بعد مرور عدة أعوام على قطع بعض الدول علاقتها الدبلوماسية مع سوريا، اتضح المشروع الأمريكي لتقسيم دول منطقة الشرق الأوسط من خلال ما عُرف ب"الربيع العربي"، لكنه بعد محاولات عديدة استمرت لسنوات بهدف عزل النظام السوري وإسقاطه بقيادة الرئيس "بشار الأسد"، شهدت الساحة السياسية السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية تحولا بالغا في مواقف عدد من الدول نحو الأزمة في دمشق، حيث سعت بعض الدول العربية والأوروبية إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بعد أن تفهمت أن محاربتها للحكومة السورية ومساندة الجماعات المسلحة لن تجدِ نفعاً، لتدرك أن قرار القطيعة مع سوريا كانت متسرعة. مصر وسوريا منذ سقوط نظام الإخوان المسلمين في القاهرة، بدأت العلاقات المصرية السورية تأخذ منحنى آخر، خاصة بعد اتفاق الجانبين على عدة مبادئ أهمها رفض الحكم الإخواني والعداوة الحالية مع الرئيس التركي "أردوغان"، اتضحت ملامح هذا التطور بعد فوز الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بالرئاسة، حيث أرسل الرئيس السوري "بشار الأسد" برقية تهنئة إليه، كما ناشدت "الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر" في مبادرة لها الرئيس "عبد الفتاح السيسي" بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية السورية، وأكدت أن الهدف منها جمع التوقيعات التي تعبر عن إرادة الشعب المصري في استعادة العلاقات، ونصت المبادرة على ضرورة الإلمام العميق بحقائق ومعطيات الجغرافيا التي ربطت بين مصر وسوريا بوشائج لا مثيل لها بين دول المنطقة والعالم منذ فجر التاريخ الإنساني، والتي وحدتهما في مواجهة استعمار البر منذ عهد الفراعنة، من هكسوس- حيثين- مروراً بالاستعمار العثماني الهمجي وحتى نصر أكتوبر". كان الرئيس المعزول "محمد مرسي" قد أعلن خلال يونيو 2013 عن قطع العلاقات تماماً مع النظام السوري، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا، وذلك في كلمة ألقاها أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا باستاد القاهرة في مؤتمر "نصرة سوريا". عُمان وسوريا أعلنت سلطنة عُمان عزمها على إعادة تفعيل وتنشيط دور السفارة في دمشق وإرسال سفير ليتولى المهمة الدبلوماسية فيها، على الرغم من أن سلطنة عمان لم تغلق سفارتها في سوريا وهو الأمر الذي يخالف قرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بمقاطعة النظام السوري، لكن العلاقات بين السلطنة وسوريا تسير بشكل طبيعي بعكس باقي دول الخليج. الكويتوسوريا بعد الإعلان العُماني بعدة أسابيع، أعربت الكويت عن نيتها أن تكون أول دولة من الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع سوريا التي تعيد هذه العلاقات، وترسل سفيراً ليشغل هذه الصفة في سفارتها بدمشق، وبالفعل منحت الكويت تأشيرات دخول لثلاثة دبلوماسيين سوريين للعودة إلى العمل في سفارة بلادهم ولإعادة افتتاحها ورعاية الجالية السورية الموجودة بالكويت والتي يبلغ عددها حوالي 130 ألفاً، وكانت الكويت قررت في فبراير عام 2012 سحب سفيرها من سوريا، وطلبت من السفير السوري مغادرة البلاد تنفيذاً لقرار مجلس التعاون الخليجي، وفي أبريل الماضي، أغلقت السفارة السورية أبوابها بعد قرار الحكومة السورية بإغلاق سفارتها في الكويت. تونسوسوريا أما تونس فقد أعادت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا على استحياء من خلال إعادة فتح مكتب لها في العاصمة السورية بدمشق لرعاية شئون أكثر من 3000 مواطن تونسي، وتعتبر تونس من أوائل الدول التي قطعت العلاقات مع سوريا، حينما اتخذت حكومة الترويكا السابقة التي حكمت تونس بعد الثورة قرارا في 6 فبراير 2012 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق وطردت السفير السوري من تونس واستدعت السفير التونسي من دمشق. السعودية وسوريا تصريحات وزير الخارجية السعودي "سعود الفيصل" الأخيرة في بروكسيل بشأن الأزمة السورية، وقوله أن التصدي للإرهاب يتطلب جهدًا متواصلًا، ولفت إلى ضرورة تقوية قوى الاعتدال والسعي لضمها مع قوات الجيش السوري في إطار هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في إعلان "جنيف1″، يدل على التغير في موقف المملكة التي كانت ترفض في الماضي رفضاً قاطعاً أي تعاون من "الأسد" أو الجيش السوري، كما اتخذت المملكة قرارا بإغلاق مكتب قناة "وصال" في الرياض، ومنع أي بث لها من المملكة، وهى القناة التي كانت تهاجم نظام "بشار الأسد" باستمرار، وتعمل على جمع تبرعات للقوى المعارضة المسلحة في سوريا. الدول الأوروبية أعادت إيطاليا وإسبانيا وألمانيا الاتصال بالنظام السوري، لبدء الترتيبات اللوجستية كما قامت بإرسال بعثات استطلاعية لدراسة الاحتياجات الأمنية لسفاراتها في دمشق، وقالت عدة مصادر في سوريا إن واشنطن قررت فتح سفارتها وتعيين سفير في دمشق خلال الربيع المقبل، وأن هذا القرار كان أحد أسباب استقالة وزير الدفاع "تشاك هاجل".