من المعروف أن معظم خامات بنرات الدعاية الانتخابية يتم استيرادها من الصين، وتأتي عن طريق مستوردي الجلود، حتى تصل إلى أصحاب المطابع، وتختلف اللافتة عن البنر الضخم الذي يكون مثبتًا على الطرق السريعة وداخل المدن، وكله بثمنه، وفى مصر لا يوجد رقم محدد لتكلفة الإنفاق على الدعاية الانتخابية، خاصة أن معظم المرشحين لا يلتزمون بنص القانون، ويستطيع أى مرشح ببساطة أن ينفق الملايين؛ بحجة أن أهالي الدائرة قاموا بمجاملته. محمد شاكر صاحب مطبعة دعاية وإعلان قال إن سعر المتر الواحد من لافتات بنر الدعاية الانتخابية العادي لا يقل عن 20 جنيهًا، وهناك أنواع رديئة يصل سعر المتر فيها إلى 10 جنيهات، وهذا يكون من أردأ المواد الخام المنتشرة في السوق، وهذا النوع عليه إقبال، خاصة في الأماكن الشعبية والعشوائيات؛ لرخص ثمنه. أما سعر المتر في البنر الجيد فيتراوح بين 30 و50 جنيهًا، تضاف له تكلفة الاستاندات الخشبية أو المعدنية، فمثلاً البنر 3 في 4 يصل سعره شاملاً التركيب إلى 450 جنيهًا. أما عن البنرات الضخمة المعلقة على الطرق السريعة وداخل المدن "الشاسيهات" فيتم تأجيرها بالمتر، فسعر المتر على الطرق السريعة يصل إلى ألفي جنيه. أما داخل المدن فيصل أحيانًا إلى 5 آلاف جنيه، فمثلاً الشاسيه 5 في 5 تصل تكلفته إلى أكثر من 100 ألف جنيه. وهذه النوعية من الدعاية لا يستطيع استخدامها إلا رجال الأعمال أو مرشحو الرئاسة. ويكمل شاكر كلامه قائلاً "أقل مبلغ يمكن أن يدفعه مرشح في البنرات الانتخابية لا يقل عن 150 ألف جنيه، بخلاف تكاليف الاستاندات المعدنية والخشبية غير تكاليف التركيب". وأشار شاكر إلى أن "غالبية نفقات دعاية الانتخابات للمرشحين غير المعروفين تكون عن طريق المجاملات للمرشح من خلال أقاربه وأصدقائه وجيرانه، فأحيانًا يقوم احد أصدقائه بعمل 20 بنر، وآخر يقوم بطباعة 10، وهكذا". أما عمن يتولى الإنفاق على دعايا المرشحين الانتخابية ودفع تكلفة طباعة البنرات فيقول "يكون ذلك عن طريق أحد القائمين على الحملة الانتخابية للمرشح، والتي تتجاوز أضعاف أضعاف المرشح العادي، وتتخطى بكثير القواعد التي حددتها اللجة العليا للانتخابات التي تلزم كل مرشح بعدم تجاوز مبلغ معين، خاصة مرشحي الحزب الوطني والإخوان". وأضاف الدكتور محمد هلال مسئول الحملة الاتخابية لأحد مرشحي الحزب الوطني السابقين إن إنفاق المرشح يتراوح بين 200 ألف ومليون جنيه، ويستعين المرشحون بالبلطجية؛ لمساعدتهم في التصدي لأي تجاوزات من الخصوم والمرشحين المنافسين وحماية الدعاية الانتخابية والبنرات وتأمين المرشح في جولاته الانتخابية، مشيرًا إلى أن الحملات الانتخابية للمرشحين تقوم بالاتفاق مع مقاول بلطجية؛ لاستئجار عدد منهم لحماية الدعاية الانتخابية للمرشح مقابل 100 جنيه يوميًّا للفرد. وقال فتحي بدر من مركز بسيون ومرشح شباب الثورة في برلمان 2011 "إن الغريب في الأمر أن الموعد القانوني لبدء الدعاية الانتخابية 2015 لم يبدأ بعد، ولم يعرف المرشحون ما هي دوائرهم، فقانون تقسيم الدوائر لم يتم التصديق عليه بعد من الرئيس السيسى، الذى يمكن أن يقوم برفضه، أو يطالب بتعديله، والمضحك في الأمر أن اللافتات الانتخابية مدون عليها أن فلانًا مرشح لمجلس الشعب عام 2014، وقد ألغي مجلسا الشعب والشورى، والبرلمان هو مجلس النواب بنص الدستور، والانتخابات في 2015، وهذا يوضح مدى جهل المرشحين بالدستور ومجريات الوضع السياسي". وتابع "لم نجد في يوم من الأيام رقيبًا أو حسيبًا على نفقات الدعاية، فالقانون في هذه الناحية غير مفعل بالأساس؛ لأن أصحاب الملايين يوزعون الرشاوي الانتخابية من أموال وتوفير تعيينات وهمية للشباب العاطل، مستغلين حاجة الناس الغلابة لتحقيق شعبية، وهم يتخيلون أنهم بذلك يمكنهم شراء الناس بالمال الحرام الذي امتصوه من دماء وعرق وأموال الشعب واستغلال مناصبهم الإدارية". من جانبه قال الدكتور خالد الوكيل أستاذ الاجتماع بجامعة الأزهر إنه لا توجد آلية حقيقة لضبط الإنفاق على الدعاية الانتخابية، خاصة في ظل وجود تنافس قوي بين مرشحين رجال أعمال وأحزاب واتساع الدوائر الانتخابية، كما أنه لا يوجد رقم محدد لتكلفة الإنفاق على الانتخابات، خاصة أن المرشح لن يلتزم بنص القانون، ويستطيع أن ينفق الملايين لمجرد أن أهالي الدائرة قاموا بمجاملته. وأكد الوكيل أن هذا كله يقتح الباب لعودة رموز ورجال أعمال الحزب الوطني عبر استخدام الأموال في الرشاوى وشراء الأصوات والضمائر واستئجار البلطجية، مطالبًا الدولة بإلزام جميع المرشحين بتقديم فواتير عن مجمل تكاليف الدعاية الانتخابية، على أن تقدم تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى مجلس الشعب مع بداية دورته.