تعد حركة "فتح" من أولى حركات النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي جزء رئيسي من الطيف السياسي الفلسطيني، وثاني أكبر الفصائل الفلسطينية بعد حركة "حماس" حسب آخر انتخابات، وأكبر فصائل منظمة التحرير. ترمز حركة "فتح" لحركة التحرير الفلسطينية "حتف"، وإذا ما قلبت كانت "فتح"، تأسست الحركة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 واحتلال العدو الصهيوني قطاع غزة، وهنا أيقن الفلسطينيون أهمية الاعتماد على أنفسهم في مقاومة جيش الاحتلال. تأسست خلايا هذا التيار الثوري الفلسطيني في سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج العربي حيث يعمل الفلسطينيون، ويرجع أساس فكرة إنشاء حركة "فتح"، كما يقول أحد قادتها، إلى تجربة "جبهة المقاومة الشعبية"، ذلك التحالف القصير الأجل بين الإخوان المسلمين والبعثيين أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1956، حيث اجتمع نحو 12 شخصًا من أعضاء "جبهة المقاومة الشعبية" في غزة، ووضعوا خطة لتنظيم جبهة في فلسطين كانت حركة "فتح" هي صورته النهائية عام 1961، نتيجة لتوحيد معظم المنظمات الفلسطينية البالغ عددها 35 أو 40 منظمة التي كانت قد نشأت في الكويت نشوءًا عفويًا واندماجها في منظمة كانت قائمة في كل من قطر والسعودية ويقودها "محمود عباس" و"محمد يوسف النجار" و"كمال عدوان" الذين أصبحوا أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وقد قتل الأخيران على يد قوة إسرائيلية في بيروت عام 1973. شرعت حركة "فتح" تنشئ قواعدها في الجزائر عام 1962، وفي سوريا عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري "العاصفة" وتوسعت إلى مئات الخلايا على أطراف دولة إسرائيل في الضفة الغربيةوغزة وفي مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان، بل في الأمريكتين. بدأت الحركة كفاحها المسلح عام 1965 واستمرت في نشاطها العسكري على الرغم من الطوق الذي كانت تفرضه عليها الدول المجاورة لإسرائيل، وفي نهاية عام 1966 ومطلع عام 1967 ازدادت العمليات العسكرية التي كانت تنفذها "العاصفة" الجناح العسكري للحركة آنذاك، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الإسرائيلي إلى الاعتراف بشدة عمليات حركة فتح العسكرية. نتيجة لظهور حركة فتح وتوسعها اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة مثل منظمة "طلائع الفداء لتحرير فلسطين" في 7 سبتمبر 1968، وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني في 13 سبتمبر 1968، وجبهة ثوار فلسطين في 25 نوفمبر 1968، وقوات الجهاد المقدس في 12 يونيو 1969، وأصبحت جميع هذه المنظمات تمثلها قوات "العاصفة"، وانهالت على الحركة المساعدات العسكرية والمادية بعد معركة الكرامة عام 1968 من الدول العربية والأجنبية، ولقيت التأييد في مؤتمر القمة العربي الخامس المنعقد في الرباط عام 1969. تقوم الحركة على مبادئ معينة أعلنتها الحركة منذ انشائها من أهمها أن فلسطين جزء من الوطن العربي، والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها، والشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه، كما أن الثورة الفلسطينية طليعة الأمة العربية في معركة تحرير فلسطين، ونضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم في مواجهة الصهيونية والاستعمار والإمبريالية العالمية، وأن معركة تحرير فلسطين واجب قومي تسهم فيه الأمة العربية بكافة إمكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية، والمشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأممالمتحدة أو مجموعة من الدول أو أي دولة منفردة في شأن قضية فلسطين والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضة، والصهيونية حركة عنصرية استعمارية عدوانية في الفكر والأهداف والتنظيم والأسلوب. يعتبر "ياسر عرفات" من أبرز الأسماء في تأسيس "فتح" وتوحيد مركزيتها عام 1962، وظل "عرفات" يشغل منصب القيادة في حركة فتح حتى وفاته في 2004، وبعد وفاة "ياسر عرفات" انتخب "محمود عباس" خلفًا له في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، واختير "فاروق القدومي" لرئاسة فتح، ثم اختير "محمود عباس" رئيساً لفتح فيما بعد. مع الوقت انتهجت حركة "فتح" مسار المفاوضات والتي تتوجت بتوقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، حيث وافق المجلس الوطني لمنظمة التحرير متمثلا بقيادته فتح وبحضور الرئيس الأمريكي السابق "بل كلنتون"، على إضافة المفاوضات بجانب الكفاح المسلح للوصول إلى سلام عادل وشامل وتم الاعتراف بإسرائيل وبحقها في الوجود، وأدخلت تعديلات على ميثاقها الوطني فحذفت البنود المتعلقة بإزالة إسرائيل من الوجود وما يتعارض مع اتفاق أوسلو واعترفت بحق إسرائيل في الوجود على 78% من أرض فلسطين. حصل ممثلوا حركة فتح على الأكثرية البرلمانية في الانتخابات التشريعية في 20 يناير 1996، محتلين 55 مقعدًا من أصل 88 مقعد، وفي الانتخابات التشريعية في 25 يناير 2006، خسرت الحركة الأكثرية البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني لتفوز بها حركة حماس، مع احتفاظ فتح بالرئاسة الفلسطينية، وفي الانتخابات التشريعية في أبريل 2006 خسرت حركة فتح أغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني لصالح حركة حماس، حيث حصلت على 45 من أصل 132، أما حركة حماس فقد حصلت على 74 مقعدا من أصل 132، وتشكلت حكومة فلسطينية ليس على رأسها فتحاوي لأول مرة. نشبت أزمة سياسية بين حركتي فتح وحماس، فمنذ خروج حركة حماس من رحم الإنتفاضة الأولى عام 1987 لم تتوقف الحرب والإتهامات المتبادلة بين حماس وفتح، والتي ظلت تدور حول مسألة التمثيل والشرعية الفلسطينية ومن يقود الشارع في فلسطين، وتراوحت المنافسة بين الطرفين من إعتقالات وتعذيب وتهميش إلى أن وصلت للمواجهة في يونيو 2007، وقامت حماس بفرض سيطرتها على القطاع بشكل كامل. ظلت الخلافات بين الحركتين مستمرة لسنوات، ومحاولات الدول العربية للصلح بينهم وتوحيد الصف الفلسطيني أخذ الكثير من الوقت، حتى تم الإعلان في 23 أبريل 2014 أن اجتماعات بين حركة فتح وحركة حماس خلال يومين أفضت إلى إتفاق على المصالحة بين الطرفين، والإلتزام بإتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، والعمل على إنشاء حكومة توافق وطني تعلن خلال 5 اسابيع، وإجراء إنتخابات بعد 6 أشهر على الأقل من تشكيل الحكومة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني, وبالفعل تم إنشاء حكومة وفاق وطني تعمل على توحيد الجهاد الفلسطيني، لكن الخلافات السياسية لم تنتهي تماماً بين الحركتين.