل النظافة لن ينضم للسلك القضائي ليحل من أهان كل الشعب محل من أهان الفقراء. 4- لقبه كثيرون بقديس الثورة لدوره في حركة كفاية التي قادت حركة النضال ضد استمرار مبارك في الحكم أو توريث نجله جمال الحكم، خاض معركة شرسة بمقالاته ضد رأس النظام، ثم فوجئ الجميع بتغيير موقفه بعد أحداث 30 يونيو ليتحول من أحد قادة النضال من أجل تحقيق أهداف ثورة 25 يناير إلى مدافع شرس عن نظام ما بعد "30 يونيو" ليبرر أخطاءه ويشوه معارضيه. 5- رئيس تحرير إحدى الإصدارات الحكومية لعب دورًا مزدوجًا قبل ثورة 25 يناير، فهو ابن النظام السياسي الذي يحسب على المعارضة، لكنه في لحظات الحسم يكشف عن وجهه الحقيقي باعتباره ممثلًاللأجهزة الأمنية في الصحافة، ويظهر انتماءه الحقيقي فهو من أعلن تأييده لمرشح الدولة مكرم محمد أحمد ضد مرشح الاستقلال في انتخابات نقابة الصحفيين، ثم أصبح مدافعًا شرسًا عن الرئيس الجديد بعد 30 يونيو، وكانت مكافأته هي توليته رئاسة صحيفة قومية مهمة، وكان له السبق في أول حوار مع المشير عبد الفتاح السيسي في إطار التمهيد لترشحه للرئاسة،ويعتبره كثيرون رجل المؤسسة العسكرية الأول في الصحافة. هذه شخصيات من بين المئات التي تمثل أركان الحكم الحالي، سواء من يتولي منهم مواقع تنفيذية أو يلعب دور المدافع عن النظام السياسي الحالي؛اخترتهم كمجرد بداية لسلسلة مقالات بعنوان "فوازير مصر " لفضح كل من يشارك في تدمير هذا الوطن، سواء بالفعل أو بتبرير الأخطاء، على أن يبدأ كل مقال بأسماء حل الفوازير السابقة.