أدركت وزارة الزراعة متمثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية بعد أكثر من ثلاث سنوات، تسبب اللقاحات الحية المتحورة المستوردة في زيادة انتشار مرض التهاب الشعب الهوائية المعدي، الذي يصيب الدواجن، فأصدرت قرارًا بوقف استيراد تلك الأنواع من اللقاحات، ومنع تداولها بالأسواق المحلية، بعد توصية من لجنة «تسجيل وتداول لقاحات الدواجن» بوزارة الزراعة، حيث إنها لا تناسب الفيروسات المحلية، وفور استخدامها تصيب الدواجن بالمرض، مما تسبب في نفوق ما يزيد عن 80% من الطيور بالمزارع، وانهيار صناعة الدواجن البالغ حجمها 200 مليار جنيه. قال الدكتور محمد عواض، أستاذ أمراض الدواجن بكلية طب بيطري جامعة القاهرة: المشكلة تكمن في طبيعة فيروس الالتهاب الشعب الهوائي والدائم التحور؛ نتيجة حدوث طفرات وراثية سريعة جدًّا به، خاصة أنه يمكن إنتاجه عترات جديدة من الفيروس نتيجة اتحاد نوعين من فيروسات المتسببة في المرض، لافتًا إلى أن العترات الكلاسيكية من مرض التهاب الشعب الهوائية والمتواجدة في مصر، كان يتم السيطرة عليها باللقاحات الكلاسيكية والمتوافرة بأنواعها كافة. وأوضح عواض أنه منذ ثلاث سنوات تم اكتشاف عترات فردية متحورة، وكانت الدولة آنذاك تحظر دخول اللقاحات الحية المتحورة؛ لأن الأبحاث أثبتت أن هذه اللقاحات عند حقن الدواجن بها كانت تتحد مع الفيروس المحلي وتنتج أنواعًا جديدة من الفيروسات، لا تأتي اللقاحات الكلاسيكية معها بأي نتيجة، بل بالعكس تؤدي إلى نفوق الدواجن، إلَّا أنه مع الضغوط المستمرة من قِبَل بعض الجهات الخاصة، تم السماح بدخول اللقاحات الحية المتطورة بشكل رسمي والتي ساهمت في زيادة عدد النافق من 5% من الدواجن نتيجة الإصابة بالالتهاب الشعب الهوائي إلى 80% من الثروة الداجنة بمصر. وأشار أستاذ أمراض الدواجن إلى أن الدولة أصبحت مجبرة على السماح بدخول لقاحات جديدة كل سنة؛ لتتوافق مع العترات المستجدة، لافتًا إلى أن المشكلة ستفاقم على مدى السنوات القادمة، في حالة السماح مرة أخرى بدخول لقاحات حية جديدة؛ لأنه سيتسبب في ظهور فيروسات جديدة من المرض، في الوقت الذي لا توجد لاقاحات متوفرة لمواجهته، لذلك أصدرت الهيئة العامة للخدمات الببطرية قرارًا بحظر دخول تلك اللقاحات المتحورة الحية، بناءً على توصيات اللجنة الخاصة بتسجيل وتداول لقاحات الدواجن، وعلى الرغم من أن هذا القرار سيتسبب في خسائر، إلَّا أنه ستنخفض حدتها على مدى سنتين على الأكثر، ولن يماثل الخسائر الفادحة التي أصابت صناعة الدواجن بعد السماح بدخول تلك اللقاحات. فيما قال الدكتور مصطفى بسطامي، رئيس قسم أمراض الدواجن بكلية طب بيطري القاهرة: مرض التهاب الشعب الهوائية المعدي أحد الأمراض الخطيرة التي تصيب الجهاز التنفسي للدواجن، وينتج منها نفوق أعداد كبيرة في دواجن التسمين ونقص البيض وتشوهه في دواجن البيض، مشيرًا إلى أنه لا يوجد لقاح يصيب بمرض في المطلق دون عوامل مساعدة، لكي يتحور فيروس ما يحتاج إلى سنوات طويلة، مؤكدًا أنه لم يتم السماح بدخول لقاحات الحية إلَّا بعد ظهور بعض العترات المتحورة بالفعل عام 2012 وبناء على توصيات لجنة معنية بهذا الشأن أيضًا، ثم عادت لجنة تسجيل اللقاحات بإصدار توصيات بمنع دخول تلك اللقاحات مرة أخرى. وأكد بسطامي أن السبب في ظهور العترات المتحورة، دخول كميات من اللقاحات المهربة وغير المسجلة، التي دخلت البلاد بشكل غير قانوني من بعض دول الجوار وبكميات كبيرة، بجانب أن هناك عوامل داخلية ساهمت في انتشار تلك العترات، منها أنه مازالت هناك نسبة كبيرة من العنابر بدائية وغير صالحة للتربية، خاصة خلال فصل الشتاء، الذي تتفاقم فيه أزمة الغاز، لذلك يستغنى المربي عن التهوية ويضطر إلى إغلاق العنابر للوصول إلى درجات حرارة تناسب التربية، مما يوفر بيئة مناسبة لنمو الفيروسات، لافتًا إلى عدم وجود خطة تحصين واضحة ويتم وضعها بعد إجراء دراسات كافية من قِبَل المختصين في هذا المجال وتكون ملزمة، ولكن لأن الأمور تدار وفق الاجتهادات الشخصية انتشرت الأمراض بشكل عام.