انتفض الشباب المصري في ثورة 25 يناير؛ من أجل تحقيق مطالبهم «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، ولم تكن كسابقاتها من الثورات، حيث تختلف في الشكل والمضمون عما قبلها؛ لأنها الثورة الأولى التى خرجت على حاكم مصري من طينة الشعب على خلاف غيرها، فضلا عن أنها قامت دون قائد ترجع إليه ويكون معبِّرًا عنها. أدرك الشباب وقتها أن تسمية قائد للثورة، يعني صناعة فرعون آخر، يهدم ما سيتم بناؤه، فقرر المنتفضون أن تكون ثورتهم شعبية وبلا قائد، وعلى الرغم من صحة موقفهم في ذلك الوقت، إلا أن شباب الثورة في الوقت الحالي يقبع أغلبهم خلف القضبان بتهم تتعلق بالحريات، ولعل أبرزهم أحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وغيرهم من الشباب. وتكرر الأمر فى ثورة 30 يونيو، فلم يختلف الوضع كثيرًا عن نظيرتها فى 25 يناير، فالشباب الذي دعا إلى التمرد على جماعة الإخوان في مصر، كانوا غير طامحين في أي مكاسب سياسية، سوى عزل الإخوان، وفور تحقيق المراد، أصبح المشهد ضبابيًا بالنسبة لهم، ليصبح الانقسام والتفتت سمة المشهد العام، فمنهم من اعتزل الحياة السياسية، ومنهم من سار فى ركاب السلطة، وآخرون خلف القضبان. إعدام جميع قادة «ثورة القاهرة الأولى» خرجت ثورة القاهرة الأولى على الحملة الفرنسية عام 1798م، عندما نادى مؤذنو مساجد القاهرة بعد صلاة الفجر بالثورة، فبدأ المصريون الاحتشاد في الجامع الأزهر الذى كان معقلاً لهذه ثورة، تعتبر الأولى من نوعها في العصر الحديث بمصر. وكانت أسباب الثورة معروفة، أهمها استغلال نابليون، واستحكام قبضته، وزيادة قيمة الضرائب، ومصادرة أموال التُّجَّار والأعيان، وتخريب بعض المساجد بحجة تحصين مساجد القاهرة. لم تستمرّ الثورة أكثر من ثلاثة أيام، دخلت بعدها خيل نابليون صحن الجامع الأزهر وكسرت قناديله، واحتلته بالخيول لعدة أيام، وتم القبض على مشايخ الأزهر الذين كانوا قادة للثورة، وتم إعدامهم جميعًا، وكانوا ستة علماء. «ثورة القاهرة الثانية».. قادتها بين نفى وسجن وإعدام بعد فشل ثورة القاهرة الأولى، تفجرت ثورة ثانية على الاستعمار الفرنسي لمصر، كانت هذه المرة بقيادة الأعيان والتجار بالمشاركة مع علماء الأزهر أيضًا، استمرت هذه الثورة شهرين كاملين، لكنها أخمدت في النهاية، ولم يكن نصيب قادتها هذه المرة أفضل من سابقتها، فقد أعدم القائد "كليبر" بعض قادتها أمثال الحاج مصطفى البشتيلي، وصادر أملاك أحمد المحروقي، وسجن الشيخ السادات بالقلعة، كما صادر أملاك نقيب الأشراف عمر مكرم، الذي هرب خارج مصر بعد فشل الثورة. سعد زغلول.. مفجر ثورة 19 يعتبر سعد زغلول، أحد أبرز قادة الشعب المصري في التاريخ الحديث، فالرجل بخطبةٍ منه كان يستطيع أن يشعل الشارع المصري بالمظاهرات، وبخطبةٍ أخرى يستطيع تهدئة الجماهير الغاضبة، فأثناء وبعد اندلاع ثورة 1919 ضد المحتلّ الإنجليزي، كان سعد زغلول هو الممثل الوحيد للمصريين إلا أنَّ الملك والمحتلّين لم يعجبهم هذا الموقف؛ فتم نفيه، لكنّ الثورة اندلعت مرةً أخرى فعاد إلى مصر. تمّ تكليفه برئاسة الوزراء عام 1923 بعدما فاز حزب الوفد بأغلبية مقاعد البرلمان، لكنّ هذا لم يستمرّ أيضًا، حيث قدم استقالته بعدها بشهور لإحراج القوات البريطانية له بعد مقتل "السير لي ستاك" قائد الجيش المصري حينها، فاستقال من رئاسة الوزراء ثم عين رئيسًا للبرلمان، وتوفي عام 1927، وبهذا تنتهي حقبة سعد زغلول التي لم ينجح فيها الرجل نجاحًا كاملاً، ولم يفشل فيها فشلاً نهائيًّا. قادة ثورة 25 يناير خلف القضبان وبقليل من التأمل في حال الحركات السياسية والشباب الثوري الذي فجر ثورة 25 يناير، وكانوا من أول الداعيين لها سواء حركة شباب من أجل العدالة والحرية، و6 إبريل وشباب الثورة وغيرها من الائتلافات الشبابية، نجدهم إما اختفوا من على الساحة السياسية مثلما حدث مع وائل غنيم، أو خلف القضبان كأحمد دومة وأحمد ماهر. وعن ذلك، يقول الدكتور محمود سلمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تواجد الشباب الذي دعا إلى ثورة يناير في الوقت الحالي خلف السجون بتهم تتعلق بالحريات، يعد انتصارا حقيقيا للثورة المصرية، مشيرًا إلى أن تاريخ الثورات في كافة البلدان، يؤكد أن الثورة لابد أن تعاني من معارك في طريقها مثلما يحدث الآن. وأضاف "سلمان" أن تواجد عدد من الشباب الثوري داخل السجون من أجل التظاهر، لا يدين الشباب بقدر ما يدين السلطة الحالية في التعامل القمعي معهم، مطالبا الشباب بالاستمرار في نضالهم وطريقهم الثوري؛ من أجل تحقيق ما يريدونه من نضال حقيقي وحرية حقيقة تنادي بها كافة دول العالم. قادة 30 يونيو اختاروا تأييد النظام للنجاة من مصير الثورات أما ثورة 30 يونيو، فلازال الوضع مجهولا بالنسبة لها، فقادتها يعانون من انقسام واضح، فمنهم سار في طريق تأييد السلطة الحالية، وسميت بمجموعة "تمرد بدر" والتى عقدت العديد من الاجتماعات مع مؤسسة الرئاسة، وكانت بمثابة محاولة استقطاب من المؤسسة لهم ونجحوا في ذلك، وأصبحت تلك الفئة هي الآمنة، ومنهم من اختار الصف الثوري وأسس جبهة 30 يونيو، لكنها لم تهتم بالسياسة بقدر ما تهتم بالجزء التوعوي لشباب مصر. من جانبها، أكدت الدكتور هالة فرج، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، أن اختيار شباب تمرد تأييدهم للنظام الحالي على الرغم أنهم كانوا يقفون في صفوف المعارضة للإخوان، ينبئ بأمور كثيرة يحاول الإخوان استغلالها في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن تأييد تمرد للنظام الحالي يعكس للجميع أنه كان هناك تعاون من أجل الانتفاضة ضد الإخوان.