تعانى قرى محافظة الغربية من تلوث حاد فى مياه الشرب حيث أكد الأهالى أنها غير صالحة للاستخدام الآدمى، كما أن ريحها يشبه مياه الصرف الصحى الأمر الذى جعل مواطنى تلك القرى يهجرون تلك المياه خوفا من انتشار الأمراض بأجسامهم واللجوء إلى محطات تنقية المياه التى أقامتها الجمعيات الشرعية بمساجد القرى. وقد أصاب قرية مشلة التابعة لدائرة مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية مأساة حقيقة عقب إصابة العشرات من أهالى القرية بالسرطان والفشل الكلوى والكبدى من جراء تلوث المياه حيث سجلت تلك القرية خلال الشهرين الماضيين 5 حالات إصابة بمرض السرطان توفى منهم حالتان فى 10 أيام وعلى مدار 3 سنوات سجلت 28 حالة من بينهم 7 أطفال. أكد ياسر المسيري أحد مواطنى القرية ووالد إحدى الحالات المصابة باللوكيميا أن الأهالي يعيشون دون مياه شرب نظيفة ولا صرف صحي مما أدى إلى إصابة العشرات من أهالي القرية بمرض البلهارسيا والفشل الكلوى والسرطان الذى ينهش أجساد الأطفال والكبار بسبب تلوث المياه، وطالبنا مرارا وتكرارا بوحدة صحية تقدم العلاج لأبناء القرية، الذى يبلغ عددهم 20 ألف مواطن ولكن دون جدوى". وقال الطفل محمد السيد البالغ من العمر 12 سنة والمصاب بالسرطان وتم استئصال عينه اليسرى أنه لم يسلم جسده من هذا المرض اللعين الذي تسبب له في عدة أعراض أخطرها استئصال عينه اليسرى وهو ما جعله يعيش حالة من اليأس الشديد خاصة. ومن كفر الزيات إلى المحلة أكد خيرى الحوشى من أهالى قرية محلة أبو على أن أزمة تلوث مياه الشرب بالقرية ما زالت قائمة ورائحتها كريهة حيث تغير لونها إلى اللون الأصفر ثم الاسمر، مضيفا أن المسئولين بمجلس المدينة يدعون أن مياه الشرب نظيفة وطالب بضرورة التحرك الفوري والسريع لحل مشكلة مياه الشرب في القرية مشيرا إلى أنهم يعتمدون على المياه المعدنية ومياه محطات التنقية بالمساجد في الشرب وطهي الطعام رغم دفعهم فواتير المياه باستمرار إلا أنهم لا يجدون خدمة ولا مياه نظيفة. وفى قرية شرشابة مركز زفتى، قال فؤاد عاشور يعانى أهالى القرية من مشاكل عديدة تتعلق بمياه الشرب حيث تبدأ بمعاناتهم من خزان المياه الخاص بالقرية حيث إنه يعتمد على المياه الجوفية ولا يضاف إليها أي مواد للتطهير ولا تمر المياه بأي مراحل تنقية كما أن هذا الخزان في حالة تلوث دائمة و هو بيئة خصبة للحشرات و القاذورات، على حد تعبير الاهالى. وأضاف تنتقل المعاناة إلى معاناة أخرى بمرور هذه المياه بمواسير مصنوعة من مادة الاسبستوس المحرم استخدامها دوليا و تم منع استخدامها في مصر طبقا لقرار وزير التجارة و الصناعة رقم 336 لسنة 2004 حيث إنها تتسبب في بعض أنواع السرطان كما تتسبب في بعض الامراض الخطيره مثل تليف الرئتين وأشار الأهالى أن شبكة المياه بالقريه كاملة من نفس هذه المواسير غير أن القرية ليس بها أي ماكينات لضخ المياه مما يتسبب في ضعف المياه وانعدامها أحيانا. كما شهدت قرية نمرة البصل التابعة لمركز المحلة الكبرى تظاهر المئات من أبناء القرية أمام ديوان عام محافظة الغربية احتجاجا على انعدام وافتقار القرية للخدمات الأساسية المتمثلة فى مياه الشرب والصرف الصحي ورغيف الخبز وأنابيب الغاز. يقول عبدالفتاح السعيد "موظف"من أبناء القرية إنهم يعيشون فى جحيم نتيجة تجاهل المسئولين بالدولة لقريتهم وغياب الخدمات والمرافق الأساسية عنها مما دفعهم للتظاهر احتجاجا على ذلك وعدم توفير الخدمات الأساسية للقرية لافتا أن شكواهم واستغاثاتهم بالجهات المعنية جاءت دون جدوى، مطالبا بإنقاذهم وتوفير مياه شرب صالحة للاستهلاك الآدمى وتوصيل وتشغيل الصرف الصحي. أما أحمد أسماعيل بركة من أهالى قرية كفر يعقوب، فقال إن معظم عدادات المياه فى منازل كفر الزيات تتعرض دائما للتعطل بسبب زيادة الرواسب فيها، مما يؤكد وجود نسبة تلوث عالية فى مياه الشرب التى يتم رفعها من النيل التى تلقى فيه المصانع والشركات مخلفاتها. وقال شوقى الصعيدى نحن من سكان قرية كفر الشيخ مفتاح مركز السنطة تقدمنا بشكاوى رسمية لمجلس المدينة وللمحافظة وقاموا بعمل تحاليل على محطات المياه من المنبع. وأضاف"جاءت التحاليل أنها جيدة وصالحة للشرب وهذه حقيقة حيث إن المياه تخرج من المحطات نقية ونظيفة بعد وضع نسب عالية من الكلور وبمجرد مرورها فى المواسير تحمل من الشوائب والحشرات ما شاءت حيث إن شبكات المياه بالكامل من المواسير الحديد التى تعرضت للصدأ والتآكل، كما أن معظمها يتداخل مع مواسير مياه الصرف وتختلط المياه ببعضها وهذا واضح بمجرد فتح الحنفية نشم رائحة كريهة وتظل موجودة لفترة حتى لو وضعناها فى الثلاجة". ولم تسلم مدينة طنطا عاصمة المحافظة من تلوث مياه الشرب، حيث قال مصطفى السرجانى- من سكان مساكن الجلاء التابعة لحى ثان طنطا- إن مياه الشرب غير صالحة للحيوانات ولو قدمت للحيوان لنفر منها وامتنع عن الشرب لما لها من روائح كريهة، وفوجئت بعدة أمراض جلدية أصابتنى أنا وابنى الصغير، وبالكشف أكد لى الطبيب أنها من آثار استخدام مياه ملوثة وطالب المحافظ بأن يزوره فى بيته ويرى بنفسه شكل المياه ولونها ويتذوق طعمها. يذكر أن الوزير اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية اثناء جولة له لمحافظة الغربية خلال شهر أغسطس الماضى غير مسار زيارته للمحافظة بعد سماع شكاوي المواطنين من تلوث مياه الشرب بحي أول طنطا وقرر لبيب زيارة ميدانية للحي وعمل معاينه لمياه الشرب على أرض الواقع حيث شاهد بنفسه مياه الشرب وأمر بأخذ 3 عينات لتحليلها بالمعامل المركزية لوزارة الصحة واتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة ثبوت تلوث مياه الشرب. إحلال وتجديد وبعرض آراء المواطنين على المهندس أيمن عبد القادر رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالغربية أكد أن الهيئة تقوم بتنفيذ خطة إحلال وتجديد لمجموعات الرفع ومولدات كهربائية لتشغيل المحطات إلى جانب إحلال وتجديد شبكات المياه بأقطار مختلفة ودق آبار ارتوازية وإعادة تأهيل ومعالجة محطتى الصرف الصحى بقريتى نواج ونفيا مركز طنطا. وأشار إلى أن الشركة تقوم بحصر لمحطات المياه الأهلية على مستوى المحافظة لإجراء تحاليل للمياه الصادرة عنها لبيان مدى صلاحيتها للشرب من عدمه وإبلاغ نتيجة التحاليل للجهاز التنظيمى لمياه الشرب والصرف الصحى ومحافظة الغربية لاتخاذ اللازم حيال غلق المحطات المخالفة وغير المطابقة للشروط وأنه سيتم تشكيل لجنة طارئة وفريق عمل بالتعاون مع وزارة الصحة لحصر ورصد المنشآت الصناعية لمعرفة أوضاعها البيئية ومدى وجود وحدات معالجة من عدمه. وأضاف أن الشركة تقوم حاليًا بإنشاء محطة لمياه الشرب بقرية السجاعية لتغذية القرية وقرى الهياتم واللابشيط ودنوشر والعامرية بتكلفة 13مليون جنيه بطاقة، 400لتر/ثانية فى إطار إقامة المحطات لإنتاج مياه شرب صالحة للمواطنين ومطابقة للمواصفات، بعدما انتهت من إنشاء محطة المياه المرشحة بمدينة سمنود بطاقة 51ألف متر مكعب/ يوم. وتم افتتاح المحطة لتخدم قرى مركز سمنود والقرى المجاورة بتكلفة إجمالية 327مليون جنيه. من جانبه، أكد الدكتور على الشاهد مدير الطب الوقائي بمديرية الصحة بالغربية، أنه لا توجد محطات أو مصادر مياه أهلية مرخصة للإشراف عليها على مستوى المحافظة سوى بئر واحد للمياه وهو تابع لشركة بيبسي كولا للمشروبات الغازية. وأشار الشاهد إلى أنه إذا كان هناك محطات أهلية بمدن ومراكز المحافظة وهي غير مرخصة وتعد متابعتها مسئولية مجالس القرى والمدن والأحياء. وأضاف أن محطات المياه الرئيسية والفرعية التابعة لشركة مياه الشرب تخضع للإشراف الدوري من قبل لجان تقوم بتكثيف مراحل أخذ وتحليل عينات المياه بصفة مستمرة للتأكد من مدى صلاحية المياه للاستهلاك الآدمي.