تقارير الاسكندرية صورة من الورقي كقابر ، الانفوشي ، الاسكندرية رئيس قسم الآثار: حلول الحكومة ليست جذرية خليفة: ضمناها لخطة ترميم الآثار مقابر الأنفوشي، إحدى أهم الآثار اليونانية بالإسكندرية، ترجع إلى العصر الثالث قبل الميلاد، وتضم بين أسوارها خمسة مقابر، وساحة تجمع عددًا من القطع الأثرية تم اكتشافها عام 1901م، إلَّا أن واجهت إهمالًا شديدًا من قِبَل المسؤولين على مدى السنوات الأخيرة الماضية. بمجرد دخولك من البوابة الحديدية الخارجية للمقبرة ستواجهك بوابة أخرى إلكترونية للكشف عن المعادن، وفي استقبالك موظفة لتحصيل جنيه واحد رسوم الزيارة، وبعد ابتسامة ترحيب عريضة يتبعها تنبيه بعدم التصوير داخل المقابر، ستطلق لك العنان لتجوب وحدك المنطقة وتتجول بين المقابر، دون أن يرافقك أحد لإرشادك عما تحمله من رموز أو تحذيرك من المخاطر التي قد تواجهك وأنت بالداخل بمفردك. تبدو ساحة المقابر التي تضم بعض الآثار اليونانية القديمة نظيفة إلى حد كبير، إلَّا أن الوضع بالأسفل غير ذلك تمامًا، فبخلاف القمامة التي تكسو مداخل المقابر ومدرجاتها، إلَّا أن الخطر الأكبر الذي يواجهها يكمن في جدرانها التي تساقطت أجزاء منها بفعل الرطوبة والطحالب التي نمت بها، فضلًا عن أرضيتها التي غرقت في المياه الجوفية، وحالت دون إمكانية المرور إلى داخل بعض المقابر كالمقبرة 3 و 5. آلت الأوضاع بمقابر الأنفوشي إلى حالة يرثى لها منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم تتخذ وزارة الآثار أي خطوات فعلية لترميم الأثر وإنقاذه من محو نقوشاته وغرقه بالمياه الجوفية، بالإضافة إلى خلوها تمامًا من الحراسة، وبطبيعة المكان فإنه شديد الظلمة وبالتالي يكون عرضة لأي أعمال غير قانونية تتم في غفلة من موظف الاستقبال. الحاج أحمد مصطفى مالك أحد المحال التجارية المقابلة للمقابر، ولم يزورها إلَّا مرة واحدة فقط عام 1973، وكانت على هيئة هضاب صغيرة، ملأى بأشجار التوت والجميز وتحتوي على بعض الجماجم الأثرية، ويحرسها خفير، إلَّا أنه لم يزورها الآن لانشغاله أو بحسب قوله: "مفيش وقت للكلام ده". محمد محمود شاب في 27 عامًا يسكن بمنزل مواجه للمقابر منذ 13 عام، وعلى الرغم من ذلك، إلَّا أنه لم يزورها إلَّا مرة واحدة فقط منذ عامين، وفوجئ بالمياه الجوفية التي تتشربها أرضيتها، بالإضافة إلى التشديد من قِبَل القائمين على الأثر بعدم ملامسة الجدران؛ حرصًا على عدم تساقط أجزاء منها، ومنع استخدام الكشافات لإضرار انعكاسات الأضواء على المقبرة، وبالتالي لا يرى الزائر أيًّا من الزخارف أو القطع الأثرية. وأشار إلى أن أعمدة الترميم كانت متواجدة بإحدى المقابر منذ عامين، ولم تكتمل حتى الآن، معتبرًا أن الإهمال الذي يشوب المنطقة نتيجة تقاضي الموظفين للرواتب وعدم مباشرة أعمال الحراسة، مضيفًا أن عدد السائحين الذين يأتون لزيارتها قليل للغاية يصل إلى أتوبيس واحد فقط كل شهرين، بما يدعو لضرورة الاهتمام بها لدعم السياحة وزيادة عدد الزائرين، بقوله: لو اهتموا بها هزورها كل يوم، لكن دلوقت هزورها ليه وواحد يقول لي لا تلمس ده ولا تضيء كشافًا. أما طارق محمود، البالغ من العمر 52 سنة، فكان يدفع ل"عم عرفة" حارس المقابر صاغًا واحدًا ليلهو مع أصدقائه داخل أسوار المقبرة وكان حينها يبلغ من العمر 10 سنوات فقط، وكان في أحيان أخرى يقفز من أعلى أسواره التي كانت تحتوي على فتحة لا باب لها، لاصطياد العصافير ولعب الكرة. وكانت تحتوي المقابر، وفقًا لمحمود، على ثلاثة جماجم وخنادق تصل إلى منتصف الطريق، مطالبًا وزارة الآثار بإعادة إحياء الأثر ومنطقة الأنفوشي بشكل عام لتدب الحياة فيه مرة أخرى وتعود أحياء الإسكندرية إلى رونقها الذي كانت تتميز به منذ عشرات السنين. وأكدت الدكتور منى حجاج، رئيس قسم الآثار والدراسات الكلاسيكية اليونانية والرومانية بجامعة الإسكندرية، أن الحالة التي آلت إليها مقابر الأنفوشي سيئة للغاية، ليس فقط بسبب المياه الجوفية وإنما أيضًا مياه الأمطار التي تتخلل الأرضية إلى المقابر، فضلًا عن الخطورة التي تشكلها النباتات وأشجار التين المزروعة في الساحة والتي تتميز بجذور قوية وعميقة اخترقت بالفعل أسقف المقابر، وخاصة المقبرتين الثانية والخامسة. وتعد مقابر الأنفوشي من أكثر المقابر الغنية بزخارفها الملونة، بحسب حجاج، إلَّا أن نقوشاتها مهددة بالتهدم، مشيرة إلى أن المركز الفرنسي للدراسات السكندرية برئاسة جان إيف إمبرير يعمل حاليًا على مشروع ترميم الآثار المتهدمة بالمقبرة الثانية، وجمعية الآثار في انتظار التمويل للبدء في أعمال تطوير المقبرة الخامسة. وشددت حجاج على ضرورة إيجاد حلول جذرية للآثار المتهدمة وخاصة مقابر الأنفوشي، من خلال عدة خطوات تسبق عمليات الترميم، من بينها وضع مضخات دائمة لاستخراج المياه منها وتنسيق الموقع من الخارج الساحة التي تعلو المقابر وإزالة النباتات التي تضر بها بشكل بالغ، على أن توضع في أحواض خاصة بالنباتات متصلة بمواسير صرف، لتصريف المياه وعزلها تمامًا عن المقابر لحمايتها وخاصة الرسوم الجدارية والأسقف وإعادة تنسيقها. وأوضحت حجاج أن وزارة الآثار تسعى إلى ترميم المقبرة الخامسة، إلَّا أنها لم تفكر في إيجاد حلول جذرية للمشاكل التي تواجهها، وما تقوم به مجرد حلول مؤقتة من شأنها عودة الأزمة من جديد. وقال الدكتور يوسف خليفة، رئيس قطاع الآثار المصرية، ل"البديل": تدخل مقابر الأنفوشي ضمن خطة ترميم الآثار وتطويرها، والتي حددتها الوزارة، ونظرًا لأن معظم الأحياء بالإسكندرية توجد أسفلها مياه جوفية، فإن القطاع بدأ في عمل استكشافات حول المقابر؛ تمهيدًا لعمل مصايد حولها والتعامل مع المياه بعد معرفة مدى عمقها من خلال إحدى الشركات التي تجري حاليًا دراساتها لتخفيض نسبة تلك المياه، ثم رفعها وإلقائها بالصرف الصحي مع الاحتفاظ بمنسوب معين. وأضاف خليفة أنه بمجرد الانتهاء من التخلص من المياه الجوفية أسفل مقابر الأنفوشي فإنه سيتم البدأ فورًا في أعمال الترميم، موضحًا أنه على الرغم من الوضع التي آلت إليه المقابر إلَّا أنها خضعت لأعمال الترميم من قبل. وفيما يتعلق بالقمامة التي لا يليق أن تجتمع بموقع سياحي، أشار خليفة إلى أنه سيراعي مسألة النظافة بشكل كبير، وسيجري اتصالًا مع مصطفى رشدي، مدير عام منطقة آثار الإسكندرية، وسيكلفه بأن يتوجه بنفسه إلى المقابر لمعاينتها والتأكد من انتشار القمامة بها وحل تلك المشكلة على الفور.