في ظل انسحاب الدولة من القيام بدورها في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، يعاني أهالي محافظة الغربية من استمرار تلوث مياه الشرب؛ مما يجعلهم يعيشون حياة سيئة، ويعرضهم للكثير من الأمراض. وذكر الأهالى أنهم في تلك المعاناة منذ سنين، تخللها الكثير من الوعود الكاذبة التي لم تصل بهم إلى أي نتيجة، فما زالت الأوضاع كما هي، وأكد الأهالي أن مياه الشرب لا تصلح حتى لسقاية الحيوانات. وقال إبراهيم بدر، مهندس بمديرية الزراعة بطنطا، إن تلوث مياه الشرب بالمحافظة قضية ما زالت مستمرة، ورغم معاناة الأهالى، إلا أن مسئولى المحافظة لم يحرك أحد منهم ساكنًا، وكأن صحة المواطنين لا قيمة لها، مشددًا على أن هذا ليس كلامًا للإثارة، ولكن نتائج التحاليل المعملية تؤكد أن مياه الشرب بالمحافظة ملوثة ومحملة بمواد مشعة، منها اليورانيوم، وذلك ببساطة لأن معظم الشركات والمصانع تلقي بصرفها الصناعي دون معالجة في نهر النيل مباشرة، ولأن جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تنفق عليها الدولة مليارات الجنيهات سنويًّا لا تعمل، بدليل أن المياه الخارجة منها هي الأخرى محملة بمواد مشعة ومسممة. وأشار أشرف جاد الله، محاسب، إلى أن 90% من الشركات الموجودة فى مدينتى المحلة وكفر الزيات تلقى بصرفها الصناعى دون معالجة فى النهر مباشرة، فى مخالفة صريحة للقانون، خصوصًا الشركة المالية والصناعية بكفر الزيات وشركة الملح والصودا وشركة "فيرتا" لتصنيع الأوراق. وفى قرية "صناديد" مركز طنطا أكد عبد الغنى سعيد أن مياه الشرب بالقرية ملوثة، وذلك بشهادة تحاليل المعامل المختلفة، وأن المزارعين يقومون برى أراضيهم بمياه المصرف المخلوطة بمياه المجارى؛ مما أدى إلى انتشار الأمراض السرطانية والفشل الكلوى بالقرية. وذكر الأهالي أن مياه الشرب لا تصلح حتى لسقاية بهائمهم، علاوة على غسل مواعينهم في الترعة الموجودة في القرية، وهي نفسها التي يصرفون فيها مخلفاتهم؛ مما أدى إلى تفشي الكثير من الأمراض، كالفشل الكلوي والسرطان بشكل مرعب في القرية، وتسبب في وفاة الكثير منهم. وأكد ياسر المسيري، أحد مواطنى قرية "مشلة" التابعة بكفر الزيات، ووالد إحدى الحالات المصابة باللوكيميا، أن الأهالي يعيشون بدون مياه شرب نظيفة ولا صرف صحي؛ مما أدى إلى إصابة العشرات منهم بمرض البلهاريسيا والفشل الكلوى والسرطان الذى ينهش أجساد الأطفال والكبار؛ بسبب تلوث المياه، وأضاف "طالبنا مرارًا وتكرارًا بوحدة صحية تقدم العلاج لأبناء القرية الذين يبلغ عددهم 20 ألف مواطن، ولكن دون جدوى". وتابع المسيرى أنه اكتشف أن نجله ليس الحالة الوحيدة المصابة فى القرية، حيث تبين له أن هناك أكثر من 25 حالة تعالج، وهناك 3 حالات توفيت بسبب المرض، مما أدى إلى قيامه بتحرير محضر ضد وكيل وزارة الصحة بالغربية الدكتور محمد شرشر وشركة مياه الشرب والصرف الصحى، يحمل رقم 53 أحوال مركز كفر الزيات، يتهم فيه الصحة وشركة مياه الشرب أنها السبب فى إصابة نجله وعدد كبير من أهالى القرية بمرض السرطان. وطالب المسيرى بتشكيل لجنة من كلية العلوم والطب ومعهد الأورام؛ لتحليل المياه ومعرفة أسباب انتشار المرض فى القرية. وقال الدكتور عبد العليم محمد، أستاذ الكيمياء بجامعة طنطا، إن مشكلة المياه فى الغربية تكمن فى المحطات الصغيرة التى يكون مصدرها المياه الجوفية، وقد تصل هذه المواد إلى حد الخطورة، بما يؤثر على صحة المواطن. فما زال غالبية المواطنين فى المدن والقرى يعانون من عدم وجود صرف صحى، وبالتالى ليس أمامهم إلا عمل ما يسمى ب "الطرنشات". وهذه الوسيلة من الصرف أدت إلى تلوث المياه الجوفية بشكل دائم؛ وطالب محمد الحكومة بتطبيق قانون البيئة، خاصة فى مجال محطات معالجة المياه والصرف الصحى والصناعى والزراعى؛ حتى يتم الوصول إلى بر الأمان لحل تلك المشكلة. من جانبه أكد المهندس فؤاد المسلمانى، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى، أن الشركة تقوم بحصر لمحطات المياه الأهلية على مستوى المحافظة؛ لإجراء تحاليل للمياه الصادرة عنها؛ لبيان مدى صلاحيتها للشرب من عدمه، وإبلاغ نتيجة التحاليل للجهاز التنظيمى لمياه الشرب والصرف الصحى ومحافظة الغربية؛ لاتخاذ اللازم حيال غلق المحطات المخالفة وغير المطابقة للشروط، وأكد أنه سيتم تشكيل لجنة طارئة وفريق عمل بالتعاون مع وزارة الصحة؛ لحصر ورصد المنشآت الصناعية؛ لمعرفة أوضاعها البيئية ومدى وجود وحدات معالجة من عدمها.