زادت عمليات التنقيب عن الآثار، بعدما راود أصحابها حلم الثراء السريع، خاصة بعد سهولة الحصول على أجهزة حديثة للتنقيب تباع دون ترخيص، البعض حالفه الحظ وحصل بالصدفة على مبتغاه، وآخرون كان مصيرهم السجون، البعض لقى حتفه أثناء عمليات الحفر والتنقيب، وأناس وقعوا ضحية لمشعوذين وخسارة مئات الآلاف من الجنيهات مقابل استخراج الكنز المزعوم. يقول أمير جمال، منسق حركة سرقات لا تنقطع، إن مصر يوجد بها ما يقرب من مليون شخص يدعى أنه كشاف وقادر على اختراق بواطن الأرض ورؤية ما بها، فيدخلون على من يقع عليه الدور مدخل العارفين بالله وببواطن العلم ولا يطلبون أموالا أو ما شابه ذلك، هنا يستأنس لهم الضحية من خلال الورع والتقوى الذي يظهرونه له، فيستخدم معهم طريقة "الجرار المليئة بالذهب". وأضاف "جمال" أن تلك الطريقة تبدأ حينما يحدد النصاب مكانا فى غرف البيت، باعتبار أنه كشاف ويستطيع رؤية كل الموجود داخل باطن الأرض، وعند تحديد يوم العمل يدخل النصاب تلك الغرفة بمفرده، ويطلق البخور ويردد بالكلمات المبهمة التي يتعمد أن يسمعها كل من خارج الحجرة، وبعد فترة يخرج متظاهرا كمن يبدو منهكا وفى غاية الإرهاق، ثم ما يلبث أن يأمر صاحب المنزل ومن معه أن يحفروا له قبرا فى الغرفة المذكورة بمقاس طول مترين وعرض متر، وبعد الانتهاء من الحفر يأمر بإحضار قماش أبيض يغطى ذلك الحفر تماما ثم يدخل بمفرده الحجرة، ويمارس دجله المعتادة من بخور وكلمات غير مفهومة، ثم يخرج من الغرفة ويطلب منهم أن يدخلوها حتى يروا الكنز، ثم يهرع الجميع لرؤية الكنوز الأثرية ليجدون جرارا، وقد خرجت أعناقها من باطن حفرة القبر. وتابع: عندما يمد بعضهم يديه، يجد عنق الجرار مفتوحة، وبها بعض النقود والعملات الرومانية من الذهب والنحاس، هنا يقول النصاب إنه كاد يسحب الكنز من باطن الأرض، إلا والبخور انتهت منه بالتالي لابد من استحضار بخور لتكملة العمل واستخراج الكنوز التى تقدر بملايين الدولارات، ثم ينصرف تاركا أهل البيت فى حيرة، فيذهبون له، هنا يفاجئ الجميع بأن مبلغ البخور يصل إلى مليون جنيه، خلاف مصاريف السفر للشيخ إلى المغرب بنفسه لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يعرف حقيقة بخور الطقش المغربى. واستطرد منسق حركة سرقات لا تنقطع: بلا تردد يتم جمع المبلغ فورا ويسافر الدجال إلى المغرب مستجما، ويعود ومعه بعض البخور الذي لا يتعدى قيمته 100 درهم، ويدخل الغرفة ويبدأ العمل ثانيا ثم يخبرهم بألا يدخل أحد الغرفة الآن، وغدا سيكمل استخراج الكنز ويتم غلق الغرفة بإحكام، ثم يخرج النصاب ليبلغ الشرطة باسم مستعار أن هناك جماعة يحفرون فى منزلهم وعثروا على كنز فرعونى، فتدهم الشرطة المكان ليجدوا أعناق الزلع كما هى، ويتم تبليغ الآثار التى تكشف المكان فلا تجد به شيئا، وأن أعناق الزلع ليست بفخار، بل نوع من الأسمنت سريع التفاعل مع الماء، وأنها صنعت بفعل فاعل وليست أثرا، وهنا تضيع عليهم المليون جنيه ويختفى النصاب تماما. وأكد أن هناك طريقة أخرى في عمليات النصب، لا تتم إلا باتفاق مع الغفر المنوط بهم حراسة الأماكن الأثرية فى الجبال والوديان، وتسمى "طريقة المقابر الحقيقية"، حيث يتم خلع الباب الحديدى الذى تضعه هيئة الآثار على المقابر الأثرية المكتشفة قديمًا، وتركيب أحجار سميكة مكانها حتى يوهم الضحية أن تلك مقبرة حقيقية، بينما هى أصلاً مقبرة مكتشفة منذ عشرات السنوات، ويأتى بالبائع، ويقول له: هنا مقبرة، فيتم تكسير الحجارة، ويشاهد الجميع مدخل المقبرة، بنقوشها وألوانها التي تبهر أعين الطامعين في الثراء السريع، هنا يتم الدفع فورًا بنصابين، وفجأة يتبخر النصابون فى الهواء ويهربون، ثم ما يلبث الغفر باتفاق مع النصابين أن يظهروا ويبدأوا في إطلاق الأعيرة النارية في الهواء، وهنا يفر المشترون ومن معهم؛ حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون، وفى لحظات يعاد الباب الحديدي إلى مكانه وكأن شيئًا لم يكن، ويقتسم الحراس والنصابون ما تحصلوا عليه نصبًا واحتيالاً.