من عيال يناير، إلى المراهقين سياسيا، وبينهم وابل من الأوصاف الجاهزة، سريعة الالتصاق بكل من ينتمي لثورة 25 يناير، أو يبدي اعتراضا على طريقة إدارة الدولة، ويشرح كيف يسير النظام الحالي في طريق العودة إلى دولة مبارك، بالمناسبة نظام مبارك عاد بالفعل، ولم يعد الأمر مجرد تحليل سياسي أو تنبؤ، أو قراءة مبكرة لخطوات السلطة، بل باتت الشواهد تؤكد ذلك. وحتى لا تكون مراهقاً، أو على أقل تقدير، تحمي نفسك من هذا الوصف، فعليك أن تقبل، بسجن المئات من شباب الثورة، والحكم بالمؤبد على أحمد دومة و229، وغرامة 17 مليون جنيه، في قضية جميعنا يعرف أنهم من براء، وتقبل بسجن علاء عبد الفتاح، وجميلة، ومحمود الشاعر، وغيرهم في قضايا مختلفة. وحتى لا تكون مراهقاً، عليك أن تري الخرطوش يخترق جسد شيماء الصباغ، وهي تحمل الورود، وتري أحد عناصر الشرطة يوجه لها البندقية في الصور، وأن تقتنع بما يردده الإعلام من أن الشرطة بريئة، بل وتقبل باتهام الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الذي تنتمي إليه الشهيدة، بقتلها. وحتى لا تكون مراهقاً سياسيا فعليك أن تستقبل خبر الإفراج عن كل رموز نظام مبارك، وآخرهم نجلي الرئيس المخلوع جمال وعلاء، قبل 25 يناير بيومين بالفرح، أو على أقل تقدير أن تكون صاحب وجهة نظر دعونا ننظر للمستقبل، حتى لو كان هذا المستقبل يرسمه من ثرنا عليهم. وحتى لا تكون مراهقاً سياسياً عليك أن تغمض عينك عن توجهات السلطة، الاقتصادية، وسيرها في طريق "السادات– مبارك– مرسي"، وتقبل بقوانين تؤسس للفساد مثل قانون تحصين عقود الحكومة، وقصر الطعن على طرفي التعاقد فقط، ما يؤسس لحماية فساد في الماضي، وربما حماية فساد في المستقبل، وأن تقبل بقانون الاستثمار، الذي يمنح رئيس الوزراء حق منح أراضي ملك للدولة للمستثمرين مجاناً، أو تري تهافت السلطة على الحصول على قروض من مؤسسات البنك وصندوق النقد الدوليين، وسيرها في طريقة التبعية للغرب. وحتى لا تكون مراهقا سياسيا عليك أن تستقبل قرار الدولة بعدم دعم محصول القطن خلال الموسم الزراعي المقبل سواء للمزارع أو للمغازل، ودعوتها للفلاحين الراغبين في زراعة القطن إلى ضمان تسويقه قبل زراعته، وألا تري هذا القرار تخليا عن الفلاح أو مخالفا للدستور الذي أقر في مادته 29 بمسؤولية الحكومة بتسويق المحاصيل الزراعية اللازمة للإنتاج. وحتى لا تكون مراهقاً سياسياً، عليك أن تقبل برؤية النظام في محاربة الإرهاب، حتى لو كانت قاصرة ولا تعتمد إلا على السلاح، وتفتقر لاسلوب المواجهة الشاملة القائمة على تجفيف منابع الإرهاب من خلال العدل الاجتماعي، ومواجهة الأفكار المتطرفة بالحرية، في كل مواقع المواجهة، في المدرسة والنادي، والمسرح والسينما. وحتى لا تكون مراهقا سياسيا، عليك أن تقبل بقانون انتخابات، كتب بليل بعيداً عن القوى السياسية، يؤسس لعودة نفوذ المال السياسي، ويمثل بوابة خلفية لسيطرة رجال الأعمال على البرلمان. وحتى لا تكون مراهقا سياسيا، عليك أن تشاهد رموز نظام مبارك وفي مقدمتهم، أحمد عز، وهم يجرون الكشف الطبي، استعدادا لخوض انتخابات، كتب قانونها على مقاسهم، وتقبل أن تخوضها معهم. فهل تستطيع أن تقبل بكل ذلك، أنا لا استطيع، فأنا مراهق سياسي.