قال المستشار محفوظ صابر وزير العدل، إنه يأمل في تحقيق حلمه المتمثل في إنشاء أكاديمية للقضاة؛ يقضي فيها أوائل كليات الحقوق بجميع الجامعات المصرية فترة إعداد تتراوح من عامين إلى ثلاثة أعوام، قبل الالتحاق بالسلك القضائي، لافتا إلى عرض المشروع على وزارة المالية، فضلا عن التواصل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لإنشاء هذه الأكاديمية. «هولنداوالأرجنتين».. أنجح دول العالم في تطبيق أكاديمية القضاة وطُبقت تجربة أكاديمية إعداد القضاة في عدد من دول العالم، ونجحت في الكثير منها؛ لأنها تكون بمثابة التقويم الجيد للمحامي أو طالب الحقوق فور تخرجه. وجاءت هولندا على رأس الدول التى نجحت فيها أكاديمية القضاة، من خلال إنشاء جامعة مخصصة تسمى "لاهاي" تتولى نشر الثقافة القانونية في المجتمع، وتهيئة الكوادر في مختلف فروع القانون؛ وذلك للإسهام في خدمة المجتمع، ورفع الوعي القانوني لديه. وتهدف كلية القانون في هولندا إلى تأهيل الخريج وتحصينه بالعلوم القانونية وتمكينه منها، وأن يكون على معرفة تامة بأحكام القوانين السارية، وأن يستوعب مضمون تلك الأحكام وصلتها بواقع الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وعلاقة الدولة بالعالم من حيث التنظيم القانوني الدولي. أما الأرجنتين، فكانت ولا تزال من أنجح الدول في تطبيق تلك التجربة، حيث يشبه النظام القضائي الأرجنتيني نظيره في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتلعب المحكمة العليا دورًا بارزا في تفسير الدستور وتحديد مدى موافقة القوانين له، ومع تحوُّل الأرجنتين إلى الديمقراطية في عام 1973، قدَّم قضاة المحكمة العليا الخمسة استقالتهم قبل تنصيب الرئيس «راؤول ألفونسين» بأيام قليلة؛ ليفسحوا الطريق لخطة طموحة لإصلاح القضاء. وكانت من ضمه خطة إصلاح القضاء هو العمل على إنشاء أكاديمية خاصة بتأهيل المحامين بأسس القضاء والإصلاح الذي يريدونه كما ينبغى. يقول الدكتور محمد عبد الفتاح، أستاذ القانون الدستوري، إن إنشاء أكاديمية لإعداد القضاة في مصر أمر مهم جداً، حيث إنها فكرة مطبقة في معظم دول العالم، مؤكداً أن هذه الأكاديمية ستكون لإعداد رجل القضاء قبل توليه المنصب، وبذلك تكون بداية جديدة للإصلاح القضائي في مصر. وأضاف "عبد الفتاح" أن النظام القضائي في أي دولة ركنًا مهمًا في نظامها السياسي، ومؤشرًا صادقًا على ديمقراطيتها والعدالة التي تقدمها لمواطنيها، موضحًا أن اهتمام وزير العدل بخطوة مثل تلك، يعد أمرا جيدا، لكن يحتاج إلى التطبيق والتفعيل. من جانبه، أكد المستشار محمد الجمل، رئيس مجلس الدولة سابقًا، أن مقترح إنشاء أكاديمية للقضاة أمر مازال قيد المناقشة، خاصة أن المقترح الذي قدم حتى الآن، مطاطي ولا يحتوى على تفاصيل كاملة عن خطة تلك الأكاديمية، مشيرًا إلى أن العاملين بالقضاء ليسوا من خريجي كلية الحقوق العاديين، إنما هم طلاب ناضلوا من أجل الحصول على درجات مميزة في الكلية. وعلى الجانب الآخر، أوضح الدكتور أحمد رفعت، الخبير في القانون الدولي، أن إنشاء أكاديمية تخص القضاء في مصر، هي فكرة جيدة، لكنها تكلف الدولة عبئًا اقتصاديًا كبيرا، خاصة أن مصر في هذه الظروف لا تتحمل أعباء إضافية، مضيفا أنه من الأفضل تطوير معهد الدراسات القضائية، وبهذا الشكل يكون التأهيل أعمق بدلًا من إنشاء أكاديمية. واختتم "رفعت" بأن المشكلة ليست في المسميات عن تواجد هيئة أو كلية للقضاة، بقدر ما المسألة تتعلق بضرورة وجود دراسة متعمقة عن العمل القضائى؛ من أجل إفراز قضاة متميزين خلال الفترة المقبلة؛ لأن خريجي الحقوق لا يمتلكون خبرة تدريبية كافية، خاصة أن الدولة تخرّج في السنة آلاف من المحامين غير فعالين.