فتاة لبنانية لم تتجاوز ال 17 عاما عندما نفذت أول عملية استشهادية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في جنوبلبنان، رغم صغر سنها كانت "سناء محيدلي" واحدة من أبرز كوادر الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولدت "عروس الجنوب" في 14 أغسطس 1968 في بلدة عنقون جنوبلبنان، أما هذا اللقب فقد أطلق عليها بناء على وصية سجلتها عبر كاميرا للفيديو وتم إذاعتها في عدد من وسائل الإعلام المحلية والعربية بعد تنفيذ العملية. جاء في مقطع الفيديو الذي تم بثه على شاشات التلفاز اللبناني "أنا الشهيدة سناء محيدلي عمري 17 سنة، أنا من جنوبلبنان المحتل المقهور ومن الجنوب المقاوم والثائر، من جنوب المقاومة من جنوب الشهداء من جنوب الشيخ راغب حرب من جنوب عبدالله الجيزي وحسن درويش ونزيه قبرصلي وبلال فحص وأخيراً وليس آخراً من جنوب الشهيد البطل وجدي الصايغ، أنا أخذت هذا القرار من ضمن مجموعة قررت الاستشهاد في سبيل تحرير أرضنا وشعبنا لأنني رأيت مأساة شعبي في ظل الاحتلال من قهر وظلم وقتل أطفال ونساء وشيوخ وتهديم منازل فقررت عندها القيام بعملية الفداء وأنا مرتاحة جداً لأنني سأنفذ هذه العملية التي اخترتها أنا كي أقوم بواجبي نحو أرضي، وإنني أطلب من جميع شابات وشباب بلادي أن يلتحقوا بصفوف المقاومة الوطنية لأنها وحدها قادرة على طرد العدو من أرضنا وإنني أمل أن أنجح في عمليتي هذه كي أقتل أكبر عدد ممكن من جنود العدو فتتعانق روحي مع أرواح كل الشهداء اللذين سبقوني وتتوحد معهم لتشكل متفجرة تنفجر زلزالاً على رؤوس جيش العدو". في يوم 9 أبريل 1985، كانت "محيدلي" تقود سيارة بيجو بيضاء اللون وعند حاجز عسكري لقوات الاحتلال الصهيوني في منطقة "باتر – جزين" حيث الطريق نحو الجنوباللبناني، تفجرت السيارة التي كانت تحمل بداخلها 200 كيلو جرام مواد متفجرة، ومن هنا أصبحت عروس الجنوب صاحبة أول عملية استشهادية ضد الاحتلال في الجنوب. العملية الفدائية التي نفذتها "محيدلي" أحدثت ثورة في متابعة وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية للعملية، نظرا لأنها أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف قوات العدو الصهيوني بلغت نحو 50 شخصا بين قتيل وجريح، فضلا عن حالة الهلع والذعر التي أوجدتها بين جنود الاحتلال عقب تنفيذ العملية. أوصت عروس الجنوب قائلة "أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط، أنا لم أمت، بل حية بينكم اتنقل أغني أرقص، أحقق كل أماني، كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطولية التي قدمتها، أرجوكم لا تبكوني لا تحزنوا عليّ، بل افرحوا.. اضحكوا للدنيا، طالما فيها أبطال، أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيه من دمي وحبي، آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي، التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم، يتقدمون غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا يكون الأبطال، إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف، آه أمي كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي من اللحم ودمي يهدر في تراب الجنوب من أجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة، وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب". منذ تفجر سيارة "محيدلي" داخل حاجز قوات الاحتلال عام 1985 وحتى 2008 الماضي، ظلت إسرائيل محتفظة بأشلاء عروس الجنوب إلى أن تم إعادة رفات الشهيدة اللبنانية عن طريق حزب الله خلال مفاوضات تبادل الأسرى، ليتسلم ذوي "محيدلي" خلال شهر يوليو من 2008 رفات الشهيدة عبر الحزب القومي السوري الاجتماعي ويتم دفنه في مسقط رأسها ببلدة عنقون. رغم أن عروس الجنوب رحلت عن عالمنا هذا منذ 29 عاما، لكنها ما زالت خالدة في ذاكرة تحرير الجنوباللبناني، وستبقى جزءا لا يتجزأ من أسباب التحرر والانتصار على قوات الاحتلال الصهيوني التي تم تتويجها بمعركة الكرامة في حرب لبنان الثانية 2006، لقد اختارت "محيدلي" منذ البداية دون تردد أن تسير في درب المقاومة والشهادة، لترقد بجوار هؤلاء الشرفاء الذين ضحوا بأنفسهم لأجل الوطن وقضيته.